الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حتى لا تتكرر الحالة الفلسطينية في سوريا

حتى لا تتكرر الحالة الفلسطينية في سوريا

13.01.2014
فرحان العقيل


الشرق القطرية
الاحد 12/1/2014
في العرف الموازي لمحددات علم الإدارة التقليدية والمتواترة في هذا العلم الحديث والمتنامي بنظرياته وقواعده؛ يتداول العامة رأياً منافياً لتلك الرؤى الإدارية الكثيفة؛ فحين ترغب في إطالة أمد مشروع ما أو المماطلة في قرار فاجنح به صوب اللجان لتفضي كل لجنة إلى أخرى ويتخاذل القرار ما بين اجتماع واجتماع وبين رأي وآخر؛ كيف وإذا امتزجت ممارسات السياسة بتلك الرؤى وصيغت القرارات في قوالبها الممزوجة بالمصالح القريبة والبعيدة وتلك التي تراعي تداخلات المزاج الواسع لكل الأطراف، فما أضاع فلسطين من أيدي العرب سوى تحويلها إلى قضية يقال فيها ما يقال وتعقد لها الاجتماعات والمؤتمرات ذات الأجندات الطويلة والموسعة والتي لم تفض إلى شيء يرد إلى الشعب الفلسطيني بعض كرامته المسلوبة وأرضه المستباحة، واليوم تحال القضية السورية إلى نفس السيناريو القديم لأرض المقدسات ويعيش العالم حالة قلق وترقب لجملة المؤتمرات المعنية بالشأن السوري حيث يرتقب العالم قرارات جنيف 2 ربما حاول المجتمعون لملمت الشعث السوري الواسع الذي خلفته الثورة الحديثة هناك دون أن تحقق حسماً مباشراً وسريعاً كمثيلاتها في مصر وتونس وليبيا. فتدويل الحالة السورية بهذا الحجم والتعدد في التدخلات حقيقة لا تبشر بخير قريب يعيد إلى الشام أمنه واستقراره. ومن متابعة المشهد السوري الحالي والتطور العسكري في ساحته بظهور تنوعات مسلحة وتحويل أرض الشام إلى حلبة لتصفية جملة من الحسابات والصراعات الدولية والإقليمية على حساب العامة من الشعب وأمنهم وقوتهم وأعراضهم لتغدو للمعركة هناك توسعات مخيفة ومضرة بمستقبل المنطقة وأمنها. ففي حين ينتظر الجميع الحسم يرى البعض ضرورة في إطالة أمد التناحر هناك وصب الزيت على وقود المعركة الملتهب لتدفع الأرض السورية وأهلها ثمناً باهظاً ومستمراً للحرية والخلاص من جبروت السلطة الحاكمة. ومع أن للشام خصوصيته وثقله في المعادلة السياسية الدولية ومن منهج إنساني محض حسبما يتعلل العالم الحديث اليوم بمظاهر الإنسانية ونبذ التطرف حيالها وحماية الأبرياء وتمكين الإنسان أيا هو من المقومات الأساسية للحياة يجب أن يكون الحسم وتحيق السلام هدفاً مرجحاً لكل المواقف وان يتحمل العالم ومؤسساته مسؤولياتهم حيال ما يجري هناك من تداخلات وتجاذبات مخيفة أفضت بالوطن السوري إلى حلبة للصراعات المقيتة. وحيث ننتظر جميعاً قرارات مؤتمر جنيف 2 القادم وما ينتج عنها كآخر المسلمات المتاحة لوضع حلول جذرية للمحنة الإنسانية هناك. وأعود لأقول إن على العالم أجمع خاصة القوى الإستراتيجية أن تعيد حساباتها بمنهجية أقوى بدلاً من النكوص والتردد وتمرير المواقف عبر بوابات المؤتمرات وطاولات الاجتماعات، فقد شاهد العالم حالات خذلان متنوع ومتكرر تماماً كما عايشناه في القضية الفلسطينية فصارت المصالح أقرب من حاجة الشعب ومعاناتهم. فليس حرياً بالقوى العالمية أن تصيغ مصالحها على حساب الضمير ومعاناة الناس وأن تبدل المواقف هكذا علناً تبعاً للمزاج وظروف اللحظة أو تغلب مصالح فئة على أخرى دون اعتبار لقيم التاريخ والتكافؤ العددي لمكونات الشعب. فالمصالح الآنية لا تضمن سلاماً مستداماً وتعدد الطروحات السياسية لا تنفي الحقوق العامة التي تتبجح بها ديمقراطيات العالم المزعومة، فضمير العالم يُمتحن الآن في الحالة السورية وتحديداً في اجتماعات جنيف حتى لا تدخل المنطقة برمتها في أجواء أكثر عتمة تعيد تقسيم الخارطة الإقليمية وتفرز تجاذبات يصعب لملمتها أو حتى مجرد التعامل معها كما هو جاري الآن من بروز قوى تفرض نفسها وأيدلوجياتها على المشهد بشكل مخيف. كما على المعارضة السورية في الداخل والخارج أن تكون أكثر حصافة واستفادة من عبر التاريخ السياسي في المنطقة لتنجو بالبلاد بأقل ما يمكن من الخسائر.