الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف - 2 أو الدمار الشامل

جنيف - 2 أو الدمار الشامل

03.11.2013
سميح صعب


النهار
السبت 2/11/2013
تتمثل العقبة الاساسية في عدم حسم موعد مؤتمر جنيف - 2 في غياب التوافق الاقليمي على عقده، إذ ترى دول الخليج العربية بنسب متفاوتة ان انعقاد المؤتمر الآن يعني ببساطة الدخول في تسوية مع الرئيس بشار الاسد، وهذا ما تحاول تجنبه بشتى الطرق مراهنة في الوقت عينه أن دعماً عربياً ودولياً بالسلاح والمال للمعارضة السورية المعتدلة يمكن ان يقلب الموازين العسكرية على الارض ويجعل الاسد على الاقل يقبل بتسوية على طريقة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، أي الخروج الآمن من السلطة.
ولعل هذه نقطة الخلاف الجوهرية التي تحول حتى الان دون موافقة السعودية على جنيف-2، بينما يصدر عن وزير الخارجية الاميركي جون كيري كلام يؤيد عقد المؤتمر في سياق اتفاق اوسع مع روسيا ينص على تدمير ترسانة سوريا من الاسلحة الكيميائية وربما التحضير لاتفاق اشمل يضمن تسوية للملف النووي الايراني ليحدث نوع من الربط الموضوعي بين ملفات النزاع في المنطقة.
ورداً على موقف الرياض، يحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بينما كان الابرهيمي يلتقي الاسد، من ان استمرار الرهان على قلب النظام السوري بالقوة، سينعكس سلباً على كل دول المنطقة. واذا كان كلام لافروف لا يحتاج الى ايضاح المقصود به، فإن زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لواشنطن تبعث برسالة اوضح الى الخيارات البديلة لادارة الرئيس باراك اوباما في حال استمرار الخلاف الاميركي - السعودي، فكم بالحري اذا حدث اختراق في العلاقات الاميركية - الايرانية.
تدل الاحداث الجارية في المنطقة على ان لا شهية لاميركا لشن حروب جديدة. وواضح ان سوريا كشفت حدود القوة الاميركية في العالم، وما يمكن اميركا ان تقدم عليه من الان فصاعداً وما يمكن ان تحجم عنه. ولا يبدو ان الاتهامات لاوباما بالضعف والتخاذل او الانعزالية او الانهزام او الهروب من الشرق الاوسط، يمكن ان تغير في واقع كون الولايات المتحدة لم تعد وحدها في العالم وان ثمة قوى اخرى استعادت قوتها كروسيا او هي تبني قوتها مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا.
ولم يعد النظام العالمي الجديد عالماً افتراضياً، بل صار عالماً واقعياً يترسخ اكثر فأكثر. وفي عالم كهذا يصير العتب الخليجي على اوباما لأنه لم يستخدم القوة لاسقاط الاسد، كما اسقط سلفه جورج بوش صدام حسين في العراق عام 2003، أمراً غير واقعي، بينما تقتضي القراءة السياسية الواقعية وليس المثالية لاحداث المنطقة، الانخراط في الجهود الدولية من أجل تسهيل الحل السياسي في سوريا، وذلك تجنباً لسيناريوات اسوأ ليس اقلها تفتيت المنطقة تماماً على اسس طائفية ومذهبية وعرقية.