الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب تلقي البيان!

حلب تلقي البيان!

07.12.2016
شريف قنديل


المدينة
الثلاثاء 6/12/216
أيُّها العربيُّ الأبيُّ: اقرأ، واستمع، فحلب تلقي البيان! أيُّها الإنسان في كل مكان، تابع معي، فحلب -وهي تردد الشهادة- تمنح الشهادات والدرجات لكلِّ مَن حاول وصمد، وكلِّ مَن ناور وخان!
فوق كل جثة هنا، وخلف كل جدار، شهادات للبطولة والجسارة، وأخرى ملطَّخة بالعار!
هنا مرَّ القتلة والفجرة، وهنا مرَّ الأوغاد السفلة.
هنا مرَّ من يعتبرون تدمير العرب مهمَّة مقدَّسة، وهنا مرَّ مَن يعتبرون محو الإسلام قضية مقدَّسة؛ وهنا مرَّ مَن لا يمانعون في أن تظل عواصمنا ومدننا مشوَّهة، وممسوخة، مدنسة!
هنا مرَّ مَن حاولوا تثبيت راية العزَّة والكرامة؛ وهنا مرَّ مَن يريدونها دومًا ذليلةً منكَّسةً.
لا يغرنَّكم حجم الدخان، وحجم الرماد، وحجم الدماء، وحجم الدمار.. الدمار لن يخفي عورتهم، ولا الجسد المُهان.. الدخان لن يخفي حقيقتهم عبر الأجيال.. لن تخطئه العينان.
الرماد سيشير إلى أثر الذين حاولوا وقاموا، والذين عربدوا وقتلوا، والذين بقوا بعيدًا كالجرذان.
حلب الآن تطلق صرختها قبل الأخيرة في كبد الأشياء.. للأمَّة التي تجرَّع بعض أبنائها الذلَّ في خنوع، وبعضهم في خضوع، وبعضهم في متعة واسترخاء.
لقادة فكر وعلماء مازالوا يعلََِّمون شعوبهم قيم الانكفاء، وفضائل الخنوع.. ودور الانحناء في حماية الوطن.. إنَّه الاستنطاع.. إنَّه العفن!
حلب تمنح الآن شهادات للشامخين، وأخرى للشارخين.. شهادات للصامدين، وأخرى للهاربين.. شهادات لأصحاب المواقف قولاً وفعلاً، وأخرى للسافلين.
حلب تصرخ الآن في وجه كل عربي: ألا تشاهد في كلِّ نشرة ماذا يفعل البغاة الفجرة؟ ألا تشاهد في كلِّ موجز، وفي كل عاجل، وفي كل صباح ومساء؟
ألم تسمع عواء الذئاب فوق تلال التراب.. فوق الدمار والخراب؟
ألم تلمح وجوهَ مَن حوَّلوا الدم العربي شرابًا.. واللَّحم العربيَّ طعامًا.. والمجدَ العربيَّ كلامًا.. والنهارَ العربيَّ ظلامًا؟
حلب تتحدَّث، ويعلو صوتها، رغم الصمت العربي، ورغم الموت.. ألا تشاهد كيف دخل، ويدخل الأوغاد من كلِّ باب؟ ألا تراهم كل ساعة وهم ينهشون لحمي كالكلاب؟
حلب تقسم وهي تحترق.. حلب تردِّد قبل أن تختنق.. واهمون مَن ظنّوا أنَّهم اقتلعوا الجذور.. واهمون مَن دمَّروا بيوتي، ويتَّموا أطفالي، وتركوا ما بقي منهم للصقيع والذعر والجوع.. يقينًا سيأتي الربيع.. سيخرج النور من ثنايا القلب، ومن بين الضلوع..
صه! فحلب تدعو وتردد.. اللهمَّ اخذل كلَّ مَن قتلَ، وخانَ، ودعمَ، وأعانَ.. اللهمَّ افضح كلَّ مَن وافق علنًا، أو ناور سرًّا، أو وقَّع شهادة الذبح في الكرملين، أو في واشنطن، أو في تل أبيب، أو في طهران.. حلب تدعو وتنتحب.. اللهمَّ استجب!