الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حماس على خطى حزب الله

حماس على خطى حزب الله

19.06.2014
عاموس هرئيل


القدس العربي
هآرتس 16/6/2014
الاربعاء 18/6/2014
سُئل رجال "الشباك" الذين عالجوا الافراج عن سجناء حماس في اطار صفقة شليط في تشرين الاول 2011 بعد الافراج عنهم فورا من سيكونون أول من يعودون الى الاشتغال بالارهاب من المفرج عنهم، في رأيهم، فكان جوابهم قاطعا إذ قالوا إنهم نشطاء المنظمة في منطقة الخليل.
فهذا هو التنظيم الاكثر تصميما وعنادا في الحركة، وسيفرح اعضاء الشبكات الذين بقوا في الخارج بالعودة الى استيعاب المخربين العظيمي التجربة من خريجي السجون الاسرائيلية، في صفوفهم.
منذ كانت الصفقة عاد الجيش الاسرائيلي و"الشباك" فاعتقلا بضع عشرات من السجناء المفرج عنهم من الضفة الغربية منهم عدد من رجال حماس في منطقة الخليل. وقد نفذت في هذه السنوات في المدينة وما حولها بقدر أكبر مما هو في مناطق اخرى في الضفة عدة عمليات لم تُحل الغازها بعد وفي مقدمتها قتل جندي جفعاتي غبريئيل كوبي في تشرين الاول من العام الماضي وقتل ضابط الشرطة باروخ مزراحي في ليل عيد الفصح هذه السنة.
وقد حرص منفذو العمليات هذه كما يبدو على أمرين: درجة تنفيذ عالية ودرجة اخفاء شديدة. فقد عرف ذاك الذي أطلق عشرات الرصاصات على سيارة عائلة مزراحي في الطريق الى كريات أربع كيف يُعد لنفسه طريق هرب قبل ذلك، وأن يبتعد عن المكان سريعا وأن ينزل تحت الارض منذ ذلك الحين. ويبدو أنه يمكن أن تلاحظ خصائص مشابهة ايضا في قضية اختطاف الفتيان الثلاثة في غوش عصيون.
في صباح أمس (السبت) عند افتتاح جلسة الحكومة، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما قد أشار اليه اشارة خفية عند خروج السبت وهو أن حماس هي المسؤولة عن اختطاف الثلاثة. واعتمد نتنياهو على سلسلة معطيات استخبارية جُمعت في خلال يوم السبت. وفي الـ 48 ساعة الاخيرة اعتقلت اسرائيل في الضفة الغربية أكثر من 100 فلسطيني اكثرهم نشطاء من حماس والقليل منهم من الجهاد الاسلامي. وكان بين المعتقلين أكثر اعضاء قيادة حماس السياسية في الضفة ومنهم وزراء سابقون واعضاء في المجلس التشريعي. لكن كان بينهم ايضا نشطاء ميدانيون من سكان منطقة الخليل قد يعلمون شيئا ما عن الغلاف الخارجي على الأقل الذي عملت حول خلية الاختطاف.
جاءت معلومات تثير الاهتمام بصورة خاصة من الجانب الفلسطيني: فقد قالت التقارير إن نشيطين معروفين من حماس من سكان المدينة غادرا بيتهما في يوم الخميس ولم يعودا منذ ذلك الحين. والمعلوم بحسب التقرير أن اجهزة الامن الفلسطينية و"الشباك" لا يحجزهما. ويقول الفلسطينيون إن هذين الاثنين محسوبان في النواة العميقة الصلبة للحركة وقد قتل أقرباء لهما في صدامات مع قوات الجيش الاسرائيلي.
يحسن أن نتجنب وضع تيجان مبالغ فيه على رؤوس مخربين خطفوا فتيانا غير مسلحين وقد يمسون بهم. لكن ما عُلم حتى الآن عن العملية في ليل يوم الخميس يشهد على درجة تخطيط وتنفيذ عالية غير عادية اذا قيست بمحاولات اختطاف سابقة أحبطت اسرائيل أكثرها في السنوات الاخيرة. حينما اختطف حزب الله جنود الجيش الاسرائيلي في مزارع شبعا وقرب زرعيت بعد ذلك تم الحديث عن "عملية خاصة" قامت بها قوة ذات خبرة استعدت لمهمتها مدة أشهر. وتبدو عملية الاختطاف في غوش عصيون مثل الموازية الحماسية لذلك الجهد.
ترجم نتنياهو المعلومات المجتمعة عن الاختطاف الى معان سياسية كانت ادعاءات على قيادة السلطة وتهديدات لشريكتها الجديدة حماس في قطاع غزة. وكان المختصون أمس أكثر حذرا. فهم ايضا يشيرون الى احتمال عال أن يكون الاختطاف تم على يد خلية من حماس في منطقة الخليل.
لكنهم أقل تأكدا فيما يتعلق بالهرمية العملياتية التي أمرت بالعملية. فليس من المؤكد أن يكون جرى على الاختطاف قبل ذلك اجراء موافقة منظمة على يد القيادة السياسية والعسكرية لمنظمة حماس في قطاع غزة. وقد تكون هذه مبادرة محلية من نشطاء من الخليل أرادوا أن يسجلوا بأسمائهم انجازا وأن يضغطوا على اسرائيل كي يستخرجوا منها الافراج عن سجناء من السجون. وقد تمت عشرات المحاولات كهذه قبل اتفاق المصالحة بين فتح وحماس ولهذا ليس من الضرورة وجود صلة بين العملية والمصالحة هذا الى أن التخطيط لها قد استغرق زمنا طويلا بيقين. ولمزيد التأكيد زعم أمس ممثل قيادة حماس في القطاع أنها لا صلة لها بالعملية ولا تعلم من يقف وراءها.
