الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف 2 والغزل الأمريكي للمنطقة

جنيف 2 والغزل الأمريكي للمنطقة

20.01.2014
فرحان العقيل


الشرق القطرية
الاحد 19/1/2014
أعتقد أن لا خيار منطقياً أمام المعارضة السورية الآن سوى أن تقرر الذهاب إلى جنيف 2 وتمارس من خلال مقعدها الدور الذي يتطلع إليه كل مواطن سوري وكل محب لهذا البلد الجريح؛ والذي تمتهن كرامة شعبه الآن وتغتصب أرضه لتحقيق مآرب فئات وجماعات متطفلة على هذا الشعب الكريم وسلوكياته؛ فالدعوات المنادية بعدم المشاركة في جنيف 2 محبطة للشعب السوري ولكل المعنيين بالوضع هناك وتحمل في طياتها انطباعات سلبية عن مواقف المعارضة وتشتتها وعدم وضوح رؤيتها الشاملة والكاملة لمعالجة الوضع هناك؛ بل إن المرحلة أمام المعارضة لا تحتمل قبول إملاءات من أحد أو جهة لفرض الوصاية على سلوكها ومشروعها الوطني الشامل الذي يفترض ألا يرتهن سوى لطموح الشعب السوري ومصالحه للخلاص من حكم الاستبداد والقضاء على جيوب التطفل والإرهاب ؛ فالعالم أجمع وهو ماض في مباحثات الشأن السوري ربما لن يلتفت إلى الوراء لتعقب ما تقرره المعارضة وربما تكون القرارات في حال عدم الحضور على غير ما تطمح له المعارضة وهو ما يقلل من شأنها ويحجم دورها في مرحلة يجب أن يكون فيها الصوت السوري الحر هو الحاضر وهو الأعلى صوتاً، فهو يمثل العامة ويتحدث بلسانهم ويرسم مستقبل بلادهم ؛ أتمنى وأنا أكتب هذه السطور، وهناك اجتماع موسع للمعارضة في إسطنبول لبحث جانب المشاركة وفق أجندة تفرض مطالب إنسانية لمجرد فك الحصار عن بعض المناطق وإدخال المساعدات للمحاصرين فيها، وحقيقة، هذا مطلب إنساني والإصرار عليه واجب لمجرد إحراج الضمير العالمي أولاً ولتأكيد شراسة النظام السوري الذي أخرج بتعنته جملة من الصور الكارثية والمزعجة من مخيم اليرموك الفلسطيني الواقع في إحدى ضواحي دمشق والذي يحاصر سكانه وتمنع عنهم المساعدات أسوة بمعظم المناطق السورية المهددة من قبل النظام؛ ومع أن الجميع مع هذا المطلب إلا أن الحضور لمؤتمر جنيف ربما يحمل الحل الإنساني الشامل للقضية السورية؛ أعود إلى مؤتمر جنيف القادم والذي يبدو أن الولايات المتحدة ماضية إليه بروح جديدة وحسابات أكثر وضوحاً لمكونات المنطقة ومآل الأمور فيها في حال استمرار الأزمة السورية وعدم إيجاد حل سريع وجذري لها، فتصريحات السيد كيري وزير الخارجية الأمريكي يستقر في مضمونها أن الولايات المتحدة تستعيد زمام المبادرة في الملف السوري وتؤكد أن السياسة، لا السلاح، هي الحل الوحيد والأسلم لقضيتهم بعد أن تراجعت في الصيف الماضي عن شن ضربات عسكرية كانت وشيكة آنذاك على أهداف محددة في سوريا لتأديب النظام؛ ومن متابعة مشهد الأحداث وسخونة الأجواء السياسية في العواصم ذات العلاقة نجد أن الولايات المتحدة تنسق بكثافة مع روسيا والصين وبعض العواصم الأوروبية والعربية نحو إيجاد مخرج للقضية يعيد الأوضاع في سوريا إلى المستوى الأمني المقبول مرحلياً ؛ ومن جانب آخر تغازل الولايات المتحدة شعوب المنطقة وأنظمتها ببعض الممارسات السياسية والتصريحات المرضية بعد سلسلة الإحباطات التي ووجهوا بها من قبل الإدارة الأمريكية في الفترة الماضية، سواء في الملف السوري أو في جملة تحالفات وعلاقات الولايات الإقليمية؛ عموماً نحن ننتظر معطيات جنيف2 ونعول على الضمير العالمي لاستيعاب المشهد السوري وإفرازات حالته وتأثير ذلك على مستقبل السلم العالمي في ظل تحول الأراضي السورية إلى بؤرة لتفريخ الإرهاب وحلبة للتصفيات المتضادة، كما نتمنى على المعارضة السورية أن تفرض حضورها في جملة المعادلات السياسية الخاصة بالشعب السوري لضمان العبور إلى المرحلة القادمة بأمان وسلامة.