الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جيش عربي في سوريا

جيش عربي في سوريا

15.04.2013
د. مطلق سعود المطيري

الرياض
الاثنين 15/4/2013
    تخطت الأزمة السورية حاجز العامين، بدون أن تشهد بوادر أمل حقيقية لنهايتها، فالشعب الذي ثار لإسقاط النظام، فقد عشرات الآلاف من أبنائه، وجرح اضعافهم، وتشردت أغلبيتهم، ومازال النظام بحكم ويبطش، وسوف تستمر المعاناة ربما زمنا طويلا مادام الحل السياسي غائباً تماما عن واقع المأساة، وذلك أن الثورة لها حساباتها الإستراتيجية التي لا تتشابه مع الحسابات السياسية الأخرى مثل التغيير عن طريق الانتخابات، أو الرشاوي التي تقدم للمعارضة والموالين على حد سواء، فاللعبة السياسية تضمن نوعا ما بقاء الجغرافيا والهوية، ويتبدل فيها أطراف اللعبة، أما الثورة فكل احتمالات التغيير مفتوحة، من تغيير الانتماء للهوية الى الجغرافيا الى الإنسان وعقيدته.
فالأزمة السورية مفتوحة الاحتمالات لتغيير الكثير من مفهوم الدولة، وهذا الشيء الذي تختلف حوله الاطراف الخارجية المؤثرة في الأزمة السورية من ايران واسرائيل وتركيا، وروسيا، وامريكا والدول الأوروبية، فالتغيير في سوريا وفقا لحسابات تلك الدول يجب أن يكون تغييرا استراتيجيا، ينتج عنه هوية تختلف تماما عن هوية الشعب السوري التقليدية، فسوريا ما بعد الثورة تريدها تلك الأطراف متعددة الانتماءات الطائفية، ومتعددة الجغرافية، وهذا حاصل اليوم ولكن بدون إطار سياسي وشرعي يحكم هذا التمايز ويقره كحل سياسي وحيد لأزمة الشام، ويعود ذلك للمعارضة الروسية والإيرانية، التي ترى أن هذا التقسيم لم يأخذ بمصالح البلدين الاستراتيجية التي رهنتها في بقاء نظام الأسد، وبهذا أصبح الصراع، بين ايران وروسيا من جهة، تركيا واسرائيل ودول الغربية من جهة أخرى، أما الشعب الذي يريد أن يسقط النظام، فقد كان قربانا قدم لهذه المصالح الخارجية.
الدول العربية اسقطت النظام، حين منحت المعارضة مقعد سوريا في اجتماع القمة في الدوحة، وهذا من الناحية السياسية تغيير واضح الدلالة والسلوك، ولكن تبقى الخطوة المهمة والأكثر دلالة لهذا التغيير، هو التدخل العسكري، لحماية دولة عربية عضو مؤسس في مؤسسة قومية قامت على الاعتبار القومي.
صحيح أن هناك من يرى بصعوبة هذه الخطوة، وربما ماليتها بعض الشيء، ولكن ما يجعلها تقترب للواقع هو ما سبقها من واقع بدأ بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وبعد ذلك منح مقعدها للمعارضة كممثل شرعي للشعب السوري، وميثاق الجامعة ينص على حماية سيادة أي عضو ينسب له، فالشعب السوري وفقا للسياسة العربية له ممثل شرعي يدعو لإسقاط مجموعة متوحشة، تخدم مصالحها الخاصة وتحمي المصالح الإستراتيجية للدول الأجنبية، على حساب حياة ومصالح الشعب السوري.
فالتدخل العسكري العربي ربما يعجل بالتغيير، ويجعل للجامعة العربية الإشراف المباشر على عملية التحوّل وتكون هي الضامن الوحيد لهذا التحوّل، بسبب تواجدها على أرض الواقع. فهل تفعلها الدول العربية، وهي تمتلك شرعية التدخل، أم هذا يعد من الأماني الكبيرة، التي يعجز عنها الصغار؟