الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حتى لو استخدم السلاح النووي!

حتى لو استخدم السلاح النووي!

29.05.2013
أ. د. محمد خضر عريف


المدينة
الاربعاء 29/5/2013
ما زال موقف الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا؛ لا يراوح مكانه حيال ما يرتكبه الحكم السوري المجرم من فظائع يومية تجاه شعبه، فرغم التلويح منذ زمن بعيد بالتدخل العسكري، ورغم التأكيدات المتتالية على أن التدخل سيكون فوريًّا وعنيفًا متى استخدم نظام من يُسمَّى بالأسد السلاح الكيميائي، إلاَّ أن دول الغرب كلها ما زالت تُقدِّم رِجْلا وتُؤخِّر أخرى على مدى عامين مضيًّا قتل فيهما ما يقرب من مائة ألف سوري نصفهم من النساء والأطفال، وتهجر وتشرد سبعة ملايين داخل سورية وخارجها، أيّ ما يقرب من ثلث السكان، ولو استمر الوضع على ما هو عليه سيصل عدد المهجرين بعد شهور قليلة إلى نصف السكان، وكما أكد الأردن وحده سيمثل السوريون 40% من سكان الأردن قريبًا جدًّا، ويذكرنا هذا التهجير بالطبع بما فعلته إسرائيل بالفلسطينيين منذ نكبة 48 حتى اليوم، بل إن ما فعله اليهود بهم لا يُقارن أبدًا بما فعله النصيريون بالمسلمين السنة في سورية، فاليهود المغضوب عليهم يبقون أهل كتاب تُؤكل ذبيحتهم، وتُنكح نساؤهم، أمّا النصيريون فخارجون عن الملّة عند أهل السنة وعند الشيعة وحتى عند الدروز، لا تُؤكل ذبيحتهم ولا تُنكح نساؤهم.
المهم في الأمر أن سفاح سورية وعصاباته من الإيرانيين وعناصر ما يُسمَّى بحزب الله و(العصائب) التي جاءت من العراق، وجميعهم من الروافض الذين لا يجمعهم إلاّ شيء واحد: كُره أهل السنة والتعطش لدمائهم، خلاف ما يروّجونه من أنهم يجاهدون لحماية مقدساتهم في سورية، هذه العصابات ثبت للعالم كله أنها استخدمت السلاح الكيميائي ضد المدنيين في سورية من خلال العينات من التربة، والتي هربت إلى بريطانيا، ومن خلال فحص حالات الإصابة التي وصلت إلى تركيا، كما أن أمريكا تملك أدلة دامغة على استخدام الطغمة الفاسدة الحاكمة في سورية للسلاح الكيميائي، ومع ذلك يصرح الأمريكيون كل يوم بأنهم ما زالوا يبحثون عن أدلة إضافية لاستخدام عصابات النصيريين للسلاح الكيميائي، وكأنها تقول لنظام المُسمَّى بالأسد اضربوا الشعب بالمزيد من الأسلحة الكيميائية، ليتسنى لنا جمع الأدلة القاطعة على أنكم استخدمتموها، وقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية استخدام هذه الأسلحة في بعض الرؤوس المُحمّلة على الصواريخ التي تسقط كل يوم بالعشرات على رؤوس المدنيين، وكما قرأتُ لبعض المحللين لو أن النظام العلوي كان يملك أسلحة نووية ثم استخدمها ضد شعبه، فإن الغرب لن يُحرِّك ساكنًا على الأقل في الوقت الحاضر، إذ هم يُماطلون ويُؤخِّرون ويعقدون المؤتمر تلو المؤتمر وآخرها مؤتمر جنيف 2 المزعوم الذي سيُعقد في يونيو المقبل؛ لكي يعطوا النظام العلوي أطول مدة ممكنة لقتل أكبر عدد من السنة، وتهجير المزيد من مئات الآلاف منهم من مدنهم وقراهم، وبعد ذلك إما أن تدمر هذه المدن والقرى بالكامل لكي لا يعرف سكانها من بعد حدود أراضيهم ومنازلهم، وإمّا أن تُغيّر الديموغرافية فيها، ويسكن فيها الرافضة من علويين وشيعة وغيرهم.. وهذه الفئة مريحة للغرب ولأمريكا خاصة ولإسرائيل بشكل أكثر خصوصية، فعلى مدى أربعين سنة جربت إسرائيل الحكم العلوي الذي حرس حدودها بكل وفاء وأمانة، ولم يُسمح لطلقة واحدة أن تسقط في الجولان المحتل، أما اليوم وقبل سقوط الحكم العلوي بدأت القذائف تتهاوى على الجولان بين الفينة والفينة، فكيف إذا سقط وحَكَم أهل السنة الذين تعتبرهم إسرائيل أعداءها الحقيقيين؟ فهي لا تنظر إلى الروافض إلاَّ على أنهم حلفاء مُقنّعون، وأن ما يرفعونه من شعارات الممانعة والصمود والتصدّي، ليست إلاّ شعارات ضد أهل السنة في الواقع، وليست ضد إسرائيل بحالٍ من الأحوال، وهذا أمر يفهمه الغرب وتفهمه أمريكا خصوصًا، لذلك لم تفعل في العراق سوى أنها انتزعت الحكم من يد السنة وسلّمته للشيعة، ولا تُصرِّح القوى الغربية بذلك، بل تقول إنها تخشى أن ينتقل الحكم من يد العلويين إلى يد المتطرفين، ولا تقصد بالمتطرفين إلا أهل السنة، ولو افترضنا جدلاً أن الأسد كان سنيّا إذاً لأسقطته أمريكا قبل عامين، وسلّمت الحكم للروافض، كما فعلت في العراق، وأمام هذا الواقع لا يمكننا أن نضع يدنا على خدنا، وننتظر التدخل العسكري الغربي، فذلك لن يحصل أبدًا ولا مخرج من هذه الأزمة إلاَّ تسليح المقاتلين السوريين الأبطال، وهو أمر سمحت به الجامعة العربية، وتستطيع كل الدول العربية أن تزوّد المقاتلين بما يحتاجونه من الأسلحة النوعية عن طريق الأردن، أمّا إن اعتقدنا أن أمريكا وحلفاءها سيتدخّلون لإسقاط النظام العلوي إن استخدم الأسلحة الكيميائية، فإننا نكون لا شك واهمين، بل إنهم كما أسلفت لن يُحرِّكوا ساكنًا، حتى لو استخدم السلاح النووي.