الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حزب النعوش

حزب النعوش

09.06.2013
احمد عياش

النهار
الاحد 9/6/2013
حرص "حزب الله" حتى الان على ان لا تسجّل آلات التصوير عناصره يقاتلون في سوريا. الوجه الوحيد للحزب الذي ظهر ولا يزال في هذه الحرب هو وجه مراسل قناة "المنار" التلفزيونية الذي يطل يومياً على مشاهدي القناة ليخبرهم ان جيش نظام بشار الاسد هو من يقصف من الجو والبر ويقتحم ويترك وراءه كما كانت الحال في القصير دماراً هائلاً. ثم يسأل المراسل امام الكاميرا: "أين هم المدنيون الذين يتباكون عليهم؟". لو شاء اعلام "حزب الله" الحصول على جواب لذهب الى عرسال التي تدفق إليها آلاف النازحين من جحيم القصير وريفها ومعظمهم من الاطفال والنساء والطاعنين في السن.وهناك سيسمعون "أم دياب" وسط اولادها الستة وهي حامل الآن بتوأم تروي لمراسلة "الحياة" الاتي: "كنت أحلب البقرة في الخامسة صباحاً حين قالوا لنا غادروا البيوت. حملت طنجرة الحليب ووضعتها على الموقد لأطعم أطفالي فلم أتمكن. فقد غادرنا على عجل. أطفالي الآن من دون طعام". لم ينتبه اعلام النظام السوري الذي تحرّك بعد سقوط القصير فنظم جولات للاعلاميين لتغطية مسرح "الانتصار" ما روته "أم دياب" تاركاً الاعلاميين يصورون ما استطاعوا ومن بين ما صوّروا بقرتين كانتا امام دبابة لجيش النظام. ومن البديهي القول ان البقرة حيثما وجدت تكون هناك عائلة مثل عائلة "أم دياب" وأطفالها الستة. إلا اذا اعتبر "حزب الله" ان البقرة دليل حيواني وليس دليلا مدنياً.
اذا كان اعلام "حزب الله" يسأل "أين المدنيون؟، "فان مشاهدي "المنار" يسألون: "أين مقاتلو الحزب؟". الواصلون الى عرسال رووا انهم شاهدوهم  وقالوا ان المقاتلين "يلبسون اللون الاسود ويضعون قبعات على رؤوسهم" تماما مثلما فعل اقرانهم في بيروت في الأعوام الماضية. وكشفت التسجيلات التلفزيونية التي بثها المدافعون عن القصير قبل سقوطها جثث ضحايا الحزب في أرض المعركة. في المقابل سمح الحزب بتغطية مواكب تشييع الضحايا في البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت. ومن اراد معرفة من هو صاحب النعش عليه متابعة بيانات النعي التي تورد اسم الضحية مع صورته مذيلة بعبارة "استشهد وهو يؤدي واجبه الجهادي".
حتى اعداد هذا المقال لا تزال مواكب التشييع مستمرة ومعها بيانات النعي وصور الضحايا. واذا كان "انتصار" القصير قد تسبب بتهجير عشرات الالوف من سكان المدينة وريفها فهو أخرج "حزب الله" من ورطة الحرج امام عائلات النعوش الذين كانوا يظنون ان قبلة الجهاد هي فلسطين وليست سوريا. ولعل كثرة الحلوى التي وزعها الحزب بعد سقوط القصير كانت بمثابة مسكّنات لاوجاع ذوي الضحايا من المقاتلين. لكن السؤال الان: كم من الحلوى مطلوب توزيعها طالما ان هناك قصيرات لا عد لها ولا حصر ما زالت على امتداد سوريا؟