الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف 2 هل بدأت كي لا تنتهي؟

جنيف 2 هل بدأت كي لا تنتهي؟

01.02.2014
عبد الله الوصالي


اليوم السعودية
الجمعة 31/1/2014
في إحدى لقطات مسلسل الزير سالم للمخرج السوري حاتم علي يضع مؤلف النص، المسرحي والكاتب ممدوح عدوان تساؤلات على لسان الزير سالم بعد أن رق عظمه وشاب قرنه عن جدوى الحرب التي خاضها من اجل أخيه كليب والتي أفنت شباب بكر وتغلب وأصبحت مطحنة للأعمار، ويردد بينه وبين نفسه هل كان مصيباً في رفضه كل عروض الصلح التي حاولت تدارك الأمر بما فيها مبادرة الحارث بن عباد الذي أرسل له ابنه ليقتله الزير بدل كليب ويوقف الحرب؟
لم يدر بخلد المخرج والكاتب وهما السوريان أن القدر يخبئ لهما ولوطنهما بعد عقد من السنين ما هو أكثر بؤساً ووحشية وقسوة مما ارتكبه الزير سالم في سعيه لإرضاء ذاته والوصول إلى حالة من تحقق الثأر الذي لم يكن له حدود منذ البداية. فحتى الحرب يمكن للمحارب أن يملها.
التوافق الدولي هو مفتاح الحل في جميع الصراعاتما يدعونا للتشاؤم والحزن هو أن جنيف2 فشلت في أن تبدأ باتفاق لوقف إطلاق النار الذي لو ذاق حلاوته المقاتلون لبحثوا عن ديمومته "فما الحرب إلا ما علمتم وذقتموا"، وما يدعونا للتشاؤم هو أن وقف إطلاق النار ليس بيد احد بعد أن انفرطت الأنوار من عقالها وباتت سوريا مرتعاً خصباً للميليشيا العقائدية المتناحرة بدءاً بحزب الله وعصائب أهل الحق العراقية إلى داعش والنصرة وغيرها من مليشيات عقائدية بغيضة غزت الجسد السوري كالبكتيريا الانتهازية التي تغزو الجسم عندما تقل مناعته.
التوافق الدولي هو مفتاح الحل في جميع الصراعات، تدخلت فرنسا في مالي حين هب المتطرفون وأوشكت أن تضيع مالي ومواطنوها المساكين في حرب أهلية لا ناقة فيها ولا جمل إلا للمتسلطين، وأعادت الأمور إلى نصابها بمؤازرة من الجزائر التي يثير تعاونها الدولي ضد الإرهاب الكثير من الإعجاب. وحين أوشكت أفريقيا الوسطى على تكرار سيناريو حرب راوند غير المسبوقة في بشاعتها وعدد ضحاياها كان للتدخل الفرنسي مرة أخرى، وتفادي تلك المذبحة الوشيكة اكبر أثر ايجابي، وحين غاب التوافق الدولي في قضية سوريا رأينا كم عانى الشعب وكم أُذل وامتهن وتشرد. لم يكن لذلك أن يحدث لولا عدم وصول الدول الكبرى إلى تفاهم مشترك.
ليس من طبعي الإيمان الهوسي بنظرية المؤامرة، لكنني أيضا لا استبعدها حين تشير الدلائل إلى احتمال وجودها.
والآن وقد توافق الدوليون على عقد محادثات السلام السورية، هل بات الحل قريبا؟ أم أن المباحثات ذاتها ستكون غطاء تستمر تحته كل المعاناة والاحتراب، فالتوافق لا يشمل مصالح الضعفاء والأتباع.. مأساة الشعب السوري، في سعيه لانتزاع حرية من أيدي اشد الأنظمة شراسة وخبثاً، تراجيديا مؤلمة للضمير الإنساني لكن من قال إن الضمير هو الذي يحرك الدول الكبرى؟