الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حزب الله خرج ولن يعود

حزب الله خرج ولن يعود

09.06.2013
سمير الحجاوي

الشرق القطرية
الاحد 9/6/2013
تورط حزب الله في سوريا سيكلفه غاليا، فهو استطاع أن يدخل بسهولة بمساعدة نظام بشار الأسد، وخاض معه معركة القصير وانتصر فيها مرحليا، بالتحالف مع القوات العلوية وجيش الأسد والمليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني والحوثيين اليمنيين، فهذا التحالف الشيطاني قاتل 2000 ثائر، ربعهم فقط كانوا داخل القصير المحاصرة، والحقيقة أن الانتصار الذي حققه حزب الله وحلفاؤه كان في متناول اليد، فهم يملكون عددا أكبر من الرجال، وقوة نيران كبيرة جدا، وفوق هذا كله يملكون منسوبا عاليا من الوحشية والهمجية التي حولت القصير إلى مدينة مدمرة ومخربة بالكامل.
إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فإن الثوار قاتلوا ببسالة وقوة وعزيمة وعنفوان وإيمان، وصمدوا ثلاثة أسابيع كاملة بدون مساعدة أو مدد أو عون، وهذا يعتبر في المقاييس العسكرية إنجازا كبيرا جدا للثوار، فهم محاصرون بالكامل من قبل جيش الأسد الإرهابي ومليشيات حزب الله والمليشيات العراقية والإيرانية واليمنية الشيعية والعلوية.
ما جرى في القصير، ويجري في الغوطة الشرقية وحلب يفتح الباب أمام تصورات مستقبلية شنيعة لحزب الشيطان في سوريا، أهمها أنه دخل المعركة لكنه لن يستطيع الخروج أبدا، ولا خيار له إلا الاستمرار بالقتال إلى جانب قوات الأسد الإرهابية، لسببين، الأول: أنه إذا ترك الأسد وحيدا فإنه سينهار بسرعة، والثاني أنه إذا انكفأ إلى لبنان فإن الثوار السوريين سيلاحقونه إلى هناك، وهذا يعني أن لبنان عبارة عن معركة مؤجلة بالنسبة للثوار السوريين، وأنه لولا الضغوط التي تمارسها بعض الدول الخليجية المؤثرة في الملف السوري لتحول لبنان إلى ساحة ملحقة بالحرب السورية.
لكن أهم ما أفرزه تدخل حزب الشيطان في سوريا هو فتح الملف العقائدي على أشده، ففي الوقت الذي يعتبر فيه الشيعة أنهم يقاتلون "التكفيريين"، أي كل من خالف عقيدتهم ودينهم، وهذا ينطبق على كل المسلمين، فإن المسلمين من جهتهم فتحوا خزانة التاريخ واستخرجوا منها "ترسانة" من الفتاوى والآراء والمواقف التي تعتبر الشيعة والعلويين "كفار"، وحتى أكفر من اليهود والنصارى، كما وصف الشيخ يوسف القرضاوي العلويين النصريين القرامطة، مما يمهد الطريق لمنازلة تاريخية كبيرة، فقائد جيش الأسد يعلن أنه يريد أن يقاتل "تحت راية الحسين" رغم أنه نظريا يمثل حزبا علمانيا لا دينيا، وحزب الشيطان يرفع شعار "زينب لن تسبى مرتين" و "لن نترك الحسين وحيدا هذه المرة" في مواجهة "المشركين والتكفيريين الوهابيين" وبالطبع فإن كل المسلمين، بنظر أتباع الدين الشيعي، هم تكفريون وهابيون نواصب.
هذا الفصام التاريخي نبشه تدخل حزب الشيطان في سوريا والقصير تحديدا، مما أعاد إلى الأذهان فراق الرسول صلى الله عليه وسلم مع قومه من قريش بناء على قاعدة الاختلاف العقائدي وقتالهم حتى يكون الدين لله، وهذا ما عناه ربما بغير قصد، رئيس الائتلاف السوري جورج صبرة، عندما تحدث عن أن "الجيران لم يعودوا جيرانا"، فالجيران الشيعة تحولوا إلى "أعداء مقاتلين"، يحاصرون المدن ويقتلون الناس ويتصدون للثورة.
