الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف 2: هل النظام السوري قويّ حقا؟

جنيف 2: هل النظام السوري قويّ حقا؟

24.10.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاربعاء 23/10/2013
تقول روسيا ان النظام السوري وافق على الذهاب الى جنيف 2 وتطالب حلفاء المعارضة الدوليين والعرب بـ’جلب’ المعارضة السورية الى ‘بيت الطاعة’ الدولي (مؤتمر جنيف 2) صاغرة، فهل وافق النظام السوري حقاً على الذهاب الى جنيف 2؟
التزم الائتلاف الوطني السوري، في ورقة قدمها لاجتماع أصدقاء سورية في لندن أمس، بمقررات مؤتمر جنيف 1 الذي ينص على تشكيل حكومة سورية بصلاحيات كاملة، بما فيها القوات المسلحة والأمن والمال، وكذلك الالتزام بالطروحات التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الخاص الى سورية الاخضر الابراهيمي، من وقف اطلاق النار وسحب الجيش واطلاق المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي والسماح للاعلام بدخول سورية لتغطية الأحداث والسماح بدخول المساعدات الانسانية.
النظام السوري لم يوافق على أي من بنود جنيف 1 او طروحات الأخضر الابراهيمي، وفوق ذلك فانه يحاول افشال المؤتمر سلفاً من خلال اشتراطه ان لا يبحث المؤتمر موضوع انتقال السلطة في سورية (وهو البند الأساسي في اتفاق جنيف 1)، وقوله ان المعارضة التي سيحاورها هي المعارضة ‘المرخصة’ في سورية.
لا يوفر رئيس النظام أية فرصة اعلامية للحديث عن ترشحه للرئاسة عام 2014 او عن بقائه رئيساً إذا تعذرت الانتخابات، وحين يسأل عن حكومة بصلاحيات كاملة يقول ان ذلك يستلزم تعديلا للدستور واستفتاء شعبياً وهذا لا يمكن تحقيقه في ظل الوضع الأمني الحالي.
يراهن النظام السوري على اضعاف مواقف المعارضة الجذرية للنظام من خلال دعمه العلنيّ لمواقف ما يسميها ‘المعارضة المرخّصة’ ممثلة بـ’هيئة التنسيق’ وقوى أخرى موافقة ضمنياً او صراحة على بقاء بشار الأسد رئيساً خلال المرحلة الانتقالية.
يضاف كل ذلك الى اصطفاف إقليميّ متبدّل فاسرائيل، نالت جائزتها السورية بموافقة الأسد على تسليم الترسانة الكيميائية، وهي صارت أقرب الى الأسد الضعيف دون أسنان كيماوية، بينما اتجهت الدبلوماسية المصرية الجديدة الى فتح الجسور على النظام السوري والتضييق ليس على المعارضة السورية فحسب بل على السوريين اللاجئين الى مصر حتى، بينما يعاود الأردن الرسمي التوكيد على سياسته السابقة الحذرة في التعامل مع النظام والمعارضة معا.
هذه الاشارات التي تصبّ في ميزان النظام السوري لا تعني ان النظام فرض شروطه على السوريين والمنطقة والعالم أو أنه قادر على الاستمرار، فتحطيم ترسانته الكيميائية، وثلاثة أرباع قوته الجوية، والضربات الكبيرة التي تعرضت لها قواته العسكرية والأمنية، أمور جعلته خارج المعادلة الاقليمية عسكرياً.
تغير الوضع الميداني على الارض ‘لم يحصل بسبب الجيش السوري بل بسبب دور حزب الله وايران وقتالهما دفاعا عن النظام’، كما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس الأول، كما أن تقدم قوات النظام في منطقة يقابله تقدم آخر للمعارضة في مناطق أخرى كما حصل مؤخراً من استيلاء الاخيرة على حاجز ‘تاميكو’ الذي كان النظام يقصف منه قرى القابون وجوبر وغيرهما، وسقوط بلدتي صدد ومهين في محافظة حمص، والخسائر التي لقيتها قواته في دير الزور والذي أدى لفقدانه أحد مسؤوليه الأمنيين الكبار، جامع جامع.
التحليل الشكلي للواقع السوري والاقليمي الذي يقول بـ’تشرذم’ المعارضة و’قوة’ النظام لا يستقيم مع التحليل الديناميكي لهذا الواقع فالنظام السوري القويّ لم يعد سوى كيان هزيل استولت على سيادته وقراره وامكاناته قوى ثلاث: روسيا (وهنا يجب أن نقرأ معنى تصريحات وزارة خارجيتها عن ‘حماية المسيحيين في سورية’)، وايران (من خلال تدخلها الرأسي والأفقي في الجسد السوري)، واسرائيل (من خلال تدمير الترسانة الكيميائية لسورية)، وإنفضاض أي ركن من هذا أركان هذا المثلث عن حماية النظام سيودي عملياً به.
يقرأ العالم اختلافات المعارضة السورية على أنها شرذمة ولا يرى انها نتاج لما يعنيه الجوع الشديد للديمقراطية بعد طغيان خمسين عاماً، كما يقرأ العالم تماسك النظام الشكليّ على أنه قوة.
على المعارضة السورية، والعالم، رؤية شبح النظام السوري وهو يغادر التاريخ.