الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب ومأزق الحرس الثوري الإيراني

حلب ومأزق الحرس الثوري الإيراني

08.05.2016
أحمد الغز


الوطن السعودية
السبت 7/5/2016
الحرس الثوري الإيراني دخل مرحلة من اليأس قد تدفعه إلى عملية انتحارية في حلب وخروج الصراع عن السيطرة، بالإضافة إلى تهديده بإغلاق مضيق هرمز في وجه السفن الأميركية
مدينة حلب هي عنوان جديد للصراع في سورية والمنطقة، قد يكون السوريون فيه الغائب الوحيد لأنه سيكون صراعاً إقليمياً دولياً بامتياز. وهذا ما شاهدناه بوضوح خلال الأيام القليلة الماضية حيث تحرك الجميع وبجدية غير مسبوقة بدءا بالزيارة السريعة جدا لوزيري خارجية كل من السعودية والأردن إلى جنيف للقاء وزير الخارجية الأميركي الذي جاء أيضاً على جناح السرعة، بالإضافة إلى ذهاب المبعوث الدولي لسورية دي ميستورا إلى موسكو للقاء الوزير الروسي لافروف الذي كان على اتصال دائم مع الوزير الأميركي.
تحركت كل من ألمانيا وفرنسا باتجاه الدعوة إلى اجتماع طارئ لأصدقاء سورية. وطلبت كل من فرنسا وبريطانيا من مجلس الأمن عقد اجتماع طارئ حول حلب، ثم صدرت التقارير الدولية الإنسانية التي تحدثت عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حلب، بالإضافة إلى اجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، ورفع توصية بتحويل جرائم حلب إلى محكمة العدل الدولية، والتصويت بالإجماع باستثناء تحفّظ لبنان، ثم دعوة الخارجية الفرنسية وزراء خارجية السعودية والإمارات العربية وقطر والأردن وتركيا إلى الاجتماع في باريس، وربما ينضم إليهم وزراء آخرون.
"الصراع في سوريا أصبح خارج السيطرة".. بهذه العبارة اختصر كيري توصيف الواقع في سورية. وعندما تقول أميركا إن الأمور خرجت عن السيطرة فهذا يعني أن ما سيأتي بعدها لن يكون كما كان قبلها، وأن ما قد تتسبب به حلب يفوق كل ما حدث في سورية والعراق واليمن وليبيا من أهوال حتى الآن، لأن طبيعة القوى المتقابلة حول حلب كبيرة جدا، وقد تشمل كل دول العالم بدون استثناء. وهنا يأتي السؤال هل من مصلحة إيران والنظام في سورية أن يصبح الصراع خارج السيطرة الآن؟
ليست المرة الأولى التي تصل فيها الأزمة السورية إلى مرحلة الخروج عن السيطرة، وبالتحديد بعد استخدام الكيماوي في الغوطة الشرقية، يوم تجرأ النظام السوري على تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها الرئيس الأميركي أوباما. وكلنا يذكر كيف استنفر العالم يومها وتحركت البوارج الحربية وبدأ النقاش في مجلس العموم البريطاني والكونجرس الأميركي والجمعية الوطنية الفرنسية. وحينها سارعت إيران عبر روسيا إلى تقديم تنازلات عن السلاح الكيماوي السوري تفادياً لخروج الصراع في سورية عن السيطرة والتزامهما بخطوط حمراء جديدة يبدو أن حلب في مقدمتها.
لا شك أن العالم بأسره يستعد لعملية عسكرية كبرى في المنطقة للقضاء على داعش في سورية والعراق. وهذا يعني احتلال سورية والعراق من قبل القوى الإقليمية الدولية المنخرطة في التحالف الدولي لمحاربة داعش وتفرعاته العربية والإسلامية ومعهم روسيا، وخصوصاً بعد ما أُعلن عن استحداث غرفة تنسيق عمليات عسكرية روسية أميركية لمراقبة الهدنة في سورية ومقرّها جنيف، يضاف إليها ما أعلنه وزير خارجية روسيا بأن النظام السوري ليس حليفا لروسيا لكنها تدعمه لمحاربة داعش والإرهاب، وعلى أثر ذلك أعلنت عن سحب طائرات روسية متطورة من سورية.
منذ توقيع الاتفاق الإيراني النووي دخلت إيران في مرحلة تغيير الوجه والدور، وهذا يعني التضحية بأدوات الدور القديم ووجوهه التي بدأت تتعرض إلى أشكال غير مسبوقة من العقوبات على الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان بعد الاتهام بالإرهاب، بالإضافة إلى ضغوطات في اليمن والعراق والتي كان آخرها ما سمعه قاسم سليماني في بغداد من هتافات ضده وضد إيران، بالإضافة إلى نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات الإيرانية والتي اعتبرت هزيمة كبرى للحرس الثوري الإيراني، وأيضاً تداعي المالكي في العراق، وإلقاء القبض على العديد من شبكات تبييض العملات في أوروبا وأميركا.
إن سياسة التوسع والتدخل الإيرانية في المنطقة تعيش مأزقا كبيرا، خصوصاً بعد مجيء التحالف الدولي والإسلامي لمحاربة داعش في سورية والعراق، أي إعلان فشلها في وظيفتها وهي الإمساك في سورية والعراق، ثم فشلها في القضاء على الثورة السورية واضطرارها للاستعانة بالروسي، وكذلك الأمر في اليمن. أي أن الحرس الثوري الإيراني دخل مرحلة من اليأس قد تدفعه إلى عملية انتحارية في حلب وخروج الصراع عن السيطرة، بالإضافة إلى تهديد الحرس الثوري بإغلاق مضيق هرمز في وجه السفن الأميركية. وهذه التطورات تؤكد على مدى عمق مأزق الحرس الثوري الإيراني