الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "جنيف 2" على صواريخ كروز

"جنيف 2" على صواريخ كروز

02.09.2013
أحمد ذيبان



الرأي الاردنية
الاحد 1/9/2013
اذا كان نظام الأسد، هو من ارتكب مجزرة الغوطة الكيماوية،  فذلك يعني إمعان في الغباء السياسي،  وتنطوي الجريمة على خبث شديد،  اذا كان المجرم أحد أطراف المعارضة،
وفي أي من الحالتين تسببت الجريمة بتحريك الرتابة في الملف السوري، ووضعته في صدارة الأجندة الدولية، مع تباين النوايا والأهداف ووسائل التدخل الخارجي في الأزمة.
الأمر شبه المؤكد، أن سوريا تنتظر عملا عسكريا تقوده أميركا، فليس منطقيا أن يتبخر بلا أي فعل، » تسونامي» التصريحات والتقارير الغربية المصحوبة بالتهديد والوعيد بمعاقبة النظام،  ويبدو أن ادارة اوباما هي الأكثر حرجا في مواجهة هذه الأزمة، فهي غير راغبة في الحرب وتكرار حماقات بوش الابن، فضلا عن احباط الرأي العام الاميركي من نتائج الحروب الفاشلة في العراق وأفغانستان !
واشنطن ليست واثقة من نتيجة اي عمل عسكري. لكن هيبة الدولة العظمى أصبحت على المحك، فاما انها تتحرك عسكريا ولو رمزيا، او أن يحدث خرق سياسي واضح يقود الى تسوية للأزمة ! ويبدو أن الخيار المتاح للخروج من التعقيدات التي دخلتها الأزمة بعد مجزرة الغوطة، هو الوصول الى مؤتمر «جنيف 2 «على صواريخ كروز !
فلم يعد ثمة هامش أمام ادارة أوباما لتراجع مشرف، عن الخيار العسكري بعدما أطلقت تصريحات تؤكد أن النظام هو من ارتكب مجزرة الغوطة الكيماوية، لكن المشكلة ان تلك التاكيدات المبنية على تقارير استخارية صدرت قبل أن ينهي المفتشون الدوليون فحص الوقائع على الأرض،  لكن المفتشين غير معنيين باتهام طرف محدد،  فمهمتهم تنحصر بتأكيد أو نفي استخدام الاسلحة الكيماوية، وهناك اتهامات متبادلة بين النظام والمعارضة في إرتكاب هذا الإثم!
تقريرالمخابرات الاميركية يستند الى « مصادر بشرية واتصالات الكترونية وصور بالاقمار الصناعية،  ووسائل التواصل الاجتماعي وتقارير من منظمات غير حكومية وجماعات طبية «. لكن وزير الخارجية الاميركي جون كيري لفت الى أن تلك التقارير،» تضع في الاعتبار تجربة العراق، وعدم تكرار تلك اللحظة.»
فهذه الاجواء تكاد تبدو نسخة عن الأجواء، التي سبقت غزو العراق قبل عشر سنوات، والعنصر المشترك هو أسلحة الدمار الشامل،  اذ كانت الاكاذيب الاميركية والبريطانية،  تركز على امتلاك العراق لتلك الأسلحة،  وتكشفت تلك الاكاذيب تماما بعد الاحتلال وانهيار الدولة العراقية، ومن الواضح ان لعنة العراق والفشل الاميركي - البريطاني في تلك الحرب تربك خطط التدخل في الازمة السورية، وقد حسم البرلمان البريطاني موقف بلاده، برفضه مشاركتها في الضربة العسكرية المرتقبة لسوريا، ما شكل هزيمة مخزية حسب الصحف البريطانية لحكومة كاميرون،  التي حاولت تكرار لعب دور الطبال، الذي لعبته حكومة توني بلير في غزو العراق عام 2003،  وهو ما تقوم به فرنسا في الأزمة الراهنة !
القراءات الأولية للضربة العسكرية «المحدودة»، انها لن تستهدف اسقاط النظام فتلك مغامرة تتطلب هجوما بريا وهو خيار غير وارد، لكنها ستكون على شكل قصف جوي وصاروخي،  يستهدف مواقع وقواعد عسكرية وأمنية ومراكز قيادة وسيطرة،  واستنزاف المزيد من قوة النظام لصالح المعارضة،  وربما تقود الى انهيار شامل للنظام.
وثمة خيار آخر وهو التدخل عبر قوات كوماندوز مدعومة بقصف جوي، للسيطرة على مخازن ومواقع مفترضة للأسلحة الكيماوية، وذلك يعني كسرا لسيادة البلد وهيبة النظام،  لكن للعملية وجه آخر، وهو ردود الفعل المفترضة على الهجوم، سواء من قبل النظام،  لجهة اللجوء الى «خيار شمشون» اذا كان ساقط لا محالة، والقيام بقصف دول مجاورة في اسرائيل وغيرها، ورد الفعل المتوقع من حزب الله وهو الحليف القوي للنظام،  أما تدخل ايران فعلى الأرجح انه سيكون من خلال حزب الله، وللحليف الروسي حسابات أخرى.
الكارثة أن النظام هو من أدخل سوريا في هذا النفق، الذي أعادها عشرات السنين الى الوراء، فلجوؤه الى الحل الأمني كان المقتل،  وكان أمامه خيارات عديدة بإجراء اصلاحات سياسية متدرجة لكن» أخذته العزة بالإثم» !
Theban100@gmail.com