الرئيسة \  تقارير  \  حلف أمني اقليمي ضد إيران

حلف أمني اقليمي ضد إيران

30.03.2022
يونتان ليس


هآرتس
بقلم: يونتان ليس 28/3/2022
الغد الاردنية
الثلاثاء 29/3/2022
قبل العملية في الخضيرة تركز اليوم الأول لـ “قمة النقب” على تجميع وزراء خارجية دول الشرق الأوسط الذين وصلوا إلى إسرائيل. واحد تلو الآخر هبط أمس في مطار نفتيم وزراء خارجية البحرين والإمارات والمغرب ومصر، وانضم اليهم فيما بعد وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن. وزير الخارجية، يئير لبيد، دون ارتداء ربطة عنق، استقبل الوزراء على مدخل فندق كدما في كيبوتس سديه بوكر.
لبيد قام بتنظيم المؤتمر بشكل تلقائي تقريبا في غضون بضعة ايام، منذ اللحظة التي عرف فيها عن زيارة بلينكن في إسرائيل. وهو لم يحدد قائمة أهداف واضحة للقاء المخطط له. فبصورة رسمية لم يتعهد أي أحد بأن المشاركين سيحاولون صياغة بيان مشترك ضد إيران، واستخدام ضغط علني مشترك على الإدارة الأميركية في موضوع الحرس الثوري الإيراني، ولن يعملوا على التوصل إلى اتفاق على زيادة إنتاج النفط في دول الخليج، وهي الخطوة التي تعمل عليها الإدارة الأميركية من أجل تقليل اعتماد المنطقة على النفط من روسيا وإيران.
مع ذلك، في اللقاء الأول أمس، طرحت الأطراف أفكارا للدفع قدما بالتعاون من أجل حماية انفسها من إيران، وهي خطوة اطلقوا عليها اسم “هندسة الأمن الاقليمي”، التي استهدفت بلورة حلول رادعة أمام التهديد من الجو والبحر. مصادر مطلعة على المحادثات قدرت أن الاطراف يمكنها أن تعرض ايضا “استخلاصات” وتفاهمات في هذا الموضوع في ختام القمة.
على أي حال، ظاهريا النجاح كان مضمونا مسبقا. فالصور التاريخية لوزراء الخارجية العرب، كانت شهادة أخرى ملموسة على التغير الذي حدث في الشرق الأوسط منذ التوقيع على اتفاقات ابراهيم. “نحن نأمل التوصل أيضا إلى انجازات سياسية”، قال أحد المشاركين في تنظيم الحدث.
الروح المركزية التي مكنت من عقد اللقاء التاريخي في النقب هي، بدرجة كبيرة، الفرصة التي لاحظها وزراء الخارجية لعقد لقاء مباشر ودون وساطة مع بلينكن، الذي بكر زيارته في المنطقة ببضعة أيام. الخوف من التغيير الدراماتيكي في السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة وحرف الانتباه عن الشرق الأوسط وافريقيا وتوجيهه نحو روسيا والصين، أثار مؤخرا عددا غير قليل من التخوفات في بعض الدول. في مكتب لبيد لاحظوا الفرصة على الفور بعد تأكيد بلينكن على قدومه بشكل نهائي. في البداية قاموا بدعوة وزراء خارجية دول الخليج والبحرين، وهم الشركاء في القلق من تهديد إيران. وبعد ذلك انضم وزراء خارجية مصر والمغرب بعد اظهار اهتمامهما بالقمة.
اسرائيل تلعب دورا رئيسيا في المحور الذي يربط دول المنطقة وأميركا”، قال الدكتور غيل مورسياني، مدير عام معهد متفيم للسياسة الخارجية الاقليمية. “لا سيما على خلفية الرؤية المتصاعدة لتخلي أميركا والبرود الشديد في العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات. هكذا تغيرت الظروف، إذا كانت الولايات المتحدة في السابق هي العراب الذي أوجد العلاقة بين إسرائيل والإمارات فانه الآن إسرائيل هي التي تساعد في الحفاظ على العلاقة بين أميركا والخليج”.
في مركز محادثات العمل في اللقاء الذي سيجري اليوم، ستقف مرة اخرى القضية الإيرانية. إسرائيل هي لاعبة رئيسية في الحلف الإقليمي الآخذ في التبلور من أجل الوقوف أمام النشاطات العدائية لحرس الثورة الإيراني واذرعه، واحباط عمليات الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة ضد أهداف في الخليج العربي وفي كل المنطقة. “الطريق إلى ناتو إسرائيلي – شرق أوسطي تمر عبر واشنطن”، قال مورسياني. وحسب قوله فان “احتمالية التوصل إلى حلف دفاع اقليمي دون دعم أميركا، ضئيلة. مقابل إسرائيل التي تدير لعبة مجموعها صفر مع إيران فان الإمارات والسعودية تدير لعبة مختلفة، التي تحاول إدارة حوار مع جميع اللاعبين ذوي العلاقة بما في ذلك إيران”.
على أي حال، اللقاء الدراماتيكي في الفندق في الجنوب هو بحد ذاته اشارة واضحة للنظام في طهران وايضا للإدارة الأميركية التي تتفاوض معه في هذه الفترة: التقارب الأمني بين دول الخليج والمغرب ومصر وبين إسرائيل في كل ما يتعلق بمواجهة عمليات الطائرات المسيرة وجهود الذرة، ليس فقط حقيقة واقعة، في الإمارات. “كل دولة لها حساسيتها الخاصة حول موضوع إيران، سواء كان الأمر يتعلق بالإرهاب أو يتعلق بالذرة. يجب السير بحذر بين المصالح المختلفة”، قال مصدر سياسي.
بالضبط مثل اللقاء بين رئيس الحكومة نفتالي بينيت والرئيس المصري والإماراتي في الأسبوع الماضي في شرم الشيخ، فان الأطراف ستتناول أيضا المشكلات الجارية، مثل أزمة القمح التي ترفع أسعار الخبز في المنطقة في اعقاب غزو روسيا لأوكرانيا والمبادرات الزراعية ومحاولة توجيه النفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط وتصديرهما إلى ارجاء العالم في أعقاب الازمة. في ظل غياب ضرورة انتظار “الدخان الأبيض” فان لبيد يستثمر في الجو: فندق كدما على مدخل سديه بوكر تم استئجاره بشكل كامل من اجل الحدث. وزراء الخارجية سيلتقون مع بعضهم بصورة شخصية، وجميع الوزراء الستة تمت استضافتهم على وجبة عشاء خاصة دون البعثات ووسائل الإعلام. “أجواء كامب ديفيد”، هكذا وصفوا الحديث في وزارة الخارجية. الهدف هو تحطيم الجليد بين الوزراء وتحويل اللقاء إلى حدث اجتماعي لطيف وتمكينهم من بناء أساس لعلاقات مباشرة دون وسطاء أيضا في المستقبل.
اللقاء التاريخي في النقب هو دليل آخر على تدهور مكانة السلطة الفلسطينية في العالم العربي. فرغم أن الموضوع موجود على الطاولة إلا أنه لا أحد من المشاركين اشترط اللقاء بالدفع قدما بعملية سياسية مع السلطة الفلسطينية. اختيار سديه بوكر خفف أيضا على المشاركين في اللقاء. الدول العربية لم يكن عليها التعرج حول مكانة القدس. ولبيد لم يكن عليه مواجهة مسألة لماذا وافق على “التنازل” عن القدس لصالح قمة سياسية في “العاصمة البديلة” تل ابيب.