الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حل سياسيّ.. من دون طيران آل الأسد

حل سياسيّ.. من دون طيران آل الأسد

18.08.2015
وسام سعادة



المستقبل
الاثنين 17/8/2015
تأتي مجزرة نظام آل الأسد الجديدة ضد أبناء دوما لتذكّرنا بما هو "ممر الزامي" لكل حل سياسيّ ولكل انفراج في الشرق الأوسط: وجوب نزع أو تعطيل امكانية استخدام سلاح الجو من يد بشّار الأسد بأي شكل كان، وليس فقط ترسيم مناطق حظر جوي هنا أو هناك.
وقد يقول قائل ان هذا لم يعد مطروحاً في أروقة التباطؤ في صنع القرار في عالم اليوم. ان يكون مطروحاً فيها او غير مطروح فهذا لا يبدّل قيد أنملة، وبمحاكاة لنظرية السيد حسن نصر الله، عن "ميشال عون كممرّ الزامي" يمكننا، فيما يعني سوريا، الادعاء بأن أي مدخل لحل سياسي فيها وطيران آل الأسد لا يزال يحصد الناس هكذا هو مدخل مسدود، موصود، مستحيل عملياً، هذا قبل الغوص في استحالته الاخلاقية او ما شاكل.
بالتالي، كل من يخبرك عن حل سياسي لا يكون نزع سلاح الطيران فيه بالتحديد، من يد نظام ال الأسد، مدخلاً أساسياً، هو بمثابة ثرثرة ورياء. اكثر من ذلك: مقولة من قبيل "حل سياسي من دون طيران بشار الاسد" اهم عسكرياً وسياسياً واهلياً وانسانياً من مقولة "حل سياسي من دون بشار الاسد".
وقد لا يكون مناسباً تحميل وزر كل تناقضات الكارثة السورية لادارة باراك اوباما وحدها، لكن ما لا شك فيه ان هذه الادارة ارتكبت خطأ فظيعاً عندما سمحت لسلاح الطيران السوري بالمشاركة في قمع الثورة السورية ثم في مجالات الحرب الأهلية السورية، ويوم استظلت بالقصف الكيماوي البشاري على الغوطة لاقتراف القسمة البائسة بين سلاح كيماوي تفكك ترسانته وبين سلاح طيران براميلي يحلّل أمره ويباح، ليؤمّن به النظام الأسدي باحتكاره هذا الجانب، وتفوقه في سلاح المدفعية، سببين اساسيين لاستمراره كنظام احتضار دموي مزمن، بالاضافة طبعاً الى معادلات القاعدة الاجتماعية، الطائفية وغير الطائفية، للنظام، وفشل الثورة السورية في تحويل اللون الاكثري العربي السني الى محور تأطيري توليدي توحيدي لحركة تحرر وطني سوري تعددية جامعة، وشطط الايديولوجيا القتالية الاسلاموية عندما تخوض ما يفترض انه حرب غوار. فالخيار لم يكن سلمية او عنفية بعد تمادي العنف النظامي، وانما بين حرب غوار بايديولوجيا قتالية تتحصن في المدن فتكون النتيجة ما هي عليه في حلب مثلاً، من تدمير وتقسيم ومن ترهّل للجسم الثوري استفادت منه الحيويات الجهادية، وبين حرب غوار تعتمد الذاكرة الكفاحية الناجحة للقرن السابق، وفي مقدمتها مبدأ تقطيع اوصال العدو، وقطع طرق امداداته، وحصار المدن التي يسيطر عليها، وتركه يواجه ازمة تموين هذه المدن مع سكانها، بدل ان تكون الحال بالمقلوب: اي نظام اختزل الى حد كبير الى خطوط امداده ومواصلاته لكنه لا يزال يستند الى شبكة عريضة منها رغم انحسار رقعة سيطرته الجغرافية بشكل عام.
لا يمكن ابعاد السياسة عن التداول في امر اي نزاع اهلي ودموي في العالم، خصوصا اذا ما طال كثيرا، كحال الحرب السورية. والمكابرة على السياسة التي يفتعلها بعض المزايدين هنا وهناك لا تخدم قضية تحرر سوريا من هذا النظام واعادة التقاطها عناصر القوة وتجديد الحياة. في الوقت نفسه، فان كل حديث عن حل سياسي لا يربط ربطاً عضوياً، مباشراً، لازماً، تاماً، بنزع سلاح الطيران من يد بشار الاسد، يقوّض هامش السياسة، مثلما ان بقاء طيران ال الاسد في واجهة الاحداث التدميرية يدخل الزغل الى مشهد الطائرات المهاجمات ضد مواقع "الدولة الاسلامية"، ويعطل فاعلية الحرب اللابرية ضدها.