الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حزب الله.. القدس ليست في "القصير"

حزب الله.. القدس ليست في "القصير"

26.05.2013
جـابـر الحرمي

جـابـر الحرمي
الشرق
الاحد 26/5/2013
عندما تعرضت لبنان وحزب الله إلى عدوان اسرائيلي غاشم في 2006، سارعت كل الشعوب العربية الى دعم المقاومة، والوقوف معها، واحتضانها بكل ما كان لديها من امكانات، بل ان هناك دولا عربية فتحت ابوابها لاستقبال الاخوة اللبنانيين وفي مقدمتهم اسر وعوائل حزب الله وقدمتهم لهم التسهيلات، ليس منا إنما واجب قومي.
هذه الوقفة مع حزب الله "المقاوم" في 2006، عندما واجه اسرائيل كان منطلقها دعم المقاومة في اتجاهها الصحيح، واستطاع الحزب فيما بعد ان يدخل بيت كل عربي، وقبله قلب كل عربي مسلم سني تحديدا، وان كنت لا أحب التفريق أو الحديث عن هذا الامر، لكن ما يحدث اليوم من قبل الحزب من سلوكيات وأعمال عسكرية في سوريا، وتحديدا في بلدة "القصير" السورية، وهجومه بكل ما أوتي من قوة على الأبرياء في القصير، وارتكاب كل هذه الأعمال الوحشية وغير المقبولة ليس اسلاميا فقط بل إنساني، ليدعو إلى التوقف عندها، والاستغراب منها.
أهالي القصير اول من فتح بيوتهم لاستقبال عوائل الحزب، وقدم كل الدعم، وتبرعت المرأة السورية في القصير بما كان لديها من حلي وامكانات بسيطة من أجل دعم الحزب في مقاومته ضد اسرائيل في 2006، واليوم بعد نحو 7 سنوات يكون الجزاء بالاجتياح والتدمير وتوجيه صواريخ "غراد" إلى هذه البلدة الآمنة، دعما لنظام يمارس القتل ضد شعبه لأكثر من عامين بأسلوب همجي في كل شبر على أرض سوريا الطاهرة.
كان بامكان "حزب الله" ان يكون عنصرا ايجابيا في الحل وليس في المشكلة، والتبرير الذي يسوقه الحزب ان النظام السوري هو نظام داعم للمقاومة، وبالتالي لابد من الوقوف معه حتى في قتل شعبه، تبرير واه، ولا يعطي مسوغا للمشاركة في قتل الشعب السوري الاعزل، من نساء وأطفال وشيوخ، حتى وإن صحت مقولة الحزب في توفير النظام السوري عناصر الدعم، فلا يعني أن تقف معي في الحق، أن أقف معك في الباطل، إلا إذا كان الحزب يعتقد أن قتال النظام السوري لشعبه هو قتال في الاتجاه الصحيح، ويظهر أن الحزب مقتنع بذلك، ومتوافق مع النظام في هذه السياسة، بدليل الانزلاق إلى الساحة السورية كطرف رئيسي في قتل شعب لم يعرف التاريخ له مثيلا.
حركة المقاومة الاسلامية "حماس" كانت متواجدة في سوريا، ولها مقرات في دمشق، لكنها ابت ان تلطخ اياديها بدم الشعب السوري، لأنها تعرف ان معركتها ليست في سوريا، معركتها الحقيقية مع العدو الاسرائيلي، وبندقيتها تجاهها هناك، فرضت الدخول كطرف في قتل الشعب، وفضلت الانسحاب بكل هدوء من الساحة السورية، على رغم كل ما يمكن ان تخسره من مساحات عمل وحركة، لكنها رأت انه من الخطأ الاستراتيجي خوض معركة خاسرة في نهاية المطاف.
حزب الله ارتكب خطأ استراتيجيا بالدخول في معركة خاسرة مهما قال عنها، وان استطاع دخول بلدة القصير بعد تدميرها بالكامل، وازالتها من خارطة الوجود، لأنه لن يدخلها طالما كان هناك طفل سوري في القصير.
حزب الله يقول ان معركته مع اسرائيل، ونقول له "القدس ليست في القصير"، القدس هناك تحتلها اسرائيل، فلماذا افرغت ذخيرتك العسكرية، ورميت بحمم صواريخك على اطفال ونساء وشيوخ القصير؟!.
