الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حقيقة حزب الله والأمن القومي العربي

حقيقة حزب الله والأمن القومي العربي

15.03.2016
عبد العزيز العويشق


الوطن السعودية
الاثنين 14-3-2016
تمثيل حزب الله في البرلمان لا يتجاوز 10 % من إجمالي عدد النواب إلا أن انفراده بالسلاح مكنه من فرض سيطرته على القرار السياسي، فعطل محاولات انتخاب رئيس جديد، وفرض على الحكومة اللبنانية اتخاذ قرارات تخرج عن الإجماع اللبناني والإجماع العربي
بعد أكثر من 30 عاماً قام خلالها حزب الله بخدمة أهداف إيران في السيطرة على المنطقة وتغليب مصالحها على مصالح لبنان والأمة العربية، جاء التحرك الخليجي والعربي في الأيام الماضية ليكشف حقيقة الحزب ويبدأ العد التنازلي لوضع حد لعبث الحزب بالأمن القومي العربي واستعادة القرار اللبناني والعربي من اختطاف الحزب. واستخدم حزب الله في تحقيق أهدافه وأهداف إيران الإرهاب تجاه خصومه ومنتقديه، واستغلال خطاب المقاومة والممانعة، ولذلك فإن القرارات الأخيرة بتصنيفه حزباً إرهابياً تكشف حقيقة الحزب أمام المواطن العربي واللبناني.
ففي الثاني من شهر مارس الحالي أصدر مجلس التعاون بياناً أعلن فيه عن قراره اعتبار ميليشيات حزب الله، بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها، منظمة إرهابية، وأوضح البيان أن دول المجلس اتخذت هذا القرار "جراء استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر حزب الله لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف في انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها. ولذلك فإن دول مجلس التعاون تعتبر ممارسات ميليشيات حزب الله في دول المجلس، والأعمال الإرهابية والتحريضية التي تقوم بها في كل من سورية واليمن والعراق تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي". وأكد مجلس التعاون هذا القرار في اجتماع وزراء الخارجية الذي عُقد في الرياض 9 مارس 2016، وكلف الوزراء الأمانة العامة لمجلس التعاون بوضع الآليات اللازمة للتحرك بصفة جماعية لوضع هذا القرار موضع التنفيذ والتكامل بين جهود دول المجلس والمجتمع الدولي تجاه هذه المنظمة الإرهابية. وبالطبع فإن تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية يعني البدء في اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول المجلس، بما في ذلك إيقاف تدفقات الأموال إلى الحزب، وملاحقة المتعاونين معه من مواطني دول المجلس أو المقيمين فيها، أو غيرهم.
وانطلاقاً من ريادة دول الخليج لملاحقة الحزب وأنصاره، تحركت الأنظمة العربية في الاتجاه نفسه، حين أعلن وزراء الداخلية العرب في اجتماعهم في تونس في ال 2 من مارس أن حزب الله منظمة إرهابية، وأعقب ذلك اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في 10 مارس 2016، الذي أكد القرار العربي بإخراج الحزب من دائرة العمل القانوني واعتباره منظمة إرهابية. وكما هو معروف فإن بعض الدول العربية، خاصة دول الخليج، كانت قد شرعت منذ فترة في ملاحقة بعض الأفراد والمؤسسات التي تتعاون مع الحزب في مشاريعه الإرهابية في المنطقة، وتمكنت من اتخاذ الإجراءات بحق أولئك الأفراد والمؤسسات. ولكن ما هو جديد هو التحرك الجماعي -الخليجي والعربي- ضد الحزب. فقد تأخر هذا التحرك كثيراً، مع أن الحزب بدأ في ارتكاب أعماله الإرهابية في المنطقة منذ نحو 30 عاماً، وكانت تلك الأعمال موجهة بشكل أو آخر لخدمة الأهداف الإيرانية. فمحاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في مايو 1985، واختطاف طائرة الخطوط الكويتية (الجابرية) في صيف 1988، وكذا الأعمال الإرهابية المتعددة الموجهة ضد المملكة ومملكة البحرين تهدف إلى تحقيق أهداف السياسة الإيرانية بوضع الضغط على هذه الدول لتغيير سياستها نحو إيران. بل إن كثيراً من أعمالها الموجهة للدول الأخرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، كان لها الهدف نفسه. وقد تمكن الحزب من تأخير ردود الفعل العربية ضده باستغلال خطاب المقاومة و"الممانعة" الذي طوره بذكاء وجعله ذريعة يستطيع من خلالها الاستيلاء على مقدرات لبنان أولاً واختطاف قراره السياسي، وسعى من خلال هذا الخطاب إلى تحصين نفسه من الانتقادات التي توجه إليه على المستوى العربي والدولي. فعلى سبيل المثال، فإن مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، وقرر نزع السلاح الثقيل والمتوسط من جميع الميليشيات اللبنانية واستثني حزب الله من نزع السلاح بحجة أنه يشكل مقاومة ضد إسرائيل.
ولكن سلاح حزب الله استخدم بعد ذلك لتكريس سيطرة الحزب على الحكومة اللبنانية نفسها وإسكات المنتقدين والخصوم، فعلى الرغم من أن تمثيل الحزب في البرلمان لا تتجاوز 10 % من إجمالي عدد النواب البالغ عددهم (128) نائباً، وهو على أكثر تقدير حجم القاعدة الشعبية للحزب في لبنان، إلا أن انفراده في الاحتفاظ بالسلاح مكنه من فرض سيطرته على القرار السياسي، فعطل محاولات لبنان لانتخاب رئيس جديد، وفرض على الحكومة اللبنانية اتخاذ قرارات تخرج عن الإجماع اللبناني والإجماع العربي. ولكن القرار الخليجي والعربي يعد تحركا حازما وجريئا، سيؤدي إلى كشف حقيقة الحزب كمنظمة إرهابية تعمل على تحقيق أهداف إيران في السيطرة على المنطقة، وأنه لا يمثل أهداف لبنان الدولة والشعب، فضلاً عن الأهداف العربية، وأصبح يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي، ومسيرة التاريخ والحضارة العربية، وهوية لبنان العربية.
بدأت هذه الحقائق تتكشف من خلال استطلاعات الرأي المختلفة التي أجريت مؤخراً. ففي استطلاع قامت به قناة الجزيرة، أيد أكثر من (92)% قرار مجلس التعاون بتصنيف الحزب كمنظمة إرهابية، وهي نتيجة تتكرر بدرجات مختلفة في استطلاعات الرأي الأخرى، بما في ذلك استطلاع قام به موقع (روسيا اليوم) المتعاطف مع الحزب، وشارك فيه أكثر من مليون شخص أيد أغلبيتهم تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية