الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حزب الله واللعب على تناقضات المشهد الدولي

حزب الله واللعب على تناقضات المشهد الدولي

17.11.2013
اليوم السعودية



السبت 16/11/2013
اللغة التصعيدية التي ظهر بها خطاب حسن نصر الله العلني الأخير، والذي التزم فيه ببقاء قواته في الأراضي السورية؛ للقتال إلى جانب نظام الأسد، وحمايته من السقوط، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، فقدان ذلك النظام لأي مشروعية تمنحه الحق في البقاء في سدة السلطة، حينما لم يعد جيشه قادرا على التصدي للثورة، واجهاضها إلا بمعونة خارجية تأتي من خارج الحدود.
نصر الله الذي ظهر علنا على غير العادة، إمعانا في حماية أمنه الشخصي، بخلاف ما كان يحدث في السابق، حينما كان يظهر في معظم خطاباته من وراء تلك الشاشات العملاقة، على اعتبار أن إسرائيل تتربص به الدوائر .. أكد هذه المرة وبظهوره العلني أمام محازبيه، أنه يعي تماما أن ما يفعله في سوريا إنما يأتي في المقام الأول للدفاع عن أمن إسرائيل، التي لن تجد نظاما تأمن لجواره أكثر من نظام الأسد، الذي ظل يخدر شعبه بشعارات المقاومة، فيما لم يجرؤ على إطلاق رصاصة واحدة باتجاه الجولان المحتل، رغم كل تلك الانتهاكات والاختراقات التي استباحت ولا تزال تستبيح الأراضي السورية، وهذا ما يجعله آخر من تفكر إسرائيل في استهدافه، خاصة وهو يلتزم بخطابه أنه سيواصل إتمام رسالته في حماية نظام الأسد من السقوط، بعد أن نجح النظام  وحلفاؤه في وضع القوى الدولية أمام أضحوكة إما نظام الأسد، وإما القاعدة ممثلة في جبهة النصرة وداعش، لتتناسى تلك القوى -التي وضعت الجناح العسكري لحزب الله ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، والتي تزعم أنها بموقفها من الثورة السورية إنما تحارب الإرهاب، وتحول دون تمدده-، أنها تغطي إرهاب الحزب العسكري في الداخل السوري، في معادلة لا يمكن تبريرها إلا باللعب على ورقة المصالح، ودون أي اعتبار لأي التزام أخلاقي.
لقد كانت لغة نصر الله، هي لغة الرجل الذي يدرك أن كل قوى الغرب الفاعلة على الساحة الدولية، ما عادت تعني ما تقول، فهي وإن لم تمنحه الإذن في القتال داخل الأراضي السورية، إلا أنها لم تحتج على وجوده هناك، وانحراف بندقيته عن الجهة التي طالما ملأ العالم ضجيجا من أنه يواجهها، حتى أوقف حال بلده لبنان، وشل حركته السياسية، حينما رفض مناقشة أمر سلاحه بذريعة أنه سلاح مقاومة، ليبقى لبنان لما يضاهي العام تقريبا، بحكومة تصريف أعمال.
وقد أفرز هذا الواقع، الذي يتعامل مع مفردة الإرهاب بمكاييل مختلفة، تحتكم إلى مصالح السياسة، أكثر من احتكامها إلى المبادىء الدولية، أفرز بدوره واقعا جديدا قوامه الإذعان؛ لتوظيف كل الملفات في حساب المصالح، وعلى حساب حقوق الشعوب، وهذا ما جعل الحزب الذي كان يفترض أن يكون مطاردا من قبل المجتمع الدولي، بتهمة ممارسة الإرهاب، طرفا سياسيا في معادلة صياغة واقع المنطقة، وفق الرؤية الجديدة لهذا الجزء من العالم ومستقبله.
وإذا كنا نعي حقيقة هذا التناقض، وندرك مراميه، ابتداء من الملف النووي الإيراني، إلى أمن إسرائيل، فإن ما لا يمكن استيعابه أن يكون الذراع العسكرية لحزب الله، والمصنف في قائمة الإرهاب، طرفا أساسيا وأصيلا في معادلة معالجة الأزمة السورية، إذ لم يبق سوى أن يتم استدعاء الحزب بجناحه العسكري إلى طاولة جنيف 2، وهو الأمر الذي سيكتب آخر فصول هذه المسرحية الدرامية، ويسدل الستار على ما كان يسمى بالسلم العالمي؛ لتصبح قوى الأمر الواقع بقطع النظر عن تصنيفها، هي الشريك الطبيعي لرسم سياسات الدول الغربية في المنطقة.