الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف "2" بين الواقع والمأمول

جنيف "2" بين الواقع والمأمول

16.01.2014
عبدالهادي الخلاقي


الشرق القطرية
الاربعاء 15/1/2014
بين الموافقة والرفض يبدو أن قيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ السورية أصبحت شبه موافقة على دخول مؤتمر جنيف "2" وخاصة بعد أن حصلت على ضمانات صورية في اتفاق باريس الذي عقدته الدول الصديقة لسوريا.
قبل الذهاب إلى جنيف "2"، أولا: لابد أن يتم التوافق بين قيادات ائتلاف الثورة السورية وفصائل المقاومة، الجيش السوري الحر، والجبهة الإسلامية وجبهة تحرير سوريا وتوحيد الصف والوصول إلى رؤية موحدة في الأطر التفصيلية لما قد يتمخض عنه مؤتمر جنيف "2" أو بما يتم التفاوض عليه في هذا المؤتمر للخروج بنتيجة تحسم الصراع الدائر في سوريا منذ قرابة ثلاثة أعوام وتحقن دماء السوريين.
قبل الدخول والخوض في النتائج المتوقعة من مؤتمر جنيف "2" وفي ظل تخاذل دولي تجاه الثورة السورية منذ اندلاع الثورة مازال النظام السوري يعتبر نفسه هو المسيطر وهو الحلقة الأقوى في سوريا، أمريكا سبق والتزمت بتسليح المعارضة السورية لتخلق نوعا من توازن القوى على الأرض ولكنها نكثت بهذه الالتزامات، فإذا كانت الإدارة الأمريكية غير قادرة أو مترددة في دعم الثورة السورية بالسلاح، فكيف لها أن تزيح نظام الأسد الذي مازال يحصل على الدعم اللامتناهي من قبل روسيا وإيران والصين؟! وهذا يرسم عدة استفسارات في حقيقة ما يتم تداوله "لا مكان للأسد ولا لعائلته في مستقبل سوريا".
أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ السورية أكد بعد اجتماع أصدقاء سوريا في فرنسا أنه تم الاتفاق على أنه "لن يكون الأسد ولا لأحد من عائلته جزء من مستقبل سوريا"، ولكن كيف يترجم هذا المشروع في جنيف "2" طالما هناك انقسام في المجتمع الدولي في كيفية حل الأزمة السورية، روسيا لديها رؤية واضحة بشأن ضرورة بقاء نظام الأسد، بينما فرنسا تدفع بضرورة إزاحة بشار عن الحكم وأمريكا تمسك العصا من المنتصف، فهي في آخر المطاف لا تكترث لما يتعرض له الشعب السوري من قتل وتهجير بقدر ما يهمها من توفير الأمن والحماية لحليفها الإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط إسرائيل وتسعى بكل ما تملك بأن من سيحكم سوريا في المستقبل لابد أن يؤمن الحماية الكافية لإسرائيل وتخوفها ممن سيخلف النظام السوري هو ما دفعها للمماطلة في دعم الثورة السورية منذ بدايتها.
المدة المتبقية على موعد انعقاد جنيف "2" قليلة وفي نفس الوقت الخيارات محدودة أمام قيادة الائتلاف الوطني السوري والفصائل المقاتلة، في المقابل هناك إصرار واضح من قبل المجتمع الدولي، ممثلا بالأمم المتحدة، على ضرورة انعقاد هذا المؤتمر بأي شكل من الأشكال ولكن هذا الإصرار يلفه غموض كبير فيما قد يخرج به من قرارات أو توصيات فعلية وليس كسابقه من المؤتمرات واللقاءات التي عقدت دون أثر إيجابي على الأزمة السورية، وهذا ما يجعل الائتلاف الوطني السوري متردداً في المشاركة من عدمها رغم ما حصل عليه من ضمانات من قبل أصدقاء سوريا في لقاء باريس ولكن هل تعتبر هذه الضمانات حقيقية، أن عائلة الأسد لم تعد جزءا من مستقبل سوريا؟ هذا ما ستكشفه لنا الأيام القليلة القادمة الحبلى بالكثير من الأحداث، خاصة وأن النظام السوري ملتزم الصمت تجاه ما يتم بشأن مؤتمر جنيف "2" والخارجية الروسية تدفع بكل قواها من أجل إنجاح هذا المؤتمر وهي التي دعمت نظام بشار ومازالت تقدم له الدعم حتى اليوم، فهل يعقل أن تكون نتائج جنيف2 مخالفة للمصالح الروسية في المنطقة؟! وما الذي يدفع روسيا للتخلي عن حليفها المخلص في منطقة الشرق الأوسط "بشار الأسد" ما لم تضمن بقاء مصالحها الإستراتيجية في سوريا ما بعد الثورة؟!