الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "جنيف2": اقتراب سؤال الحسم

"جنيف2": اقتراب سؤال الحسم

30.11.2013
ماجد توبة



الغد الاردنية
الخميس 28-11-2013
في الوقت الذي منح فيه الاتفاق الإيراني الأميركي الغربي، حول الملف النووي الإيراني، دفعة أمل قوية بنجاح مؤتمر "جنيف 2"، المقرر في 23 كانون الثاني (يناير) المقبل، للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية وحربها الأهلية، ما تزال أمام المؤتمر المقبل، الذي تتبناه الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة، عقبات جوهرية قد تحول دون هذا النجاح، المؤمل منه إخراج سورية من مستنقع الدم والتقسيم والتشريد.
المؤشر الأهم الذي خرج عن توقيع الاتفاق "التاريخي والاستراتيجي" بين الولايات المتحدة والغرب وبين إيران، وصولا إلى سحب فتيل أزمة ممتدة ومتفجرة، كان في تأكيد تغير المقاربات السياسية والاستراتيجية للولايات المتحدة في تعاملها مع الملفات الدولية ومصالحها في الشرق الأوسط، واعتمادها سياسة البحث، دبلوماسيا وسياسيا، عن حلول واتفاقات لنزع فتيل الأزمات المتفجرة، وتراجع خيارات التدخل العسكري، رغم تحفظات وحسابات حلفاء إقليميين للولايات المتحدة.
التحليلات والتوقعات تشير إلى أن "تفكيك" العقدة السورية، والخروج بمقاربة سياسية لها، سيكون إحدى الثمرات، أو التداعيات الإيجابية، للاتفاق النووي الإيراني، خاصة وأن حسم وتحديد موعد "جنيف2" لم يطل كثيرا بعد توقيع "جنيف الإيراني" الأسبوع الماضي. وهو ما أطلق حراكا سياسيا ودبلوماسيا واضحا من جهة، وتفاعلات متسارعة في بيت المعارضة السورية، بكل تصنيفاتها، من جهة أخرى.
قوة الدفع التي شكلها اتفاق "جنيف الإيراني" والتوافق الأميركي الروسي في الملف الكيماوي السوري، قد لا تكون كافية اليوم لإنجاح مسعى الاتفاق على حل سياسي، ومرحلة انتقالية في سورية.
فمقابل توحد جبهة النظام السوري، ومن خلفه حلفاؤه الإقليميون والدوليون، أمام استحقاق "جنيف2"، والانتصارات العسكرية التي حققها على الأرض، تبدو المعارضة السورية في أسوأ حالات الانقسام والخلاف، حتى على شكل المشاركة في المؤتمر العتيد بجنيف. وفيما تدفع المعارضة السورية السلمية في الداخل بكل قوة إلى الوصول لحل سياسي وانتقالي للأزمة، ما تزال معارضة الخارج، وتحديدا الائتلاف الوطني، منقسمة وتتخبط في موقفها من "جنيف2"، ربما في انتظار حسم أطراف إقليمية محورية لخياراتها في هذا التحرك.
هذا فيما تبدو المعارضة العسكرية، القوية على الأرض مقارنة بالمعارضة السياسية، وبتصنيفاتها المختلفة، أكثر حسما لخياراتها، برفض فكرة الحل السياسي للأزمة، ومناداتها بالخيار العسكري، بل وأكثر من ذلك بتقديم خطاب طائفي وإقصائي، ومتطرف أيضا، ضد مكونات واسعة من الشعب السوري. وهو أمر ظهر واضحا في إعلان "الجبهة الإسلامية" أول من أمس، كتحالف جديد بين جماعات إسلامية مسلحة.
هذه الجبهة، التي قالت إنها تضم سبع جماعات مسلحة إسلامية، طرحت علنا أن مشروعها هو إقامة دولة إسلامية في سورية، والإسقاط الكامل لنظام الأسد، و"أن أي عملية سياسية لا تعترف بأن التشريع حق لله وحده هي مناقضة للدين لا يمكن للجبهة المشاركة أو الاعتراف بها". كما رفضت في ميثاقها المعلن العلمانية والدولة المدنية، بل ولم تتردد أيضا في "رفض الديمقراطية وبرلماناتها، لأنها تقوم على أساس أن التشريع حق للشعب (..)"! هذا طبعا ناهيك عن مواقف جبهة النصرة و"داعش" القاعديتين.
العائق الآخر الذي يهدد، إلى حد ما، نجاح "جنيف2"، هو تحفظات أطراف عربية إقليمية على استبعاد الخيار العسكري في الأزمة السورية، وعلى المقاربة الأميركية الجديدة لمعالجة الأزمة. وقد يكون من الدقة القول إن نجاح "جنيف2" بين الأطراف السورية المتنازعة، يستدعي، أو يتطلب أولا، مؤتمرا أو جهدا موازيا، بين الأطراف الإقليمية الغارقة أيديها في دعم هذا الطرف أو ذاك.
مع ذلك، فإن المثير للتفاؤل بالوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، هو الاندفاع الأميركي والروسي، ومجالاهما الحيويان دوليا، في البحث عن هذا الحل، والتأسيس في جنيف لمرحلة انتقالية تفتح أفقا لخروج الشعب السوري من أزمته ومأساته الطويلة.