الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "جنيف 2" نهاية غير عادلة لثورة شجاعة

"جنيف 2" نهاية غير عادلة لثورة شجاعة

18.01.2014
د. مهند مبيضين



الدستور
الخميس 16/1/2014
ربما نصدق إصرار روسيا أكثر من غيرها في الحفاظ على حليفها الأسد أو بلغة أخرى على مصالحها التي أمنّها حكم عائلة الأسد لها في سوريا، ولا نصدق مواقف الغرب في عرضه أو تجديد عروضه المستمرة على المعسكر الآخر المناوئ لوجود بشار الأسد، أو استمراره بالحكم؛ لأن الغرب متغير وغير ثابت والمعارضة السورية تلحق به بحثا عن دعمه.
 وقد ظهر جلياً في التطورات الأخيرة للأزمة السورية أنها تحولت إلى أزمة أقليم وأن تهديدات بشار الأسد التي قطعها، استحقت ونفذت، فانفجر العراق من جديد ونال لبنان ما نالها من عنف وفوضى، وكل ذلك مقدمة للتأكيد على أن الحل للأزمة السورية يجب ألاّ يكون من صناعة روسية أو أميركية، بل نتيجة التوافق على المصالح المشتركة للطرفين.
وهكذا وضع الروس تطبيق مبادئ "جنيف 1" سقفا لانعقاد "جنيف 2"، أو أنهم جروا الجميع للقبول بذلك السقف. وفي اليوم الذي سيسبق لقاء "جنيف 2" تكون إيران بدأت بتطبيق معاهدتها النووية، والتي قد تجعلها أكثر الرابحين في تأمين القوة النووية والوقود النووي لخمسة عشر سنة مقبلة.
وإيران فهمت الإشارات الغربية للمعارضة السورية بضرورة الحضور لـ"جنيف 2"، فبادرت بتصريحات إيجابية من الرئيس حسن روحاني للقول بإن إيران سواء حضرت أو لم تحضر ستحرص على الدور الإيجابي لها في سوريا، وبدأ وزير خارجيتها جولة عربية من عمان وبيروت والإمارات لتوكيد حسن النوايا.
وهي في ذلك تريد احداث ليونة في علاقتها مع المعسكر المناوئ لبقاء بشار الأسد في السلطة أو الراغب بحل الأزمة بدون وجوده في المستقبل السوري، وهي تدرك أيضا أن ثمة حلفا تشكل لمقاومة أسلمة المنطقة، وبالتالي انهاء جاذبية مقولة المقاومة الإسلامية او العربية التي كانت تبرر فيها دورها في لبنان وسوريا وغزة، لذا تفضل البقاء على حبل الود مع الجيران الذين يبادلونها تجاريا بارقام كبيرة، كي لا تخسر الأسد وتجارتها مع جيرانها العرب أيضا، إذ ان حكومة روحاني مطالبة بتحقيق نمو اقتصادي بعد رفع العقوبات الدولية.
ويظل الحديث في ظل التحول الذي سيتلو مؤتمر "جنيف 2 " عن مدى الخسائر التي يمكن ان تلحق باطراف الصراع، وكيفية الخلاص من الوجوه المقنعة بالتطرف والإرهاب، وهنا تشير بعض المعلومات إلى أن الحل السوري سيشمل ايجاد إرادة دولية للتخلص من أكثر من مئة ألف مقاتل في الفصائل المتشددة، وهي تمارس العنف والقتل بابشع الصور وتقيم دولاً لها في كل المحافظات السورية التي تسيطر عليها، وباسم الدين.
وقد كان هناك اقتراح بان تستقل هذه الجماعات في غرب العراق بدولة إسلامية، وهو ما يؤثر على أمن الأردن والسعودية، كما أنه لا يدعم استقرار العراق، ورفض هذا الخيار وبات الحديث عن إخراج المتطرفين إلى مكان خارج منطقة الشام وجوارها. أما البقاء عليهم يتقاتلون داخل سوريا فهذا أمر صعب القبول به أو الركون إليه والبحث عن عملية انتقال ديمقراطي معه أو في ظل وجوده.
وبذلك، نجد أن القيادة السورية نجحت بالفعل في خلط الأوراق وفي الصمود، وفي اقناع المجتمع الدولي بأن هناك حرب تطرف وارهاب في أغلب مناطق الصراع، وفي المقابل يبدو رفض المعارضة السورية في الداخل لحضور "جنيف 2" نوع من الانتحار السياسي، لأن العزوف يعني الغياب عن المشهد، وبالتالي خسارة الدور المستقبلي لها في العملية السياسية السورية او الحكومة الانتقالية، وترك المعارضة السياسية في الخارج هي الطرف المفاوض عن كل السوريين، وفي جميع الحالات قد يكون "جنيف 2" نهاية غير عادلة لثورة شجاعة.