الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب طائفية مقيتة سببها حكم فاسد

حرب طائفية مقيتة سببها حكم فاسد

09.05.2013
كاظم عايش

السبيل
الخميس 9/5/2013
الدمار الذي لحق بسوريا نتيجة الحرب الفاجرة التي يقودها طاقم الفساد الحاكم في سوريا، تتحول الى حرب طائفية بامتياز، بعد ان وصل النظام الى حائط مسدود، فاستدعى كل اسباب البقاء التي يظن انها ستسعفه، وهيهات إن الله لا يصلح عمل المفسدين.
الشعب السوري سلم قياده لعائلة الاسد التي اختبأت طويلا وراء حزب البعث، ووراء الدعاوى القومية وهي منها براء، ووراء الممانعة والمقاومة، وليست من اهلها، وأنهكت الشعب السوري رغم وجود المقدرات والمقومات التي يمكن ان تجعل سوريا في مقدمة الدول اقتصاديا وسياسيا، ولكن الشعب السوري تحول في ظل الحكم الفاسد الى شعب متسول، تنتشر بينه الرشوة والفساد والمحسوبية، وليس ادل على ذلك من حالة التفكك التي اعترت النظام رغم دمويته وبطشه؛ فالانشقاقات بالجملة، والهجرة الجماعية الداخلية والخارجية كلها مؤشرات على فقدان الثقة بالنظام والخوف منه في آن واحد، وما ظهور الشبيحة والازلام الذين نشروا الرعب في انحاء سوريا، إلا وجه من وجوه النظام القبيحة التي كان يخفيها طويلا، واضطر إلى إظهارها عندما شعر بالخطر يتهدده، وللعلم فإن شعور النظام السوري بالخطر الذي يتهدده هو شعور مضاعف لأكثر من سبب، فهو يعلم انه نظام فاشل في ادارة الدولة، كما يعلم انه نظام متسلط، يحابي طائفة ملكت كل شيء، واستأثرت بكل شيء، وقهرت ما عداها، وكان معروفاً في الجيش السوري أن عريفا علويا يمكنه ان يوجه الاوامر لكبار الضباط من السنة، ولكن أحداً لم يكن يجرؤ على الحديث؛ احتراماً للدولة القومية العروبية الممانعة والمقاومة والباطشة بكل من يتطرق إلى هذا لموضوع في نفس الوقت.
إن تطاول الحزب الفاسد على قيم واخلاق ومعتقدات الشعب السوري المتدين في الاصل قد افقد هذا النظام قيمته وهيبته مبكرا، والذي اطال عمره هو البطش والقسوة، إضافة الى الاخطاء التي ارتكبها من لجؤوا الى العنف لمحاربة النظام، فتسببوا بالمجازر غير المبررة التي اقترفها بحق الشعب السوري، وأشاعت جواً من الخوف والرعب والترقب، ومنعت الشعب من تطوير آليات للاصلاح ومراقبة حالة التردي التي وصل اليه الحال؛ نتيجة الشعور الزائف بالقوة التي تلت تلك المرحلة، حيث لم توجد معارضة حقيقية للنظام، وهو لم يكن اصلا ليسمح بها حتى بدون ما ذكر من اسباب، وقد عززت حالة التغول على الشعب، وتهميشه وانتهاك كل حقوقه.
وجود حزب الله في لبنان والدور الذي قام به بدعم من ايران وتسهيلات من النظام السوري جعل المشهد اكثر تعقيدا؛ فالحزب اصبح في موقف لا يسمح له بالتراجع بعد ما حققه من انجاز في ميدان المقاومة، وايران تريد استثمار دور الحزب بأقصى ما يمكنها، خاصة أنها دفعت الكثير من موازنتها في دعمه، وسوريا كانت ايضا مستفيدة من وجود الحزب ودوره في لبنان، فلبنان شأن سوري داخلي حساس، وبعد خروج سوريا من لبنان اصبح الحزب هو وكيلها المدافع عن مصالحها، وتلبس الامر السياسي باللبوس الطائفي بطريقة أو بأخرى، رغم تباعد المعتقد بين الشيعة والنصيرية، ولكن عداوة النصيرية للسنة جعلت منها حليفا للخصم التاريخي الآخر للسنة وهو الشيعة المسيسة، وهكذا تعقد المشهد وتداخل السياسي بالطائفي، وتحولت المعركة بعد تدخل ايران السافر وحزب الله في المعركة الى حرب طائفية اجج نيرانها سلفية موجهة سياسيا، واصبح الموقف اكثر بؤساً وتعقيداً.
الغريب في الامر أن النظام البائس في سوريا يقود الدولة الى الدمار، وهو يعلم أنه لن يبقى في الحكم مهما كانت نتيجة هذه الحرب الفاجرة، وهو يفعل ذلك بدوافع انتقامية لا أكثر، خيار شمشون، ولا يريد ان يبقي له اي بقية يمكن ان تذكر له في سجل اعماله التي لم تكن يوما صالحة تجاه شعبه المغلوب على أمره، والغريب ايضا ان الشعب السوري لم يحظ بعطف العرب ولا الغرب وهم يرونه يذبح جهارا نهارا، كأنهم يريدون معاقبته على سكوته عن هذا النظام الفاشل الفاسد طوال هذه السنين، أو يريدون لسوريا ان تخرج من معادلة الصراع الاهم مع العدو الصهيوني، وهي المرشحة بقوة للتأثير في معادلة هذا الصراع لو قدر لها ذلك.
الحرب الطائفية التي بدأت نذرها في سوريا وامتدت الى العراق ولا ندري الى اين تأخذنا، ستكون أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث في المنطقة؛ لأنه سينهكها ويبدد طاقتها، ويمكن للصهاينة بعد ان اهتز وجودهم وتراجع مشروعهم، وعلى العقلاء ان يتحركوا لوقف هذه الحرب الفاجرة التي لن تخدم سوى الصهاينة والمشروع الغربي لتقسيم المقسم، والاجهاز على ما تبقى من قوة هذه الامة، وتبديد الامل الذي عاودنا بعد «الربيع العربي» لاستعادة قدرتنا ووحدتنا وتأثيرنا، وتحرير ما اغتصب من ارادتنا واراضينا ومقدساتنا.
تلك أمة قد خلت، فلماذا ننقل أحقاد التاريخ بأيدينا الى اجيال لم تعد تهتم بتفاصيل ذلك المشهد البائس، الذي يتوارثه البعض كأنه دين؟ ومتى نستيقظ من هذه الغفلة القاتلة التي اوقفت مدن الحضارة لعدة قرون؟ أليس في التجربة الانسانية درسا لنا لنقيل عثراتنا، ونتخطى حالة التخلف ونندب الحظ واللطم على ما فات، أم اننا مصرون على فشلنا وخيبتنا؟