انها خيانة الامانة، وخيانة للشعوب التي وثقت بالحزب، وكانت تعتقد انه بالفعل مقاوم لاسرائيل، وانه حزب تحرير للقدس، ولكن اذا بها تفاجأ في صدمة غير متوقعة ان بوصلة الحزب قد انحرفت باتجاه شعب فتح ابوابه امام الحزب وكوادره وعوائله.
الحاضنة الحقيقية لأي حزب مقاوم ليست الانظمة والحكومات، انما الشعوب، فلا يعتقد قادة حزب الله انهم بهذا العمل الذي اقدموا عليه في الدخول كطرف مساند لنظام سيباد، قد حققوا نصرا، او انهم شكلوا قوة جديدة، على العكس تماما، فحزب الله من لحظة توجيه بندقيته الى اطفال سوريا قد خسر حاضنته الشعبية في العالم العربي والاسلامي، ولن تقوم للحزب قائمة في العالم العربي والاسلامي، فكل ما بناه انهار في هذا السلوك غير المقبول الذي يمارسه اليوم في سوريا، ولا يعتقد ان الشعوب العربية والاسلامية سوف تغفر له ذلك.
في وقت ما، بعد حرب 2006، كان حسن نصرالله يحظى بالتأييد في الشارع العربي والاسلامي اكثر من الكثير من الزعماء العرب، ظنا من هذه الشعوب انه مناصر حقيقي للقدس والاقصى، ولكن اليوم لم يعد للحزب او قيادته وجود في العالم العربي والاسلامي، خاصة لدى الشعوب، التي وقفت داعمة للحزب عندما كانت بوصلته في الاتجاه الصحيح، لكن اليوم بعد ان تغيرت هذه البوصلة فان الامر قد اختلف تماما.
الشعب السوري سينتصر عاجلا او آجلا، ولن يكون للنظام الحالي مكان في سوريا المستقبل، فماذا سيفعل حزب الله وقادته، الذين ادخلوا الحزب في هذا المستنقع الآسن، من الحرب القذرة التي يخوضها ضد الابرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، كل جريرتهم وجريمتهم انهم نادوا بالحرية والكرامة والعدالة.. فكان رد النظام القمعي الاستخدام الامني ظنا منه ان سنوات القمع التي زادت على 40 عاما سوف تجدي في هذه المرحلة، وان حماة الاولى يمكن ان تتكرر دون ان يعلم بها احد.
لو وقف العالم كله مع النظام الاسدي اليوم، في وجه الشعب الثائر، فان النصر سيكتبه هذا الشعب بالدم، هذا الشعب الذي ضحى باكثر من 120 ألف شهيد، والملايين من اللاجئين والمشردين في الداخل والخارج، سينتصر على كل المتآمرين والمتواطئين والداعمين.. هذه هي السنن الكونية، أي شعب استطاع نظام ان يقمعه على طول الزمان.
ان الشعب السوري والشعوب العربية والاسلامية لن تغفر لحزب الله فعلته في سوريا، وستظل هذه وصمة عار في جبينه مهما حاول التبرؤ منها، او تبريرها بتصريحات واهية.. الشعوب اليوم واعية، لن تخدعها كلمات منمقة.
مشاركة حزب الله في القتال في سوريا الى جنب النظام تمثل طعنة للشعوب العربية والاسلامية، التي طالما ساندت الحزب عندما كانت بندقيته موجهة في الاتجاه الصحيح، وكان يمكن لهذه الشعوب ان تعطي وتدعم اكثر لو كان موقف الحزب عادلا، وشكل طرفا للحل، ولكان الحزب قد كسب شعبية واحتراما كبيرين شعبيا، لكنه قد خسر الكثير، والكثير جدا.
كان يمكن ان يكون حزبا جامعا للامة، ومركزا هدفه في الطريق الصحيح، مبتعدا عن ما يفرق هذه الامة..
حرام ان يدفع بشباب حزب الله الى معركة خاسرة في سوريا، تمثل محرقة حقيقية لهم، فأهل سوريا لن يقبلوا ان تطأ اقدام "غازية" اراضيهم، ايا كانت هذه الاقدام، حتى وان دخلت هذه الاقدام ووطئت أراضيهم تحت ظرف استثنائي، فان ذلك لن يدوم ولن يطول.
كلمة اخيرة..
