الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب إقليمية وشيكة؟

حرب إقليمية وشيكة؟

13.05.2013
علي بردى

النهار
13/5/2013
الإستعدادات الجارية لعقد مؤتمر دولي حول سوريا لا تبعث كثيراً على الأمل. يبدو أن أي خيار سياسي ليس إلا ضرباً من الوهم. تؤكد كل المعطيات أن جميع أطراف النزاع يتأهبون لحل عسكري. ينذر هذا المسار بحرب اقليمية في الشرق الأوسط.
ثمة لعبة مكشوفة على الطاولة. لا يمكن الديبلوماسية أن تستكين. يسعى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون وفريق كبير من الخبراء الى تنظيم مؤتمر دولي جديد في محاولة لوقف دوامة العنف في سوريا. يستجيب بذلك للاتفاق المبدئي بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف على السعي الى توسيع نقاط الإتفاق الواردة في "بيان جنيف" وتوضيحها. يعرف ديبلوماسيون كبار أن دون ذلك مشقّات حتى في حال صفاء النيّات. يضطلع الرئيس السوري بشار الأسد بدور تقليدي في هذه اللعبة: يكسب المزيد من الوقت ليثبت أن لا غنى عنه في أي تسوية سياسية. أما الثائرون عليه فلا يزال حسبهم الصراع في ما بينهم على من يجلس على هذه الطاولة. أما اللعبة الأخرى، فهي التي تجري تحت الطاولة. يعتقد ديبلوماسيون يعرفون الأسد جيداً أنه سيقاتل حتى الرصاصة الأخيرة وقطرة الدم الأخيرة. يحاول تحقيق المستطاع من الإنتصارات العسكرية عله يتمكن لاحقاً من إملاء شروطه، ليس على المعارضين الذين لا يعترف أصلاً بوجودهم، بل على القوى الإقليمية والدولية الداعمة لهؤلاء. يؤمن بأنه سيتمكن على الأقل من الإحتفاظ بدولة علوية تمتد من الساحل السوري الى دمشق، حتى لو اضطره ذلك الى تدمير العائق المديني – الديموغرافي ذي الغالبية السنيّة في حمص ومحيطها. لا يخفي "حزب الله" دوره العلني في هذه العملية الإستئصالية سعياً الى المحافظة على خطوط الإمداد مفتوحة بين العلويين السوريين والشيعة اللبنانيين. لا يحتاج "حزب الله" الى ذريعة حماية مقام السيدة زينب كي يدافع عن نظام الرئيس الأسد.
أدت المخاوف من أفول "الهلال الشيعي" الى تورط اقليمي آخر. تفيد المعلومات لدى البعثات الديبلوماسية أن وحدات نظامية من الجيش العراقي تقاتل جنباً الى جنب مع القوات النظامية السورية ضد المعارضة السنيّة المسلحة والجماعات الجهادية الوافدة الى سوريا، ليكون هذا الفصل الأحدث من امتدادات هذه الحرب. غير أن تركيا - ومعها خصوصاً السعودية وقطر - التي اكتفت حتى الآن بتقديم مساعدات عسكرية وانسانية مختلفة للمناوئين للأسد، تنزلق أكثر فأكثر نحو التورط مباشرة في النزاع.
تكرر اسرائيل لعبتها الخبيثة في سوريا مثلما فعلت طويلاً في لبنان. ترسم ما تشاء من الخطوط الحمر أو غيرها بطائراتها الحربية. غير أن فتيل الإنفجار الإقليمي الكبير قد يأتي من الأردن الذي اضطره "الخطر الوجودي" الى نشر قواته على الحدود السورية، تمهيداً لإقامة منطقة عازلة طال الحديث عنها. وهذا ما قد يضطره أيضاً الى طلب الإستعانة، ولو سراً، بقوات من دول عربية مجاورة.
لا أفق لحل ديبلوماسي في سوريا، فكيف يمكن تجنب حرب اقليمية كبيرة خلال الأشهر المقبلة؟