تقرر في مشاورات أجراها نتنياهو مع قادة اجهزة الامن تشديد ملحوظ للخطوات الموجهة على حماس في الضفة تفوق موجة الاعتقالات الاخيرة لجباية ثمن العملية. وقد يطول حصر العناية في المنظمة عدة اسابيع دونما صلة بنتائج الجهد للعثور على المخطوفين. ومن المؤكد أن السلطة الفلسطينية التي ستندد بهذه الاجراءات علنا ستباركها سرا، فقد سبب الاختطاف احراجا شديدا للرئيس محمود عباس وقد يعرض للخطر ايضا استمرار مسيرة المصالحة الفلسطينية.
وما زالت اجهزة أمن عباس تساعد اسرائيل من وراء الستار في البحث عن الفتيان الثلاثة. وقال ضابط كبير من الجيش الاسرائيلي أمس: "لا نعتقد أنهم يعملون عندنا. فهم يساعدوننا صدورا عما يرونه مصلحة فلسطينية". وقد تكون لعملية على حماس في الضفة آثار ايضا على الوضع على حدود القطاع. فقد يزيد عدد القذائف الصاروخية المطلقة من القطاع تأييدا للخلايا في الضفة برغم أن قيادة المنظمة في غزة غير معنية بذلك. ويحتمل أن يتدهور الوضع تدهورا آخر يتجاوز التوتر الذي أحدثه الاختطاف.
يمكن بعد اكثر من 72 ساعة من الاختطاف أن نأمل تقدما ما في التحقيق يساعد "الشباك" على حل لغز المسار الذي سار فيه الخاطفون وطريقة عملهم وأن يقترب بذلك من مساعدي الخلية على الأقل. ويجب أن نأمل أن يكون الخاطفون برغم جهودهم قد خلفوا مجموعة أدلة تخدم المحققين. لكن من المؤسف جدا أن ذلك لا يضمن أن تنتهي القضية الى نهاية خيرة.
لأن خلايا الاختطاف في الضفة أبقت رهائنها أحياء في حالات قليلة فقط كما كتب هنا من قبل. فالخشية من الانكشاف أملت على نحو عام قتل المخطوفين في الماضي. ويحرص قادة الاذرع الامنية على التفاؤل نحو الخارج، لكن الخوف ما زال شديدا.
يبدو أن الخاطفين تمتعوا بميزة واحدة غير متوقعة منحتهم الشرطة إياها: فأمس بعد جهود الاخفاء مدة أكثر من يومين أُجيز آخر الامر اعلان أن أحد الفتيان استطاع أن يتصل من هاتفه المحمول بمركز طواريء شرطة منطقة شاي ليقول "خطفونا". وكانت المكالمة مبلبلة والخط مشوش ومع كل ذلك تقع الشبهة في أن مركز الشرطة والشرطي المسؤول لم يوليا الانذار أهمية كافية.
وهكذا خسروا ساعات ثمينة وحصل الخاطفون على هدية من المؤكد أنهم لم يحلموا بها وهي ست ساعات تقريبا من الهدوء الكامل استطاعوا فيها أن يخفوا المخطوفين وأن يحاولوا الطمس على بعض الآثار. وبعد الساعة الثالثة فجرا من يوم الجمعة فقط حينما أبلغت عائلة شاعر، مركز الامن الجاري لمستوطنة تلمون، عن غياب الابن غيلعاد، بدأ جهاز الأمن يشتغل بالقضية بجد. وفي ساعات الصباح الباكر فُتحت غرف عمل في "الشباك" وقيادة الوسط وبدأ عمل حثيث منظم للبحث عن الخاطفين وعن المخطوفين.
وعاد القائد العام للشرطة يوحنان دنينو أمس الى البلاد ليواجه كارثة اعلامية. فقد مكث القائد العام للشرطة نفسه خارج اسرائيل في وقت غير ناجح ويضاف هذا الى علاج مركز الشرطة الفاشل لاشارة التحذير.
واضطر دنينو الى قطع رحلة الى نيويورك حيث كان سيشارك في مؤتمر مع قادة شرطة نظراء. لكن استقرار الرأي على العودة تم اتخاذه متأخرا وعالجت الشرطة ازمة امنية شديدة مدة يومين بغير وجود رئيسها. والذي رأى دنينو وهو يحاول أن يدافع عن نفسه أمام السماعات أمس رأى انسانا مضغوطا محرجا بصورة مميزة.
ليس القائد العام للشرطة هو الوحيد الذي دُهن رأسه بالزبدة في هذه القضية التي يجب أن يُحقق فيها تحقيقا عميقا بعد ذلك. بل يبدو أن "الشباك" والجيش الاسرائيلي ايضا سيضطران الى تفسير حرية العمل المفاجئة التي تمتعت بها خلية الاختطاف دونما صلة بسلسلة النجاحات السابقة في احباط اعمال اختطاف. ويصدق ذلك ايضا على الحكومة التي دفعت قدما قبل اسبوع فقط بقلب جذل اقتراح قانون بينيت – شكيد للحد من حرية العمل في المفاوضة في اطلاق سراح مخربين، وقد تضطر هذه الحكومة الآن الى أن تواجه نتائج قراراتها.