في الحديث "انصر اخاك ظالما او مظلوما، قالوا يا رسول الله ننصره ان كان مظلوما، فكيف ننصره ان كان ظالما، قال تأخذ بيده".. أي تمنعه من الظلم يا حزب الله وليس تقاتل معه وتشاركه ظلمه.حزب الله.. القدس ليست في "القصير"
جـابـر الحرمي
الشرق
الاحد 26/5/2013
عندما تعرضت لبنان وحزب الله إلى عدوان اسرائيلي غاشم في 2006، سارعت كل الشعوب العربية الى دعم المقاومة، والوقوف معها، واحتضانها بكل ما كان لديها من امكانات، بل ان هناك دولا عربية فتحت ابوابها لاستقبال الاخوة اللبنانيين وفي مقدمتهم اسر وعوائل حزب الله وقدمتهم لهم التسهيلات، ليس منا إنما واجب قومي.
هذه الوقفة مع حزب الله "المقاوم" في 2006، عندما واجه اسرائيل كان منطلقها دعم المقاومة في اتجاهها الصحيح، واستطاع الحزب فيما بعد ان يدخل بيت كل عربي، وقبله قلب كل عربي مسلم سني تحديدا، وان كنت لا أحب التفريق أو الحديث عن هذا الامر، لكن ما يحدث اليوم من قبل الحزب من سلوكيات وأعمال عسكرية في سوريا، وتحديدا في بلدة "القصير" السورية، وهجومه بكل ما أوتي من قوة على الأبرياء في القصير، وارتكاب كل هذه الأعمال الوحشية وغير المقبولة ليس اسلاميا فقط بل إنساني، ليدعو إلى التوقف عندها، والاستغراب منها.
أهالي القصير اول من فتح بيوتهم لاستقبال عوائل الحزب، وقدم كل الدعم، وتبرعت المرأة السورية في القصير بما كان لديها من حلي وامكانات بسيطة من أجل دعم الحزب في مقاومته ضد اسرائيل في 2006، واليوم بعد نحو 7 سنوات يكون الجزاء بالاجتياح والتدمير وتوجيه صواريخ "غراد" إلى هذه البلدة الآمنة، دعما لنظام يمارس القتل ضد شعبه لأكثر من عامين بأسلوب همجي في كل شبر على أرض سوريا الطاهرة.
كان بامكان "حزب الله" ان يكون عنصرا ايجابيا في الحل وليس في المشكلة، والتبرير الذي يسوقه الحزب ان النظام السوري هو نظام داعم للمقاومة، وبالتالي لابد من الوقوف معه حتى في قتل شعبه، تبرير واه، ولا يعطي مسوغا للمشاركة في قتل الشعب السوري الاعزل، من نساء وأطفال وشيوخ، حتى وإن صحت مقولة الحزب في توفير النظام السوري عناصر الدعم، فلا يعني أن تقف معي في الحق، أن أقف معك في الباطل، إلا إذا كان الحزب يعتقد أن قتال النظام السوري لشعبه هو قتال في الاتجاه الصحيح، ويظهر أن الحزب مقتنع بذلك، ومتوافق مع النظام في هذه السياسة، بدليل الانزلاق إلى الساحة السورية كطرف رئيسي في قتل شعب لم يعرف التاريخ له مثيلا.
حركة المقاومة الاسلامية "حماس" كانت متواجدة في سوريا، ولها مقرات في دمشق، لكنها ابت ان تلطخ اياديها بدم الشعب السوري، لأنها تعرف ان معركتها ليست في سوريا، معركتها الحقيقية مع العدو الاسرائيلي، وبندقيتها تجاهها هناك، فرضت الدخول كطرف في قتل الشعب، وفضلت الانسحاب بكل هدوء من الساحة السورية، على رغم كل ما يمكن ان تخسره من مساحات عمل وحركة، لكنها رأت انه من الخطأ الاستراتيجي خوض معركة خاسرة في نهاية المطاف.
حزب الله ارتكب خطأ استراتيجيا بالدخول في معركة خاسرة مهما قال عنها، وان استطاع دخول بلدة القصير بعد تدميرها بالكامل، وازالتها من خارطة الوجود، لأنه لن يدخلها طالما كان هناك طفل سوري في القصير.
حزب الله يقول ان معركته مع اسرائيل، ونقول له "القدس ليست في القصير"، القدس هناك تحتلها اسرائيل، فلماذا افرغت ذخيرتك العسكرية، ورميت بحمم صواريخك على اطفال ونساء وشيوخ القصير؟!.
