الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب الثارات بين لبنان وسورية

حرب الثارات بين لبنان وسورية

21.11.2013
يوسف الكويليت


الرياض
الاربعاء 20-11-2013
    لبنان استقل شكلاً عن فرنسا، وبقي مستعمرة عالمية، فقد تحالف كميل شمعون مع الغرب واستدعى قواته ليوقف المد العربي والإسلامي حتى لا يغرق المسيحيون وسط أكثرية قومية تسندها سنة لبنان وشيعته متجاهلاً المد الناصري الذي كانت تؤيده غالب الأحزاب اللبنانية والتي أسقطت وزارته بالقوة، كذلك الأمر بالمسلمين السنة متذبذبي الولاء حين يتحالفون مرة مع فصائل مسيحية، وأخرى قومية، فتحول لبنان إلى مركز مبيعات ب«الكاش» والتقسيط، ولا يزال يعيد سيناريو آخر حرب أهلية استعملت فيها كل الأسلحة من قبل لبنانيين وفلسطينيين وإسرائيليين انتهت كعادة ساسة هذا الشعب «بلا غالب ولا مغلوب» بعد اتفاق الطائف..
ليلى لم تكن مريضة العراق فقط بل في لبنان فقد اعتقد اللبنانيون أن آخر حروب بلدهم انتهت بصلح الطائف، لكن مفاجآت تنامي حزب الله، واحتكاره القوة العسكرية المدعومة من إيران أخلّا بتوازن الطوائف، وبعد جلاء إسرائيل عن جنوب لبنان استشعر الشيعة أنهم خط المقاومة وكسبوا بذلك زخماً عربياً وإسلامياً، لأن إسرائيل خرجت بدواعي الضغط المقاوم الذي واجهته، غير أن لعبة السياسة اتسعت فصار الحزب لا يريد أن يكون مجرد محصور في الضاحية الجنوبية وهو يرى الامتداد اللبناني مفتوحاً أمامه بساحله وجبله، وشهوة السيطرة على كل لبنان أخذت اتجاهاً دعمته حكومة بشار، وساندته مادياً وعسكرياً إيران، وبالفعل أصبح لبنان شكلاً دولة وشعباً لكل اللبنانيين وبرئاسة مسيحية، ورئاسة وزراء سنية، ولكنه في الحقيقة بقي تحت مظلة قوة حزب الله، إلى أن انفجر الوضع في سورية ليكشف عن حقيقة الحزب بأنه رصيد إيران في لبنان، وخط الدفاع عن سورية الطائفية..
وكما باع لبنان طوائفه المختلفة لكل زبون جاء حزب الله ليعلنها صريحة أنه تابع لحكومة الولي الفقيه، لكنه ابتعد عن مساحته بشكل أكبر فقد تدخلت قوات الحزب مساندةً لنظام الأسد باسم مكافحة الإرهاب، لكنه لم يدرك أن التدخل في هذه المنزلقات يبدأ سهلاً تصاحبه دعايات بطولية، وشعارات لم يبق منها إلا طابعها المحرض قديماً، والمستخف به حديثاً، ولعل ورطة حزب الله ليست فقط كسب عداء ما يزيد على خمسة وعشرين مليون سوري بل يظل وجود حزب الله مع النظام يشابه هيمنة إسرائيل على الجولان، وبالتالي فالنتائج قد لا تظهر اليوم وغداً وإنما ما بعد نهاية الأسد..
فالجوار السوري للبنان لم يكن طبيعياً لأن ساسة سورية يشعرون أنه أقيم كيانه مقتطعاً من أراض سورية، وظل ما بعد تحرره مركز تجسس وتآمر وانقلابات عليهم، ولذلك كان الأسد أكثر صرامة مع اللبنانيين حين حوّل بلادهم إلى ملحق بدولته، وحالياً لا يختلف الأمر فقد جاء نصر الله ليجذر عداوة أخطر، وسيصبح لبنان رهينة الوضع السوري مع الأزمنة القادمة، حتى إن استقراره سيمر عبر دمشق، وقد تكون القضية ليست تحالف مذاهب وأقليات، بل إن الاعتداء على أكثرية وطنية سورية وتدمير ما بنته مئات السنين، سيجعل لبنان خارطة التدمير بفعل ما قام به نصر الله وحزبه وآخرها ما حدث من تفجيرات في الضاحية وغيرها..
لقد تورطت قيادات لبنانية بالركض خلف السراب، وأدخلته خندق الحروب الدائمة، وحزب الله يكمل الدائرة الجهنمية، لأن ملايين السوريين لن يستطيعوا البقاء محايدين وهم يرون أن من يقتلهم هو جار، وأصحاب أرومة واحدة حتى لو لم يبق إلاّ نصف الشعب يأخذ بثأرهم ويرد لهم كرامتهم المهدرة بين إيران وضيعته..