الرئيسة \  مشاركات  \  حماية دولية لبشار الأسد. خيانة دولية للشعب السوري!

حماية دولية لبشار الأسد. خيانة دولية للشعب السوري!

29.09.2013
وليد جداع


كل المناقشات الدولية بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد أبناء الشعب السوري وقتل مئات المواطنين بهذه الأسلحة، تتجه باتجاه واحد هو إنقاذ بشار الأسد من جرائمه المتواصلة بحق الشعب السوري على مدى أكثر من عامين. إن التركيز على استخدام الأسلحة الكيماوية دون غيرها من وسائل القتل الممنهج ،على اعتبار أن هذا محرم دوليا،  يدين هذه المواقف مسبقا،لأنها تعني أن كل أنواع الجرائم التي اقترفها الأسد بحق الشعب السوري، يمكن التغاضي عنها والتسامح بشأنها.!
والموقف الدولي الرسمي من الضربة الأمريكية –التأديبية-  الخجولة الرقيقة المترددة المحتملة ، على هدفها المعلن الواضح في أنها عقابية ،محدودة ، لا تستهدف إسقاط النظام أو القضاء عليه أو الانتصار للشعب السوري، أو ترجيح كفة المعارضة السورية عسكريا...هذا الموقف لا يدع مجالا للشكوك بحجم عدم الاكتراث الهائل بعذابات الشعب السوري. لكنه يثير ألف شك وشك حول بواعث هذا الموقف المشين من معاناة الشعب السوري.
كيف يتأتى أن نرى الروس والصينيين والإيرانيين ودولا أخرى تؤيد الأسد ، وما تزال ، بكل أنواع السلاح والدمار والقتل والدعم السياسي، فيما الغرب المسمي نفسه صديقا للشعب السوري، وفيما عدد من الدول العربية...تفكر كثيرا جدا، وتتأمل كثيرا جدا، وتتأنى كثيرا جدا في تأييد الشعب السوري ومده بوسائل الدفاع عن النفس...ثم كيف يتأتى أن هؤلاء جميعا، يتحالفون اليوم علنا وخفاء ، في أكثر أنواع التحالف شيطانية وغموضا ضد الشعب السوري، فيسارعون إلى نجدته ، فقط  لأن تلويحا باستخدام القوة ضده قد أعلن، وهو تلويح محدود جدا ، ومخصوص جدا بأنه ضد بعض مفاصل النظام وبعض أركان قوته؟
كيف يتأتى أن أنشطة لا تنتهي في هيئات ومنظمات وبرلمانات وكنائس-على رأسها بابا الفاتيكان- ومساجد عالمية-على رأسها شيخ الأزهر-تتحرك هكذا بقوة وأريحية لافتة! تدعو إلى وقف-الحرب على سورية- مع أن الضربة المحتملة لم تقل أبدا إنها حرب على سورية، أو إنها للقضاء على زمرة الأسد الدموية، او إنها لتأييد الشعب السوري! بينما كان حجم التظاهر ضد جرائم الأسد الخطيرة المتواصلة ضد الشعب السوري، قليل جدا أو شبه معدوم! من يحرك هذه التظاهرات ، ومن يدعو لها، ومن يريد فعلا أن يبقى الشعب السوري تحت وطأة القتل والإرهاب!
كيف يتأتى أن السيد الأخضر الإبراهيمي ومنظمات دولية وحكومات وهيئات ، تفطن الآن إلى القوانين الدولية، وعدم جواز استخدام القوة ضد دولة ذات سيادة، ثم هي نفسها لم تراع القوانين الدولية التي تحرم القتل الجماعي، وتدمير المدن، وانتهاك حقوق الإنسان مما ولغ فيه الأسد حتى النهاية!! إن منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان وغيرهما من المنظمات دعوا مرارا إلى تقديم الأسد وعصابته إلى محكمة  الجنايات الدولية، وإحالة ملف جرائم الأسد إلى مجلس الأمن ليقرر ما ينبغي من عقوبات ضد هذا الطاغية، وأثاروا مرارا ضرورة اعتبار جرائم الأسد ، جرائم ضد الإنسانية التي تقتضي تدخلا دوليا وحماية دولية للشعب السوري..ولم تجد كل هذه الدعوات أي صدى أو اهتمام!
