الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب عالمية.. هل تقع؟

حرب عالمية.. هل تقع؟

18.02.2016
د. خالص جلبي



الاتحاد
الاربعاء 17/2/2016
في مقابلة مع صحيفة "Handelsblatt" الألمانية حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف: (من نشوب حرب عالمية جديدة). ومع كتابة هذه الأسطر تدخل سوريا عاماً دموياً مرعبا، في الوقت الذي يتم تناقل خبر الاستعدادات في عملية (رعد) ربما لتدخل بري من قوات سعودية مع قوات عربية أخرى، ويزداد التعقد في الأزمة السورية وتبلغ القلوب الحناجر، فهل هي كما قال الشاعر اشتدي ازمة تنفرجي قد آذن صبحك بالبلج؟ أم أننا كما قال الروسي ميدفيديف على أبواب دخول حرب عالمية؟ الحرب لا تحتاج لأكثر من أحمقين وزوبعة غضب وسلاح متوفر؟
الحرب كما أعرفها أنا دوما بعدة كلمات: جنون وجريمة وعجز عقلاني وإفلاس أخلاقي.
كتاب جديد من سلسلة "عالم المعرفة" وقع تحت يدي يعود إلى شهر أغسطس 2013 م يبحث في هذه الظاهرة من جنون بني البشر، فيه بذل المؤلف ريتشارد نيد ليبو جهداً خرافياً في محاولة الإمساك بهذه الظاهرة الفريدة والمتكررة في تاريخ الإنسان؟ عنوان كتابه "لماذا تتحارب الأمم؟ الماضي والمستقبل عن دوافع الحرب". لقد قام الرجل بمحاولة مسح التاريخ منذ عام 1648م فوصل إلى الرقم 150 في عدد الحروب التي خاضتها الدول كان أفظعها على الإطلاق ما تم في القرن العشرين.
وحسب (مكنمارا) وزير الدفاع الأميركي الأسبق أيام أزمة كوبا في أكتوبر 1962 فهو يقرر أن عدد قتلى الحروب في هذا القرن الذي عشناه بلغ 160 مليوناً من الأنام. ويعرف الحرب أنها تلك التي تخوضها مجموعات بشرية متحاربة يصل عدد القتلى فيها على الأقل إلى ألف إنسان، ويذكر عن خطة التشغيل المتكاملة التي كانت في حوزة قيادة القوات الجوية الأميركية التي يرمز لها بـ (SIOP) أن 200 مدينة سوفييتية كانت على خارطة المسح بالقنابل الذرية، بل كل مدينة يزيد عدد سكانها على 25 ألف نسمة.
وذكر وهو الخبير أن توقعاته لعدد القتلى كانت ستبلغ باشتعال حرب حرارية نووية في الطرف الشيوعي ما بين 360 ـ 525 مليونا من الأنام، فإذا رصدنا عدد البشر على وجه الأرض آنذاك أي في الستينيات من القرن المنصرم أنها كانت مليارين من البشر حيث وصل رقم البشر للمليار الأول عام 1800 م واحتاج 130 سنة ليصل إلى مليارين في حين بلغ في أغسطس 2013 أزيد من سبعة مليارات من الأنام، فلو وقعت الواقعة في الستينيات، وحسب تقديرات (روبرت مكنمارا) أنه وفي الأسبوع الأول كانت ستأكل حوالي ربع الجنس البشري، وسيكون الرد الانتقامي على رؤوس الأميركيين كارثة تأخذ حياة مئة مليون إنسان إلى الآخرة؟
لكن الجميل في الكتاب تقرير بعض الأمور الإيجابية منها أن الديمقراطيات لا تتقاتل، وأن تواتر حروب الدول يميل مخططه إلى الانخفاض، وأن عدد الأسلحة النووية وصل يوماً ما إلى سبعين ألف رأس، لكنه الآن في تراجع، وأن المفاهيم ضد الحرب تأخذ كل يوم اتجاهاً أعمق في التربة الإنسانية. يقول (ليبو) المؤلف أن عناصر مثل المكانة والمصلحة والانتقام والخوف محركات لمشاعر الكراهية والانزلاق إلى قدر الحرب، وهو يقول ربما كان تفسير الحرب من فوضوية العالم الذي نعيش فيه، وربما في قسم منه إلى تركيبة أدمغتنا. وهو بحث أكده عالم الأعصاب (مك ماكلين) على ما جاء في كتاب (الخوف الكبير) للجنرال فيكتور فيرنر، أن دماغنا في الواقع هو ليس دماغا واحدا، بل بالأحرى ثلاثة أدمغة متراكبة طبقاً عن طبق، وأن قرارات الحرب تأتي أحياناً من دون منطق ومراجعة وعقلانية، وإلا كيف نفسر استخدام بشار السلاح الكيماوي لإزهاق أرواح 1429 إنسانا منهم 426 طفلاً في صيف عام 2013م؟