الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب والاستعمار الجديد

حلب والاستعمار الجديد

27.09.2016
أماني محمد العمران


الاتحاد
الاثنين 26/9/2016
ما من شيء أقسى من أن نرى الموت يتتابع أمامنا ويقضي على حلب السورية أقدم مدينه في التاريخ، وكأن زمن الاستعمار الذي احتفلنا طويلاً بالتحرر منه لم يكن الفكاك من براثنه إلا مجرد أوهام،
وإلا ما دخلت روسيا لتضرب أناساً عزلاً وأطفالاً أبرياء ذنبهم أنهم يعيشون في حلب مدينة المال والأعمال في سوريا، المدينة صاحبة التاريخ البشري الحافل التي كانت لحقب طويلة وجهة للناس وفرصتهم للدخول إلى التاريخ من أوسع أبوابه..
وكأن الموت اليومي بالجملة حوّل كثيرين إلى موتى، يمارسون الحياة ظاهرياً، وفي الحقيقة هم أموات بكل إرادتهم وبكامل عجزهم وتراجعهم عن الحياة بتفاصيلها الغضة والجميلة. لم نعد نملك إلا ألماً داخلياً وغصة تمنع مذاق الحياة. ولماذا كل هذا الموت؟ يبدو أن الأمر يتعلق بصيغة جديدة للاستعمار، تقع ضمن نطاق عصري يتواكب مع الحياة التكنولوجية.
فالترسانة الروسية جربت كل أسلحتها في سوريا، وهي الحرب التي لا تعكس إلا رغبة موسكو في إثبات حضورها كقوة عظمى تناطح بها الولايات المتحدة الأميركية.
فلم تكتف روسيا بأفغانستان والجرائم التي ارتكبتها في حرب مجنونة، فها هي اليوم تكرر المأساة ذاتها، وتعتدي على أبرياء لتزهق أرواحهم تحت عنوان مكافحة الإرهاب.
ويبدو أن الإرهاب هو الحيلة الجديدة في عالم الجريمة، فهو المبرر الوحيد لقتل الأبرياء، هو بالفعل خطر، لكن يدعي الجميع أنهم يكافحونه. هذه الازدواجية وهذه الاتهامات التي حوّلت المسلمين إلى مجرمين حتى إشعار آخر أسست بالفعل للغم إرهابي، لا نعلم متى سينفجر في وجوه الجميع الذين بالضرورة سيدفعون الثمن باهظاً.. ثمناً سيكون موازياً لكمية الدماء البريئة المراقة على أرض الشام. لا شك سيصلهم الحريق ذات يوم، فليس من العدالة أن يشعلوا الأرض ويقتلوا الأبرياء ويهدموا التاريخ، ولا تنالهم إلا اللعنات التي ستكون وبالاً عليهم وعلى أساطيلهم، التي مارست أفظع الجرائم ضد الأبرياء العزل.
الغريب أن "الإرهاب" قد تحول إلى مفردة ممجوجة، مضحكه وكأنها غطاء لكل من يحاول إخفاء نواياه السيئة وأفعاله التي لا يمكن بأي حال تبريرها، أو الادعاء بأنها ضرورية أو مؤقتة.
وربما كان حال العالم العربي اليوم يعكس أنه لم يعد من المجدي إلقاء الاتهامات أو تحويل الضحية إلى جانٍ، فقد اختلطت كل الأوراق، ولم نعد نعرف إلا أن الموت يحيط بنا والدمار يتمدد! هل من تفسير أخير.. غير التساؤل؟.. لا شيء.. ولا جديد!