من يحرك هؤلاء جميعا الآن ، في حركة متناسقة متناغمة، يريدون بكل قوتهم وإمكاناتهم أن يحافظوا على المجرم الأسد وعصابته، وأن لا يعطوا فرصة حقيقية متواضعة للضغط ععلى هذا الطاغية الصغير، لعله فقط يرعوي عن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري الجريح!
لماذا معظم القوميين العرب واليساريين العرب والليبراليين العرب...لماذا كلهم لا يرون في أمريكا إن ضربت بعض قوى النظام المجرم ، إلا شيطانا مريدا، بينما  يبلغ ما فعله الأسد القاتل بالشعب السوري، أضعاف ما فعل كل أعداء الشعب السوري على مدى العصور! إن إسرائيل هجرت من الفلسطينيين على مدى ستين عاما أقل بكثير مما هجَر الأسد من الشعب السوري في عامين!
مريبة جدا مواقف العالم اليوم من التسابق لحماية الأسد ، وإخراجه من ورطته التي صنعها بيديه الملوثتين بدم الشعب السوري. ومريب أيضا هذا اللبس على الناس بتصوير المسألة على أنها حرب أمريكية ضد سورية، وأنها قد تؤجج الصراع المسلح وتأتي بمزيد من القتل والدمار، ولا يناقض هذه الريبة ما يزعم عن مشكلات المعارضة السورية أو عدم كفاءتها أو غموض المستقبل السوري بعد غياب هذا الطاغية المجرم....إن المسألة ليست المعارضة السورية سياسية كانت أم عسكرية، جهادية كانت أم سلمية، جبهة النصرة أو دولة العراق أو دولة الشام...
إنها مسألة مجموعة عسكرية دموية إرهابية ، تقتل في الشعب السوري بكل الوسائل المتاحة، ولا يرى هذا الشعب من العالم إلا حماية لهذه المجموعة وإلا رعاية لها ، وإلا صمتا عن جرائمها..
السيدة فاليري آموس وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية،، في رسالتها الإنسانية المؤثرة، كانت أكثر إيمانا وضميرا وأخلاقا من كثير من الساسة والزعماء والبرلمانيين ، حين ذكرت الإنسانية بالحجم الهائل للعذابات الإنسانية في سورية، وبحجم عدم الثقة لدى الشعب السوري في ضمير العام ووجدانه إذ تقول:
"ذكر لي العديد من السوريين، والنساء على وجه الخصوص، أن المجتمع الدولي تخلى عن الشعب السوري، وأننا نسير على الجانب الآخر. وأنا عاقدة العزم على أن نعمل معاً لإثبات أنهم على خطأ.
علينا أن نثبت للسوريين أنهم ليسوا وحدهم، وأننا لم نتخل عنهم، وأن العالم يهتم بهم"
يستمر العالم في تعامله مع الطاغية الأسد عبر منهجين اثنين: منهج داعم بالسلاح والمال  والدعم السياسي وكل ما يعزز آلة القتل عند الأسد. ومنهج غربي أساسا، يراوغ ويناور، يسوف ويؤجل، يختلق الأعذار والمسوغات...كل ذلك ليعطي الأسد دعما خفيا مخاتلا، وحماية من العقاب والمساءلة،
 فيما الأسد يرقص على جماجم الشعب السوري، ويتسلى بالألعاب الديبلوماسية! وهو بالضبط كما قال للصحفية الأمريكية المشهورة بربارة والتز: هل تضحكين يا سيدة بربارة....إن الأمم المتحدة والديبلوماسية...خواء وألعاب وتمضية للأوقات.
وعلى أي حال فالشعب السوري قد عانى من هذه الحماية الدولية للأسد كثيرا ،
وهو يدرك أن هذه الحماية مرشحة للاستمرار، وأنه متروك وحده يعاني القتل والتهجير والإذلال ، ولكنه لا يملك إلا الصبر والثبات وتطوير وسائل جهاده ونضاله. فالأسد هو مجرد عنوان لشبكة دولية من المصالح والاتجاهات والدول والرغبات لا تريد للشعب السوري الحرية والانعتاق، وترى في الأسد وسيلة مناسبة جدا لإبقاء الشعب السوري تحت وطأة القتل والتهجير والخراب.
المشرف على الحركة الدستورية السورية