الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف 2: مفاوضات عقيمة وتصعيد عسكري

جنيف 2: مفاوضات عقيمة وتصعيد عسكري

02.02.2014
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
السبت 1/2/2014
آلاف المحاصرين في مدينة حمص ومخيم اليرموك، عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام ولدى التنظيمات المسلحة في سوريا، ملايين اللاجئين في المخيمات والنازحين داخل الاراضي السورية، مئات المشردين على الحدود بين الدول، وعشرات الآلاف من المتواجدين في مراكز الايواء في اوروبا، مئات آلاف المدنيين الذين يتوقعون في اي لحظة سقوط برميل متفجر فوق رؤوسهم، والمدنيون الذين وجدوا انفسهم تحت رحمة فصائل جهادية تكفيرية تفرض قوانينها التعسفية على مناطقهم، كل هؤلاء وغيرهم كانوا يتطلعون لاجتماعات وفدي النظام والمعارضة السوريين آملين بدفع المفاوضات السياسية كخطوة في طريق انهاء معاناتهم، لكن للأسف سبعة ايام من المفاوضات، لم يتم خلالها الاتفاق الا على الوقوف دقيقة صمت على ارواح شهداء سوريا، وطبعا كلا الطرفين وقف بنية مختلفة، فوفد المعارضة كان يقصد القتلى من المدنيين ومن مسلحي المعارضة، فيما وقف وفد النظام حدادا على القتلى من قواته وقوات حلفائه من ‘حزب الله’ ولواء ‘ابو الفضل العباس. وحتى هذه الدقيقة من التوافق صباح يوم الخميس داخل قاعة الاجتماعات، رافقها خبر عاجل بمقتل عائلة بأكملها بمن في ذلك خمسة اطفال بقصف لقوات النظام على مدينة داريا في ريف دمشق.
سبعة ايام من المفاوضات في سويسرا تزامن معها على الطرف الآخر مقتل 1870 سوريا بينهم 498 مدنيا، بمعدل 208 اشخاص يوميا. الضغوط الدولية والجهود الدبلوماسية لم تنجحا باحراز اي تقدم في جنيف، بل كشفت المفاوضات مدى تجذر الخلافات حول كافة القضايا، سواء فيما يخص هيئة الحكم الانتقالي أو الارهاب أو المساعدات الانسانية. فرغم الاتفاق اخيرا على استخدام بيان (جنيف 1) اساسا للتفاوض، تبقى العقبة الاساسية وجود وصلاحيات الرئيس بشار الاسد. ففي حين يصر وفد النظام على أن مصير الرئيس يقرره الشعب في صناديق الاقتراع، تفسر المعارضة منح الصلاحيات لهيئة الحكم الانتقالي بتنحيه، وزادت على ذلك باعتباره اكبر ارهابي في سوريا، في حين يشير وفد النظام الى دول عربية كممولة للارهاب الذي يخوض النظام معركة لانهائه، ويطالب بتعاون دولي لمكافحته، واضعا جل جهده بالتركيز على قضية الارهاب وتجاهل قضيتي الهيئة الانتقالية والمساعدات الانسانية.
كنا عشية انعقاد المؤتمر في جنيف حذرنا من ان تكون النتيجة الاتفاق على امور انسانية وعدم التقدم بالقضايا السياسية، لكن من الواضح اننا كنا متفائلين كثيرا، فحتى القضايا الانسانية، لم يتم التفاهم عليها. وهذه النتيجة ستجعل من السهل على الفصائل المعارضة التي ترفض المفاوضات ان تعرقل المشاركة في الجولة الثانية من محادثات جنيف 2 والتي من المقرر ان تنطلق في العاشر من شباط/فبراير الجاري. لكن قبل هذه الجولة، بدأ النظام تصعيدا نوعيا بعملياته العسكرية مستهدفا التدمير من اجل التدمير، كما انه اعلن انه لن يقدم اي تنازلات في المفاوضات، فضلا عن التلكؤ الذي مارسه متعمدا في تسليم مخزون السلاح الكيماوي في المواعيد التي حددتها منظمة حظر الاسلحة الكيماوية.
وبذلك يرسل النظام اشارات الى راعيي (جنيف 2) الروسي والامريكي بضرورة البدء بالتفاوض معه حول الحل الممكن في سوريا، سواء كان ذلك من خلال المفاوضات في جنيف او بعيدا عنها. وبالتالي يمكن توقع مزيد من التصعيد العسكري الذي يريد منه النظام استفزاز بيئات المعارضة كي تبادر الى المطالبة بالتخلي عن هذه المفاوضات كونها غير مجدية.