الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جنيف 2 والمهمة الصعبة للمعارضة في مواجهة مكر النظام

جنيف 2 والمهمة الصعبة للمعارضة في مواجهة مكر النظام

18.01.2014
عدنان فارس حاطوم


القدس العربي
الجمعة 17/1/2014
لن يذهب النظام السوري الى جنيف ممثلا نفسه فحسب، وإنما سيمثل كل أركانه وفصائله المتواجدين على الارض، بدءاً بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله وانتهاءً بداعش والقاعدة وغيرها من اصحاب الأعلام السوداء والتكفيريين المفترضين، و سيضع على الطاولة خططاً لمرحلة مستقبلية قادمة، ولن يكون عسيراً عليه ارضاء كل المجتمعين على تلك الطاولة، الذين هم في الحقيقة لا شاغل لديهم سوى أمن اسرائيل، وهم اصحاب القرار الاول والأخير في بقائها او عدمها. نعم لن يكون عسيراً وهو الذي يعرف تماماً من أين تؤكل الكتف وتمرس في أكلها وأتقن مهنة النهش تلك، ومارسها منذ ما يقرب عن أربعة عقود، هو لم ينهش أكتاف السوريين فحسب وإنما قدمت له الاكتاف الوطنية المجاورة بمباركة إسرائيلية وعالمية، فتم نهشها بسيارات مفخخة واغتيالات وفتن طائفية وتفجيرات، ليتم تقويض اي جهود وطنية حقيقية ترمي الى حل عادل لمشكلة الشرق الأوسط الاساسية المتمثلة بحق الفلسطينيين وعودة أرضهم.
لقد أبدى النظام على مدار ثلاث سنوات من عمر الثورة السورية، وبدعم عالمي نادر الوقاحة، حنكةً ومكراً وخداعاً لا مثيل لها، فتجنب الكثير من مطباته القاتلة كالإبادات الجماعية وجرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الانسانية بحق شعبه، فتمت له التغطية العالمية الكاملة، وكان اكبر أمثلتها استخدامه سلاحاً كيماوياً تحظره القوانين والأعراف دون ان يرف له جفن وعلى مرأى الجميع، فحصد ما يقارب 1400 نفس بشرية خلال اقل من ساعة واحدة
يؤكد ما ذكر أعلاه ان هذا النظام يعرف قواعد اللعبة، يتصرف بموجبها ويلعب ضمن حدودها، يطبق الإيعازات ويلتزم بأوامر من سلموه سدة الحكم، فهو يضرب بالكيماوي عندما يأخذ الضوء الأخضر دون ان يمنعه او يحاسبه احد، ثم يسلمه حين يصبح مادةً مهددة لوجوده، وهذا ما يؤكد حقيقته ‘كبيدق بيدِ من أهداه الكرسي وثبته عليها، ثم استخدمه ورقةً رابحة للمتاجرة بالقضية العربية الإسرائيلية والتي أدرجت تحت اسم الممانعة، ومنه فإن نظام الممانعة في جنيف ‘ سيتابع ذات الأسلوب ويستمر لآخر رمق بتقديم التنازلات، مستفيداً من خبرة العقود الأربعة بالطرقِ على وتر الأمن الاسرائيلي الحساس، وهذا في الحقيقة ما يقلق دولة اسرائيل ويجعلها متمسكة به لأطول مدة ممكنة، كما أن هذا هو سر بقائه واستمراره لهذه اللحظة، سيراهن النظام على انه لا لاعب سواه يستطيع ان يقدم ما قدم، ولا لاعب سواه يتنازل عما تنازل، وهو يعلم علم اليقين ان فرص نجاحه في جنيف تتناسب طرداً مع ازدياد نسبة تواطئه، ومن هنا تأتي محنة الإئتلاف الوطني وورطته الكبرى، فهو لا يستطيع القيام بنفس الدورعلناً، فلا أحد يحسده على ‘محنته وعلى حجم ورطته.
اما الأسئلة المعقدة التي يواجهها الائتلاف الضائع ذاك فهي هل وضع خططاً قوية ومقنعة يستطيع ان يواجه ويرضي بها كل الأطراف؟
هل سيرضى الشعب السوري الذي قاربت ضحاياه النصف مليون بين شهيد ومفقود على مخططاته ومقترحاته تلك؟
هل سترضى عنه دول الجوار وعلى رأسها اسرائيل؟
وهل سينجح الائتلاف بإقناع العالم بقدرته على حفظ الأمن والسلام في المنطقة؟
وهل سيملك استراتيجية وطنية تحقق ما حققته استراتيجية النظام الخيانية؟
والكثير الكثير من الأسئلة التي تطرح نفسها وترمي الائتلاف بسهامها، ما يجعله ملزماً اكثر من اي وقت مضى ان يحشي جعبته بإجابات واضحة لكل التساؤلات ويحسب بدقة كل السيناريوهات.
لقد نعمت اسرائيل على مدار أربعين عاما بأمن عز نظيره، وعاشت قريرة العين آمنة الجانب بجوار شعب مسلوب الإرادة مضطهد،
اليوم وبعد ان قرر الشعب ان ينفض غبار الذل ويعيش الحياة بكرامة، وبعد ان نهض لينال حريته، هل سيرضى الشعب بما سيرضى به الائتلاف في جنيف؟
حقاً انه سؤال صعب وجوابه يشبه المستحيل.