الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حزب الله وإسرائيل.. والسعي إلى الحرب

حزب الله وإسرائيل.. والسعي إلى الحرب

18.05.2013
منار الرشواني

منار الرشواني
الغد الاردنية
السبت 18/5/2013
في المضمون، لا يبدو أي جديد في التحذير الإسرائيلي الأخير لنظام بشار الأسد، كما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الأربعاء الماضي: سنعود إلى ضربكم (في حال مواصلة نقل أسلحة لحزب الله) ولن تقوموا بالرد، مباشرة أو عبر وكلائكم، وإلا كانت عاقبة ذلك شل أو إنهاء حكم الأسد.
لكن حقيقة أن يكون مصدر الخبر هو مسؤول إسرائيلي رفيع بادر بنفسه إلى الاتصال بالصحيفة، هو ما أثار التساؤل عن المستهدف بالتحذير، لاسيما أن الأسد يعرف تلك العواقب سلفاً.
هنا قد يبدو صحيحاً أن المستهدف "الأولي" هو روسيا التي فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل ساعات من ذلك، في إقناعها بالعدول عن إتمام صفقة بيع أسلحة (صواريخ) متطورة لسورية. لكن مع ذلك، يظل المستهدف الرئيس والنهائي هو حزب الله (ومن خلفه إيران) الذي تخشى إسرائيل أن يكون الوجهة النهائية للسلاح الروسي المتطور. كما أن أمين عام الحزب حسن نصرالله، هو من تولى الكشف عن الردود "السورية الاستراتيجية" في حال أعادت إسرائيل الكرّة وهاجمت مواقع عسكرية سورية، أو أسلحة في طريقها، أو يُزعم أنها في طريقها إلى حزب الله، كما حدث مطلع الشهر الحالي.
لكن، هل تريد إسرائيل فعلاً التورط في الحرب السورية، وكذلك فتح جبهة جديدة مع حزب الله؟ الأقرب للمنطق هو النفي. فعدا عن مكاسب إسرائيل بتحييد سورية وإنهاك جيشها في قمع الثورة، جاء تورط حزب الله بالعمل العسكري إلى جانب نظام الأسد هدية مجانية ولا أثمن؛ يستنزف فيها الحزب، وفي فترة قياسية، موارد مادية، وكثيراً جداً من موارده المعنوية التي استثمر فيها عقوداً.
ولعل النقطة الأخيرة توضح القيود على قدرة حزب الله خوض حرب جديدة مع إسرائيل. ففي حال عادت إسرائيل إلى ضرب سورية، هل يستطيع الحزب أخذ لبنان إلى الحرب لأجل بشار الأسد، والذي كان حزب الله قد ضحى لأجله أصلاً بجزء كبير من حاضنته الشعبية خارج الطائفة؟ كذلك، هل يبدو الحزب جاهزاً للقتال على جبهتين؛ سورية وإسرائيل؟ الأقرب للمنطق أيضاً، استناداً إلى المعطيات المتاحة، هو امتناع حزب الله عن الرد المباشر على أي عدوان إسرائيلي على سورية، وارتضاؤه خسارة معنوية جديدة، بفقدان مصداقية تعهدات أمينه العام نصرالله بالانتصار للأسد في أي عدوان إسرائيلي مستقبلي.
والحقيقة أنه يمكن للطرفين التوصل هنا إلى حل وسط! فالملاحظ أن إسرائيل، وليس الأسد أو حزب الله، هي من تبادر إلى الكشف عن هجماتها على سورية، حتى في فترة ما قبل اندلاع الثورة. وبالتالي، قد تقرر إسرائيل مواصلة هجماتها بصمت يعفي نظام الأسد وحزب الله من الإحراج ولربما التصعيد، ويسمح لهما بمواصلة الانشغال بالداخل السوري، خصوصاً أن الاستمرار في تدمير سورية، وتعزيز الشقاق الطائفي في المنطقة ككل، هما في النهاية مصلحة إسرائيلية أيضاً، بل هما الهدف النهائي.
برغم كل ما سبق، يبقى قائماً طبعاً احتمال قيام نظام الأسد وحزب الله بالرد على أي هجمات إسرائيلية مستقبلية متوقعة. وهو ما يفتح على احتمال أخطر، يتمثل في دخول المنطقة في حرب وكالة إيرانية-إسرائيلية؛ على الأرض العربية، وبأرواح عربية، انقسم أصحابها طائفياً فصاروا وقود معارك غيرهم.