الرئيسة \  مشاركات  \  حتى لا تغدوَ تجاوزاتُ الـ YPG ظاهرةً

حتى لا تغدوَ تجاوزاتُ الـ YPG ظاهرةً

09.06.2016
د. محمد عادل شوك




بعدَ قيام داعش بدَوْرها الوظيفيّ، رأت الدول صاحبة النفوذ في الملف السوريّ أن تتخلّص منها، فبادرت بشنّ هجمات عليها في أكثر من محور، ابتداءً من كوباني، ثمّ تدمر، و أخيرًا في منبج و الرقة، تزامنًا مع الفلوجة و الموصل في الملف العراقي.
و هذا أمر لا تملكُ الأطراف السورية، و حتى المتحالفة معها ( السعودية، و تركيا ) حقَّ إبداء الرأي فيه؛ فضلاً على المشاركة في مجرياته؛ حتى لا تنكشف أسرار هذا الصندوق الأسود لغير رُعاته؛ و لكنّ الذي يمكن الخوضُ فيه، و إبداء الرأي حوله، هو مسيرة بعض الأطراف السورية، في تحركاتها المرسومة لها.
و نعني بذلك على وجه الخصوص قوات الحماية الكردية ( YPG )، القوام الرئيسي في ( قوات سورية الديمقراطية )، التي باتت رأس حربة في تلك العمليات، في إطار سياسة اعتماد البدائل لدى أمريكا، عقبَ إجهاز بعض فصائل الجهادية السلفية، على بديلها من الفصائل ذات المشروع المحليّ.
و الذي يحمل على الخوض في هذا الموضوع، هو اقتراب تلك القوات من تخوم مدينة منبج، ذات الأغلبية العربية؛ نظرًا للهواجس التي يأخذها المراقبون على محمل الجدّ، في حال دخلت تلك القوات أزقتها و حواريها.
و ذلك في استحضار لما قامت به في المناطق العربية في شمال حلب، من تجاوزات تركت في النفس غُصةً، و أحدثت في الجسد جرحًا غائرًا، لا يُتوقع البُرء منه في المدى القريب.
فلقد أقدمت حين اجتياحها لها، مدعومة من روسيا و النظام، و بغض طرف من أمريكا، على جملة من الخطوات غير المبررة، منها:
1ـ تشريد أهلها العرب المواليين للثورة، في مقابل إعادة المواليين للنظام إليها.
2ـ نهب ممتلكاتهم، و حملها إلى عفرين.
3ـ تغيير أسمائها من العربية إلى الكردية، فأطلقت اسم ( سيروك أبو ) على مطار منغ العسكري، و يعني ( القائد الأب )، نسبة إلى عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، وبات اسم ( أرباد ) يطلق حاليًا على بلدة (تل رفعت )، و شمل هذا الأمر أيضًا (20) منطقة أخرى.
لقد نجح الذين استثمروا في ( داعش ) باعتباره مكوّنًا سُنيًّا، في تجذير العداوة نحو السُّنة العرب في سورية، و العراق: عرقيًا ( مع الأكراد )، و طائفيًّا ( مع الشيعة ).
و لذلك يربط المراقبون بين تصاعد نغمة القضاء على داعش، في وقت متزامن، في العراق و سورية، حيث يمثل الغُلاة من الشيعة رأس الحربة في الهجوم على الفلوجة، و الكرد في منبج و الرقة، و غير بعيد أن تحدث التجاوزات بحق العرب السُنّة من عناصر ( YPG ) في أثناء تقدمها باتجاه مدينة منبج، ولاسيّما أن الماضي القريب ما يزال يمدُّ الذاكرة بخزين من هذه التجاوزات.
يرى كثيرٌ من المراقبين، أنّ الأمر يستدعي كثيرًا من رسائل الطمأنة، من هذه القوات إلى إخوانهم العرب من أبناء تلك المناطق؛ و إلاَّ فهم ليسوا في مأمن من تغدو تلك التجاوزات ظاهرةً تتكرر حيثما وجدت هذه القوات، و أنّ هزيمة داعش ستكون نذير شؤم عليهم، مثلما كانت وبالاً حينما داهمتهم في ( 23/ 1/ 2014م ).