الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حذار من خديعة رفع الحصار عن مضايا!

حذار من خديعة رفع الحصار عن مضايا!

14.01.2016
علي الرشيد



الشرق القطرية
الاربعاء 13/1/2016
رغم أن الضغوط الدولية نجحت أخيرا في إدخال قافلة من المساعدات الإنسانيّة إلى منطقة مضايا بريف دمشق الإثنين الماضي، مُحدِثة ثغرة في الحصار الجائر والخانق، الذي ضربته - ولا تزال - مليشيات حزب الله وقوات النظام السوري منذ عدة أشهر، وهو ما يعطي فرصة لإبقاء سكانها على قيد الحياة، فإن الأهم هو كسر هذا الحصار بصورة نهائية، وأهمية التحرك لكسر الصمتين العربي والدولي عن هذه الجرائم الإنسانية، تجنبا لتكرار تجربة إلحاق الأذى وإزهاق أرواح المدنيين في مناطق أخرى من خلال سلاح التجويع، بحجّة تضييق الخناق على الجماعات المسلحة التي تتغلل بينهم أو تتمترس بهم.
ليست المرة الأولى التي تُحاصَر فيها مناطق سورية، فقد سبق أن حوصر مخيم اليرموك، وربما لن تكون الأخيرة، والمؤشرات والتقارير تتوقّع بأن يقوم حزب الله وقوات النظام بضرب حصارات أخرى على مناطق كالمعضمية والغوطة الشرقية وغيرها، وأن يكتفوا برفع الحصار عن مضايا وليس كسره.
انتصرت مضايا أخيرا وبقيت حيّة شامخة رغم حجم التضحيات وكثرة الضحايا، أما من مات حقا وسقط أخلاقيا وخاب فهو حزب الله، منذ أن فقد إنسانيته، وباع ضميره وتنكّر لحق الجوار، وردّ الجميل لمن وقف معه في ساعة العسرة، وانكشف أمام غالبية الأمة، وسقطت الأقنعة المزيفة التي طالما تخفّى وراءها بزعم المقاومة ونصرة الحق والدفاع عن المظلومين، وسيظل الخزيّ والعار يلاحقه أمام أجيال الحاضر والمستقبل.
لقد باشر حزب الله مرحلة السقوط منذ أن اصطف إلى جوار النظام السوري قبل خمس سنوات، وقام بالقتال إلى جانبه ضد مطالب شعبه في الحرية والكرامة وإنهاء مظاهر الديكتاتورية، ثم نسّق مع النظام الإيراني والمليشيات التي تأتمر بأمره، ومع الروس لإتمام هذه المهمة مؤخرا.
وقد افتضحت مقاومته المزعومة، هو وكل ما يسمى بمحور المقاومة، وتلاشت شعبيته التي بلغت أوجهها بعد الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان عام 2006، وتلوثت سمعته نظرا للجرائم التي ارتكبها ضد الشعب السوري من ترويع وقتل للآمنين، وتجويع للمدنيين، وتهجير لهم من بيوتهم وأراضيهم، وتدمير لبيوتهم وقراهم. وقد اغترّ الحزب بقوته مدعوما من النظام الإيراني، لكنّ الأغبياء وحدهم هم الذين لا يحسنون قراءة قائمة ربحهم وخسارتهم، ويبقون في طغيانهم سادرون.
أما الخاسر الآخر فهو المجتمع الدولي باعتباره فاقدا للضمير الإنساني، الذي لم يتخذ حلا حاسما إزاء إجرام النظام السوري منذ بداية الثورة السورية في مستهل عام 2011 أولا، ثم إجرام النظامين الإيراني والروسي بتدخلهم العسكري واحتلالهم المباشر للأراضي السورية، وانتهاك سيادتها وقصف المدنيين حتى بالقنابل العنقودية، أو المساهمة في هذا الجانب ثانيا، واكتفى إما بالصمت أو غضّ الطرف أو التعبير عن قلقه ومخاوفه، أو بإدانته اللفظية الشفوية فقط.
لم يوافق حتى على مطالب المعارضة بإقامة مناطق آمنة من القصف بالطائرات والمدافع، ولم يمنع النظام من استخدام القصف ولم يأخذ على يده مع تكرار استخدامه للأسلحة الكيماوية، والغازات المحرّمة دوليا، ولم يقبل بتسليح المعارضة المعتدلة لكفّ أذى النظام وأعوانه، ولم يتحرك لكسر حضار مضايا إلا بعد أن بلغ السيل الزبى، ووصل الأمر حدّ الجريمة الإنسانية. وحتى من يسمون بأصدقاء الشعب السوري من الدول لم تفعل شيئا ذا بال كذلك.
يجب أن يدرك المجتمع الدولي أن السماح بمرور قافلة المساعدات التي بدأت بالدخول يوم الإثنين الماضي ما هو إلا كسر لحصار مضايا، ولا يعني بأي حال من الأحوال رفع الحصار. إنها "سد رمق" مؤقت ومحاولة من النظام السوري وحزب الله لمواجهة الهجمة الإعلامية التي فضحت إجرامهم وطائفيتهم.