الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حتى الأسد لا يريد موسكو!

حتى الأسد لا يريد موسكو!

03.02.2015
منار الرشواني



الغد الاردنية
الاثنين 2-2-2015
عشية انعقاد جلسات "حوارات موسكو"، انصب الاهتمام على من سيحضر من نظام بشار الأسد والمعارضة السورية في الداخل والخارج، وعلى أي مستوى. الآن، وبعد اختتام هذه الجلسات، يمكن القول إن جميع الأطراف غابت فعلياً، بما في ذلك الحاضرون أنفسهم، نظاماً ومعارضة، وأهم من ذلك، وبما يمثل السبب الأساس للغياب السابق، هو غياب الراعي الروسي ذاته.
روسيا التي عجزت عن تحقيق أبسط مطالب "بناء الثقة"، ولو بإطلاق سراح بضعة معتقلين سياسيين محسوبين على معارضة الداخل "الوطنية" بتعريف موسكو ذاتها، ذهبت خطوة إضافية في التأكيد على اضمحلال دورها وتأثيرها في سورية، عندما ضمّنت ما سمتها "مبادئ موسكو" التي أُعلنت عقب اختتام الحوارات العبثية، النص على "عدم قبول أي وجود مسلح أجنبي على الأراضي السورية من دون موافقة حكومتها"، والتي هي هنا حكومة الأسد، وبالتالي شرعنة الوجود الإيراني، وضمنه حزب الله والمليشيات الشيعية الطائفية الأخرى العراقية والأفغانية، ولربما هندية، لمواصلة ارتكابها جرائم حرب بحق السوريين، إنما ميزتها الوحيدة أنها لا تفضح جرائمها كما "داعش"، وقبل ذلك هي ليست "سُنّية".
بالنتيجة، فقد أعلنت هيئة التنسيق الوطنية المفترض قربها من موسكو، على لسان الناطق باسمها منذر خدام أن "الهيئة ستفكر مليا قبل الموافقة على المشاركة بأي اجتماع آخر بإطار موسكو 2"، بالنظر إلى غياب "أي إنجازات تذكر على الأرض، خاصة لجهة إعطاء ضمانات أو تنفيذ خطوات من قبل النظام تدل عن حسن نية؛ كالتعاطي بإيجابية مع موضوع المعتقلين".
طبعاً، قد يقال إن روسيا لا تحتاج إلى قبول من المعارضة السورية، في الداخل خصوصاً، طالما أن لديها النظام، والذي سيُقال أيضاً إنه يحقق "انتصارات". لكن من قال إن نظام الأسد يريد موسكو أصلاً في حال حقق النصر الذي وعد بشار الأسد بأن يكون ناجزاً في 31/12/2014 الماضي، بحد أقصى؟
اليوم، تبدو تصريحات بشار الأسد واضحة في الرغبة في التحالف مع المعسكر الغربي، وبما ينسجم مع توجه إيران التي تُبقي نظام الأسد حياً. والحقيقة أن هذه هي الرغبة منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة السورية، إن لم يكن قبلها، عندما كان التحذير ينطلق من الأسد ونظامه ومؤيديهما -بمن فيهم قوميون ويساريون "معادون للإمبريالية الأميركية"- من البديل الإسلامي المتطرف الذي يهدد الغرب! أي هو تحذير لم يكن يعني، وما يزال، إلا شديد الحرص على الغرب "الإمبريالي" فقط، وليس سورية أبداً، طالما أن مطلب هؤلاء هو تأييد الغرب، صراحة أو ضمناً، للمجازر بحق السوريين حتى عندما كانت ثورتهم سلمية خالصة!
والحقيقة أن إدراك روسيا لهذه الحقيقة هو ما يجعلها تقدم التنازل تلو التنازل لنظام الأسد، لزعم صلتها وتأثيرها في الأحداث السورية، فيما الواقع خلاف ذلك، اللهم إلا مواصلة المشاركة في تدمير سورية وتقتيل أهلها وتهجيرهم. وهو ما يذكر بالدور الروسي في أوكرانيا التي خسرتها موسكو لأجل حاكم فاسد أيضاً، فلم يبق في جعبة روسيا إلا إدامة حالة الموت والدمار في ذاك البلد أيضا.