الرئيسة \  تقارير  \  حصار المناطق واختبار القوة بين النظام السوري والوحدات الكردية

حصار المناطق واختبار القوة بين النظام السوري والوحدات الكردية

18.04.2022
منهل باريش


منهل باريش
القدس العربي
الاحد 17/4/2022
تتخوف “قسد” من تقارب تركي مع النظام برعاية روسية بعد الشائعات حول انعقاد اجتماع أمني في موسكو بين النظام وتركيا قبل أيام.
 
فشل النظام السوري و”وحدات حماية الشعب” الكردية في التوصل إلى اتفاق يفضي إلى حل الأزمة الحاصلة بينهما منذ مطلع نيسان (ابريل) الجاري، وتطويق الخلاف الذي بدأ بإغلاق الفرقة الرابعة في جيش النظام مداخل حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، ومنعت قوات الفرقة دخول المحروقات والطحين إلى الأفران، إضافة إلى الأدوية.
وردت “وحدات الحماية” الكردية بحصار تدريجي للمربعات الحكومية والأمنية في مدينتي الحسكة والقامشلي شرق سوريا، وبلغ ذروته نهاية الأسبوع، حيث أزالت الحواجز على مداخل المربع الأمني وسيطرت قوى الأمن الداخلي “أسايش” التابع لـ “قوات سوريا الديمقراطية” الأربعاء، على الدوائر والمؤسسات الحكومية والخدمية التابعة للنظام. وانحصر تواجد النظام في كتل المقرات الأمنية الثلاثة وهي فرع المخابرات العامة “أمن الدولة” وفرع الأمن السياسي وفرع المخابرات العسكرية و”الفوج – 54” التابع للفرقة 17 والمعروف محلياً باسم فوج طرطب جنوب مدينة القامشلي.
وصَعدت “وحدات الحماية” الحصار تدريجيا فسيطرت على فرن البعث أكبر الأفران في القامشلي في التاسع من نيسان (ابريل) كرد على الحصار الذي فرضته الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد شقيق رئيس النظام على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، وهما حيان تسكنهما أغلبية كردية وتسيطر عليهما “الوحدات”. ولم يقتصر الحصار والتضييق على الحيين، بل تجاوزهما ليصل إلى منطقة الشهباء في ريف حلب الشمالي والتي تسيطر عليها القوات الكردية أيضاً، فمنعت حتى وصول المحروقات والطحين الذي أرسلته “الإدارة الذاتية”. وتأخر تحرك رد فعل “الوحدات” الكردية أسبوعا من بدء حصار قوات النظام لتلك المناطق. وتركز بداية على الفرن الذي يغذي الأفرع الأمنية والقطع العسكرية بالخبز يومياً. وتوسع لاحقا ليشمل أغلب الأفران، كما يؤمن حاجة المدنيين في مناطق سيطرة النظام في مدينة القامشلي وريفها.
وعلمت “القدس العربي” من مصادر مقربة من “الوحدات” الكردية أن دوريات “أسايش” انتشرت أمام المؤسسات صباح الخميس ومنعت الموظفين من دخولها، وشملت دائرة المالية والكهرباء والمجمع التربوي والمركز الثقافي ومركز الحبوب ومراكز النقابات وشعب حزب البعث. وتسببت الحركة بتعطل حركة الطيران في مطار القامشلي المدني الذي يسيطر عليه الروس أيضا وتوقفت الرحلات الجوية المدنية، إذ ينقل المطار الركاب إلى دمشق. وأجبر ما حصل المدنيين إلى الاعتماد على النقل البري العابر لطرق طويلة وهو الأقل أمنا والأكثر تعبا ومشقة خلال شهر رمضان، خصوصا على كبار السن والمرضى المسافرين بقصد العلاج في العاصمة دمشق. وتوقفت حركة الملاحة في المطار منذ يوم الثلاثاء، بسبب التوتر الحاصل.
وفي اجتماعات متواصلة خلال الأيام الماضية، بدأت الثلاثاء، حضرها ممثلون عن قوى الأمن الداخلي “أسايش” وقائد اللجنة الأمنية والعسكرية في محافظة الحسكة، بوساطة روسية، هدد المسؤولون الأمنيون في “الوحدات” بفرض حصار مشابه على مدينة الحسكة – مركز المحافظة – التي يسيطر النظام على أجزاء كبيرة منها في حال استمرت الفرقة الرابعة بسلوكها ضد الحيين ومنطقة الشهباء. ويشترط المفاوضون الكرد الحصول على ضمانات روسية لعدم تكرار الحصار من قبل الفرقة الرابعة التي سبق وحاصرت الحيين المذكورين مطلع العام الماضي أيضا، في محاولة الضغط على “قسد” لزيادة كميات النفط الواصلة إلى النظام وانتهت المحاولة بالفشل وتدخل الجانب الروسي لحل الأزمة كما يجري اليوم.
