الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حتى يؤدي العلماء دورهم.. في نصرة سوريا وغيرها

حتى يؤدي العلماء دورهم.. في نصرة سوريا وغيرها

20.06.2013
عدنان سليم أبو هليل

الشرق
20/6/2013
في مؤتمره الذي عقد الخميس الماضي 13 / 6 في القاهرة تحت عنوان « دور العلماء في نصرة سورية » اعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في البيان الصادر عنه والذي ألقاه الشيخ محمد حسان أن " ما يجري في أرض الشام من عدوان سافر من النظام السوري والإيراني وحزب الله وحلفائهم الطائفيين يعد حرباً معلنة على الإسلام والمسلمين ".. البيان أعلن وجوب الجهاد ضد هؤلاء بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد وكل ما من شأنه إنقاذ الشعب السوري.. كما دعا لمقاطعة الدول الداعمة له وعلى رأسها روسيا وإيران.. وبحسب وسائل إعلامية فإن رؤية ورسالة المؤتمر تركزت على توحيد أهل السنة في جبهة عامة للدفاع عن الإسلام وشريعته الخالدة ومقاومة المشروع الصفوي في بلاد الإسلام..
فإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وأنهم بذلك يجب أن تتبوصل مواقفهم بطهورية الأنبياء الأخلاقية اتجاها وقوة ووضوحا بقدر ما يجب أن تبتعد عن الانفعال والاستعجال والنزق.. فإن موقف العلماء هذا لا يمكن اعتباره بعد كل هذه الفترة من بداية الثورة وبهذه الصيغة المتوازنة وإذ حصروا الإدانة الطائفية بحكومات تلك الدول وبالحزب لا بشعوبها ولا بكل الشيعة.. فلا يمكن اعتباره بهذه المحددات إلا غاية الحكمة والإمهال وإلا في إطار الأخلاقية العالية والإحساس بالمسؤولية.. إذ لا يجوز أن نغرق في اللحظة التي يراد لنا فيها أن نذهب إلى صراع طائفي مفتوح وصريح يدمر الصيغ الوطنية والقومية والأخلاقية التي حكمت العلاقة بين الطائفتين لمئات السنين، ويدمر البلاد والمنجزات ويرهق الأمة ويدمي كيانها..   مع ذلك فإن المرجو من هذا المؤتمر أكثر من عبارات (طالب وأوصى واستنكر ودعا) التي عنونت فقرات بيانه الأخير.. وأرى في هذا السياق ومن قبيل الحرص على أن يقع المؤتمر في مواقعه التي يجب أن يقع فيها، وحتى لا ننزلق لصراع يستفيد منه غيرنا كالذي كان في أفغانستان ثم في العراق.. وحتى يكون لكلام علمائنا الفضلاء الوجاهة القيمية الاعتبارية التي يجب أن تكون له، ولا تتحول كلماتهم ومواقفهم لمجرد فقاعات هواء أو انعكاسا للحالة الباردة البائسة التي اعتدنا أن نراها في مجمل تفاعلنا مع الأحداث الجسام والنوائب التي طحنتنا خلال الثلاثين سنة الأخيرة.. فإن المطلوب من العلماء في المشهد السوري وفي غيره كما أرى:
 أولا: أن يقدموا جهدهم في ثلاثة مقامات أو ثلاثة أدوار، هي على الترتيب لا على المصادفة 1- قيادة وتوجيه الأمة للموقف المبدئي المؤصل شرعا والعادل والمعمق دراسة وفهما حتى يشد المخالف قبل الموافق للاقتناع به وهو ما قاموا به في هذا المؤتمر.. 2- المحافظة على هامش فرق عن مواقف السياسيين والنظم الرسمية ولو في جانب الإجراءات والتنفيذ، مهما كانت هذه النظم على حق، لأن مصلحة الأمة في الفرق بين العلماء والنظم أكبر بكثير من مصلحتها في التطابق الكامل بينهما ليبقى لكل فريق هامش التحرك خارج موقف الفريق الآخر ؛ ثم إن للعلماء دورا لا تملكه النظم والحكومات الرسمية المنخرطة في الأزمة وهم في مقام الأب للجميع، 3- وعلى العلماء أن يتحركوا في كل القضايا وفي كل الأوقات بالأخص في القضية الكبيرة والوجع الدائم – فلسطين - حتى يكونوا مواكبين للأحداث وكلها تتصل ببعضها وتشترك في معظم محركاتها، وحتى لا يظهر علماؤنا الأجلاء بمظهر من يستدعون حينا وينسون أحيانا، أو كأنهم يتحركون بأجندات غيرهم..
 ثانيا: المتوقع من علمائنا الأجلاء أن يتابعوا إعلان الجهاد المقدس الذي أعلنوه في الموضوع السوري، ولكن وفق منهجية وتراتبية حكيمة ووفق أجندة رصينة.. وحتى يكون ذلك فالمتوقع أن يشكلوا من وراء مؤتمرهم هذا لجنة تتابع ما قرروه، وتضع الآليات المناسبة لتنفيذه، ويتوقع أن تصير لهم تواصلاتهم مع كل الجهات المعنية بالأزمة..   العلماء لا يصلح أن يظلوا من دون مركز للدراسات الإستراتيجية والاستشرافية يكون مستقلا عن الانحياز والأهواء السياسية حتى يمتلكوا زمام الموضوعية والمبادرة وحتى يسبقوا الأحداث ولا يظلوا يلاحقونها ملاحقة، وحتى يمكنهم صياغة وسبك الأفكار والمشاريع تجاه الأزمات الواقعة والمتوقعة ولا تظل اجتماعاتهم وفتاواهم انعكاسا لأحداث ومعالة لأخطاء تفرض عليهم.
 ثالثا: إذا تنبهنا إلى أن هامش عمل العلماء مختلف عن هامش عمل السياسيين، وتنبهنا إلى أن موقفهم يعبر عن الدين أولا وليس عن آرائهم الشخصية أو مواقف الدول التي ينتمون إليها، وتنبهنا إلى أن عملهم يبدأ بدراسة المشكلة، ثم القيام بمهمة (فأصلحوا بين أخويكم)، ثم تهيئة الرأي العام للقرارات الحاسمة ضد الطرف المعتدي الباغي، وأخيرا إلحاق القرارات بالعمل على توليف الحلفاء والداعمين والتحرك فيما بينهم.. فالأكيد أن على العلماء سوى ما قاموا به أن يدعوا علماء الشيعة من إيران وسوريا ولبنان، وأن يناقشوهم جديا وتفصيليا في الموقف ومخارجه ومداخله ومخاطره؟ ثم يشكّلوا منهم جميعا لجنة متحركة بين الأطراف تلملم الجراح على غرار اللجنة التي شكلت يوم احتل العراق الكويت؟
 آخر القول: ما قام به علماء الأمة من نصرة للثورة وتجريم للنظام السوري الطائفي هو عين الصواب والواجب المتعين في وقته ومحله ؛ ولكن السؤال: هل هذا الموقف القوي والمباشر هو أول المطاف ؛ أم هو آخر المطاف؟ وهل هذا كل ما سيقومون به..