الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف 2: أزمة أم حل؟

جنيف 2: أزمة أم حل؟

12.11.2013
عائشة المري



الاتحاد
الاثنين 11/11/2013
زخم دولي كثيف لعقد مؤتمر جنيف 2 الهادف لحل الأزمة السورية المستمرة منذ ما يقارب العامين ونصف العام، فيما يبدو أن الحل السياسي للأزمة هو الخيار المفضل للأطراف الدولية فيما تتضاءل فرص الحسم العسكري للصراع بالنسبة للنظام السوري أو للمعارضة السياسية للنظام، فبعد التصعيد العسكري والتهديدات بضربة أميركية عادت أجواء التهدئة والبحث عن حلول سلمية للأزمة حيث انتهى قرع طبول الضربة العسكرية الأميركية في قمة سان بطرسبورغ حين تم الاتفاق بين الرئيسين الأميركي والروسي على حل سلمي للأزمة، وعلى نزع الترسانة الكيماوية السورية، فكان صدور قرار مجلس الأمن رقم 2118 الذي يطالب كذلك بعقد مؤتمر جنيف الثاني في أقرب وقت ممكن حتى تتزامن عملية إزالة الأسلحة الكيماوية مع عملية سياسية لإنهاء النزاع في سوريا.
وعودة إلى صيغة جنيف 1 التي تعتبر الأساس لعقد جنيف 2 فقد حملت صيغاً غامضة وفضفاضة قد تحمل تفسيرات متعارضة، خاصة في تحديد ملامح المرحلة الانتقالية ودور الأسد فيها، هل يبقى أم هي مقدمة لرحيله، وهي نقطة الخلاف الأساسية حالياً في تحضيرات جنيف 2 حيث تم الاتفاق على انتقال سياسي للسلطة ولا ينص على دعوة الأسد للتنحي. وتحددت الخطوات الرئيسية لخطة الانتقال بتشكيل حكومة انتقالية تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة، وإطلاق عملية حوار وطني شامل، ومراجعة الدستور والنظام القانوني الحاليين، وبعد أن يتم الانتهاء من المراجعة الدستورية، يجب الإعداد لانتخابات حرة ومفتوحة أمام الأحزاب وتحدد الخطة الخطوات والإجراءات اللازمة مع الوقف الفوري للعنف بكافة أشكاله. وبعدها بدأ المبعوث الدولي والعربي المشترك الأخضر الإبراهيمي جولات مكوكية عديدة لتفعيل صيغة جنيف 1 التي انتهت عملياً مع تصاعد العمليات العسكرية بين الجانبين حتى عادت لتطرح من جديد كنتيجة للتقارب الأميركي الروسي.
وتعتبر المعارضة السورية إحدى إشكاليات الأزمة السورية، فعدم اتفاق قوى المعارضة يقوي من شوكة النظام السوري ويقلل من فرص المراهنة على قوى المعارضة كبديل سياسي للنظام القائم في دمشق، والمعارضة السياسية السورية لا زالت منقسمة حول المشاركة في مفاوضات جنيف 2، فالمجلس الوطني السوري أحد أكبر قوى الائتلاف الوطني السوري كان قد أكد أنه لن يشارك في مؤتمر جنيف وهدد بالانسحاب من الائتلاف إذا وافق بعض أعضائه على حضور المؤتمر. وتتعرض المعارضة السورية المنقسمة أساساً لضغوط دولية متزايدة لحضها على توحيد مواقفها والمشاركة في مؤتمر جنيف 2، وكان رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا قد وضع شروطاً صارمة للاشتراك في مؤتمر جنيف 2 في مقدمتها المطالبة بأن يؤدي المؤتمر إلى رحيل الأسد وتسليم السلطة ووقف إطلاق النار طوال فترة المفاوضات، وقد رفضت دمشق هذه المطالب بالطبع.
والحالة السورية اليوم تتلخص في معارك مستمرة على الأرض فيما الأطراف الدولية تحاول ضبط تداعيات الأزمة وتحاول تنظيمها بما يتوافق مع أجنداتها وليس مصلحة النظام السوري أو المعارضة أو الشعب السوري بالتحشيد لعقد مؤتمر جنيف 2. وهناك عدة أسباب للتشاؤم من مخرجات جنيف 2 فالأطراف الدولية التي تضغط لانعقاده لا تستطيع أن تضمن نجاحه، فالعملية التفاوضية بين النظام السوري والمعارضة يجب أن تستند إلى قناعة مشتركة باستحالة تحقيق انتصار عسكري ونفي الآخر من المعادلة السياسية، ولعل اتفاق الأطراف السورية مرهون بشكل أساسي بالتوافق الدولي وخاصة الأميركي الروسي على تحسين شروط التفاوض لإيجاد مخرج حقيقي وجاد للأزمة السورية، ولكن في ظل محدودية احتمالات النجاح سيصبح انعقاد جنيف 2 إنجازاً بحد ذاته.