في سياق متصل، قال نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في إقليم الفرات، نهاد أحمد في تصريح نقلته مواقع كردية، إن سياسات النظام ضد المدنيين الأكراد في حلب “ستفشل والحل الوحيد للأزمة هو ترك عقلية الحصار والتجويع والإنصات لمطالب السوريين” متهما النظام بالسعي إلى “الاستفادة من الأزمة العالمية والحرب الروسية الأوكرانية، وانشغال العالم بها بهدف الضغط على الإدارة الذاتية لتقديم تنازلات والحصول على بعض المكاسب”.
في المقابل، اتهم محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل التابع للنظام، الثلاثاء، قوات “قسد” بفرض حصار مطبق على مدينة الحسكة و”تمنع دخول الطحين والمواد الغذائية والمحروقات التي تشغل المخابز، وهذا الأمر يؤرق المواطنين في المحافظة ويزيد الضغوط عليهم في هذه الظروف الصعبة ومع حلول شهر رمضان”.
وفي السياق ذاته، حمل مدير فرع المخابز في محافظة الحسكة، عبد الله الهصر “قسد” مسؤولية التسبب بأزمة كبيرة وزيادة الطلب على الخبز، سيما أن المخابز المتوقفة كانت تؤمّن احتياجات أهالي وسكان مدينة الحسكة، منوها إلى أن قوات “قسد” سيطرت على فرن البعث بقوة السلاح وطردت العاملين فيه وأوقفته عن العمل.
وتسبب ما حصل بارتفاع سعر ربطة الخبز إلى 4000 ليرة بعد أن كان نحو 1500 ليرة قبل بدء الحصار والتضييق على الحيّين من قِبل حواجز الفرقة الرابعة، حسب ما يقول المرصد السوري لحقوق الإنسان، مضيفا ان الحيين الكرديين “يعانيان أوضاعاً إنسانية صعبة، نتيجة لانقطاع أصناف كثيرة من المواد الغذائية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني”.
وتتجنب قوات سوريا الديمقراطية التعليق على ما يحصل حتى اليوم، فيما تترك التعليق للإدارة الذاتية وجعل الخلاف مع النظام خلافا على الشؤون الإنسانية أكثر من اعتباره خلافا سياسيا وأمنيا.
واحتفت “قسد” بوصول قائد العمليات الأمريكية الجديد في الشرق الأوسط، الجنرال مايكل كوريلا إلى شمال شرقي سوريا، الخميس، وتأتي الزيارة بعد أيام من تسلم منصبه رئيساً للقيادة خلفاً للجنرال كينيث ماكنزي، الأمر الذي يشير إلى أهمية علاقة بلاده مع “قسد” خصوصا وانه فضل زيارة منطقة شرق سوريا على زيارة بلدان تعتبر مهمة للغاية وأكثر سخونة من الوضع شرق الفرات في الوقت الحالي، حيث يشرف قائد العمليات في الشرق الأوسط على قواته المنتشرة في نحو 21 بلدا.
وقالت “قسد” في حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن الجنرال مايكل كوريلا التقى بمظلوم عبدي، مشيرة إلى أن الجنرال “تعهد بالالتزام بمواصلة مهمة محاربة تنظيم الدولة والبقاء في سوريا لهذه المهمة”.
في سياق منفصل، تتخوف “قسد” من تقارب تركي مع النظام برعاية روسية بعد الشائعات حول انعقاد اجتماع أمني في موسكو بين النظام وتركيا قبل أيام، على غرار الاجتماع الذي حصل نهاية العام 2021 وتحدثت عنه وكالة “سبوتنيك” الروسية، ونقلت عن ضابط سوري مشارك في الاجتماع، يسمى الرائد حيدرة جواد (يرجح ان يكون اسما مستعارا) أن الجانبين اتفقا على بنود عدة تصب في مصلحة البلدين، منها الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعدم المساس بها، وبسط السيادة على كامل الأراضي السورية، ومن الواضح ان الهدف الروسي من الاجتماع هو منع تداعيات الحرب الأوكرانية من الوصول إلى الميدان في سوريا.
ويزيد الحديث عن الاجتماعات الأمنية بين النظام وتركيا بموسكو من هواجس “الوحدات “الكردية وتخشى من إمكانية التوصل لاتفاق الأطراف الثلاثة ضدها، أو إعطاء أنقرة ضوءا أخضر للبدء بعملية جديدة على غرار ما حصل في عفرين وريف الرقة الشمالي.
من جهة أخرى، نفت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم في سوريا، انعقاد أي اجتماع أمني بين دمشق وأنقرة، ووصفت مصادر الصحيفة الحديث عن لقاء رئيس الاستخبارات التركية، حقان فيدان بنائب الأسد للشؤون الأمنية، اللواء علي مملوك بأنه خبر كاذب. ووصفت المصادر تسريبات الصحافة التركية انها “بروباغندا إعلامية تركية مفضوحة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في تركيا”.