انها خيانة الامانة، وخيانة للشعوب التي وثقت بالحزب، وكانت تعتقد انه بالفعل مقاوم لاسرائيل، وانه حزب تحرير للقدس، ولكن اذا بها تفاجأ في صدمة غير متوقعة ان بوصلة الحزب قد انحرفت باتجاه شعب فتح ابوابه امام الحزب وكوادره وعوائله.
الحاضنة الحقيقية لأي حزب مقاوم ليست الانظمة والحكومات، انما الشعوب، فلا يعتقد قادة حزب الله انهم بهذا العمل الذي اقدموا عليه في الدخول كطرف مساند لنظام سيباد، قد حققوا نصرا، او انهم شكلوا قوة جديدة، على العكس تماما، فحزب الله من لحظة توجيه بندقيته الى اطفال سوريا قد خسر حاضنته الشعبية في العالم العربي والاسلامي، ولن تقوم للحزب قائمة في العالم العربي والاسلامي، فكل ما بناه انهار في هذا السلوك غير المقبول الذي يمارسه اليوم في سوريا، ولا يعتقد ان الشعوب العربية والاسلامية سوف تغفر له ذلك.
في وقت ما، بعد حرب 2006، كان حسن نصرالله يحظى بالتأييد في الشارع العربي والاسلامي اكثر من الكثير من الزعماء العرب، ظنا من هذه الشعوب انه مناصر حقيقي للقدس والاقصى، ولكن اليوم لم يعد للحزب او قيادته وجود في العالم العربي والاسلامي، خاصة لدى الشعوب، التي وقفت داعمة للحزب عندما كانت بوصلته في الاتجاه الصحيح، لكن اليوم بعد ان تغيرت هذه البوصلة فان الامر قد اختلف تماما.
الشعب السوري سينتصر عاجلا او آجلا، ولن يكون للنظام الحالي مكان في سوريا المستقبل، فماذا سيفعل حزب الله وقادته، الذين ادخلوا الحزب في هذا المستنقع الآسن، من الحرب القذرة التي يخوضها ضد الابرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، كل جريرتهم وجريمتهم انهم نادوا بالحرية والكرامة والعدالة.. فكان رد النظام القمعي الاستخدام الامني ظنا منه ان سنوات القمع التي زادت على 40 عاما سوف تجدي في هذه المرحلة، وان حماة الاولى يمكن ان تتكرر دون ان يعلم بها احد.
لو وقف العالم كله مع النظام الاسدي اليوم، في وجه الشعب الثائر، فان النصر سيكتبه هذا الشعب بالدم، هذا الشعب الذي ضحى باكثر من 120 ألف شهيد، والملايين من اللاجئين والمشردين في الداخل والخارج، سينتصر على كل المتآمرين والمتواطئين والداعمين.. هذه هي السنن الكونية، أي شعب استطاع نظام ان يقمعه على طول الزمان.
ان الشعب السوري والشعوب العربية والاسلامية لن تغفر لحزب الله فعلته في سوريا، وستظل هذه وصمة عار في جبينه مهما حاول التبرؤ منها، او تبريرها بتصريحات واهية.. الشعوب اليوم واعية، لن تخدعها كلمات منمقة.
مشاركة حزب الله في القتال في سوريا الى جنب النظام تمثل طعنة للشعوب العربية والاسلامية، التي طالما ساندت الحزب عندما كانت بندقيته موجهة في الاتجاه الصحيح، وكان يمكن لهذه الشعوب ان تعطي وتدعم اكثر لو كان موقف الحزب عادلا، وشكل طرفا للحل، ولكان الحزب قد كسب شعبية واحتراما كبيرين شعبيا، لكنه قد خسر الكثير، والكثير جدا.
كان يمكن ان يكون حزبا جامعا للامة، ومركزا هدفه في الطريق الصحيح، مبتعدا عن ما يفرق هذه الامة..
حرام ان يدفع بشباب حزب الله الى معركة خاسرة في سوريا، تمثل محرقة حقيقية لهم، فأهل سوريا لن يقبلوا ان تطأ اقدام "غازية" اراضيهم، ايا كانت هذه الاقدام، حتى وان دخلت هذه الاقدام ووطئت أراضيهم تحت ظرف استثنائي، فان ذلك لن يدوم ولن يطول.
كلمة اخيرة..
في الحديث "انصر اخاك ظالما او مظلوما، قالوا يا رسول الله ننصره ان كان مظلوما، فكيف ننصره ان كان ظالما، قال تأخذ بيده".. أي تمنعه من الظلم يا حزب الله وليس تقاتل معه وتشاركه ظلمه.