وللدقة فإن هناك دمجا كبيرا بين عموم الجمهور الشيعي وبين المليشيات الشيعية المقاتلة من حزب الله والعراق وإيران واليمن وإيران، وهذا الدمج تضيع معه الخطوط الفاصلة، فاحتفال "الضاحية الجنوبية" بانتصار حزب الله في القصير"، والتهاني الإيرانية للأسد بـ "فتح القصير" والانتصار على "التكفيريين" في القصير، وتوعد باقي "التكفيريين السورييين" بنفس المصير، وفرح بعض الشيعة في الخليج بالنصر العظيم، كل هذا يضع الطائفة في مواجهة الأمة، وهي حالة خطيرة جدا، لأن الاستقطاب الديني سيصل إلى ذروته في لحظة من اللحظات "لتصحيح أخطاء التاريخ"، ويكفي أن نستمع لأغاني الشيعة حتى نعرف ما يجري وندلل على خطورته، تقول كلمات إحدى الأغنيات الشيعية على موقع "أبو الفضل العباس سفاح النواصب": "اسمع جيش امية لا تفتكر ترجع ... نصر الله بكلمتين جيش الكفر نقلع .. القصير ما بتلين ... زينب زينب زينب
وحياة الحسين وعباس والكفين.. جايين الك بالنار والمدفع .. يازينب لا تنوحي تربة أمام حسين اللي بوصل الباب أشلاء رح يرجع .. للنصرة ما نهتم تكفير يسفك بنبقي بوجه الظلم أبطال ما نركع .. شيعة والك جايين علمتنا درس حسين .. نمحي عدو الدين للنصرة والمنبع .. ناطرين إشارة من الإصبع".
هذه الأغنية التي استخدمت فيها مقاطع من كلمة زعيم حزب الشيطان الأخيرة والتي قال فيها أنه لا يحتاج إلى إعلان الجهاد ويحتاج فقط إلى كلمتين لتجييش الشيعة ضد المسلمين"، كلمات الأغنية واضحة ومعها أغاني كثيرة، وهي موجودة على اليوتيوب وعلى صفحتي على الفيسبوك، فالشيعة في سوريا يقاتلون من أجل "قلع جيش الكفر" والكلام موجه لجيش أمية ويزيد وأتباعهما في القرن الحادي والعشرين ميلادي، الرابع عشر هجري.
كسب حزب الشيطان الجولة في القصير حتى الآن، لا شك في ذلك، لكنه فتح أبواب أمام حرب طويلة جدا، حدودها العالم الإسلامي كله، فالحرب الآن بين الشيعة والمسلمين، وهي حرب ستكون كلفتها عالية جدا، فهي تضع إيران وشيعة العراق ولبنان وسوريا ولبنان وباكستان وأفغانستان والهند في مواجهة لا قبل لهم بها، فنصر الله وجنده يريد أن "يصحح التاريخ في سوريا" ويثار من بني أمية وجيش يزيد، أي أن ما تشهده سوريا حاليا هي "الحركة التصحيحية الثانية" بعد "الحركة التصحيحية الأولى" بقيادة حافظ الأسد، جزار حماة، وإذا كانت "الحركة التصحيحية للأسد الأب والتي ورثها الابن" قد أدت إلى ثورة الشعب السوري على حكم الأقلية للنظام العلوي كله، فإن الحركة التصحيحية الثانية بقيادة نصر الله " ومشاركته بذبح السوريين، ستؤدي إلى ثورة في العالم الإسلامي كله على الشيعة في كل أنحاء العالم، لأنهم لم يعودوا جيرانا مقبولين للغالبية المسلمة من أهل البلاد.
كرة النار تتدحرج، وطرد ممثلي قناة المنار الناطقة باسم حزب الشيطان في الأغوار الأردنية من احتفال فلسطيني مؤشر إلى أين تذهب الأمور، فالشعوب أصبحت ترفض وجودهم ونفاقهم حول فلسطين والمقاومة والممانعة، وبعيدا عن الأمنيات والرغبات والتهوين أو التهويل، فإن المعركة بدأت في سوريا، وهي معركة دخل حزب الشيطان فيها لكنه لن يخرج ولن يعود أبدا، ولن تعود الأوضاع بين المسلمين والشيعة إلى عصر ما قبل القصير أبداً مهما كان الثمن..