الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب السورية استقبلت 12 ألف لاجئ يوناني

حلب السورية استقبلت 12 ألف لاجئ يوناني

14.09.2015
هشام منوّر



المستقبل
الاحد 13/9/2015
يكن الشعب اليوناني للسوريين مودّة خاصة، وتربطه به علاقات تاريخية جيدة. وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعيشها أثينا، إلا أن اليونانيين لا ينكرون فضل السوريين عليهم إبان استقبالهم لهم في بيوتهم ومنازلهم قبل نحو قرن من الزمن، عندما فروا من ويلات الحرب العالمية الثانية.
صورة قديمة لمهاجرين ظهر فيها ما يقرب من 12 ألف لاجئ يوناني في مدينة حلب السورية تم تداولها مؤخراً، ويبدو فيها كيف فر هؤلاء اللاجئون من ويلات الحرب في بلادهم في القرن الماضي. فيما اعتبر بعضهم أن تلك الصورة "مفارقة القرن" في ظل أوضاع اللاجئين السوريين، الحالية في اليونان ودول أوروبا. وترجع الصورة القديمة إلى العام 1943، وهي معروضة للبيع على موقع "أمازون" الأميركي، وبلغت قيمتها دولاراً.
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه من جديد؛ ولكن هذه المرة، الصورة معكوسة. إذ باتت وكالات الأنباء والصحف العالمية، تعج اليوم، بصور لسوريين هربوا من جحيم الحرب، في مشهد مماثل لما حدث في أوروبا قبل سبعة عقود. عندما تدفق آلاف الأوروبيين نحو بلدان المشرق من أجل البحث عن حياة أفضل.
اليوم، تسيطر أزمة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب القائمة منذ أكثر من 4 أعوام ونصف العام، على أوروبا، في محاولة منهم للبحث عن حياة آمنة. ويتعرض الكثير منهم للموت غرقاً أثناء رحلات الهرب إلى أوروبا؛ وكان آخرهم الطفل السوري "أيلان" الذي هزت صورته العالم أجمع وهو ملقى على شاطئ البحر بعد غرقه.
وبعد ما يقرب من 70 عاماً، يعيش ملايين السوريين أسوأ أزماتهم، فيما يحلمون بالوصول إلى أي دولة أوروبية وبخاصة اليونان التي ينتقلون إليها عبر تركيا لتكون بوابة عبورهم إلى دول أخرى مثل: ألمانيا والنمسا والبلدان الاسكندنافية.
المشهد السوري القاسي اليوم، يذكر بما عاناه اليونانيون من أزمات في مطلع ومنتصف القرن الماضي أثناء الحربين العالميتين، الأولى والثانية واللتين شهدت فيهما اليونان غزواً إيطالياً وألمانياً لأراضيها. وكانت النتيجة هجرة جماعية لليونانيين نحو الشرق العربي، وكانت حلب السورية أهم المدن التي استقبلتهم.
وأثناء الحرب العالمية الثانية، 1939 1945، فر مهاجرون من ويلات الحرب في أوروبا إلى دول الشرق العربي، مثل سوريا ولبنان والعراق ومصر أملاً في حياة آمنة.
يظهر في الصورة، مجموعة من الأشخاص يرتدون ملابس رثة، والأطفال يجلسون على الأرض، والجميع يقف صفاً بانتظار المعونات. وفي مقدّم الصورة امرأة، وضعت أمامها علبة، وتقف بجوار عربة يتم فيها طهو الطعام؛ كتب عليها: تم إطعام ما يقرب من 12 ألفاً من المهاجرين اليونانيين في حلب.
الشعب السوري الذي أضحى اكثر من نصف تعداده، لاجئاً لدى دول الجوار، ومئات الآلاف منه يحاولون عبور البحار على متن قوارب الموت المتهالكة، كان قد استقبل موجات اللجوء من دول الجوار وغيرها. فقبل الثورة السورية، كان هناك نحو نصف مليون فلسطيني يتمتعون بحقوق المواطنة السورية عينها (ما عدا حق الانتخاب والترشح)، فضلاً عن نحو مليوني عراقي لجأوا إلى سوريا في أعقاب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وعشرات آلاف الأسر اللبنانية التي تقاسمت الحدود السورية اللبنانية، وكانت تعبرها وكأنها في بلدها، إضافة إلى موجات اللجوء الأرمني واليوناني مطلع القرن الماضي.
الصورة القديمة تكشف مأساة اللاجئين اليونانيين وقتئذ، تماماً كما هو الحال المأسوي للاجئين السوريين في أوروبا، وتكشف أن التاريخ يعيد نفسه ولكن هذه المرة، السوريون هم الضحية.