الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حوار واشنطن وطهران... مع صديق إيراني!

حوار واشنطن وطهران... مع صديق إيراني!

29.09.2013
سركيس نعوم


النهار
السبت 28/9/2013
في إحدى سنوات "الحرب المشؤومة" في لبنان، وتحديداً بعد قيام الجمهورية الاسلامية الايرانية وتأسيس "حزب الله" ووضع برنامج طموح له في حينه يقضي بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي وبإقامة جمهورية اسلامية في لبنان والاشتراك في مشروع ازالة الكيان الاسرائيلي الغاصب واستعادة المقدسات الاسلامية في فلسطين واعادتها الى شعبها (علماً ان "الحزب" نفسه تخلى، بعد انتهاء الحرب المذكورة أعلاه بسيطرة سوريا على لبنان، عن اقامة جمهورية اسلامية فيه مبرراً ذلك بتركيبته الطوائفية وظروف عدة، وان لم يقتنع لبنانيون كثيرون يومها بتطور موقفه هذا تاركين للزمن أن يظهر تطابق الكلام وان رسمياً مع النيات أو تناقضهما)، في احدى تلك السنوات تلقيت اتصالاً هاتفياً من شخص أعطى اسمه وصفاته قال فيه إنه معمّم ومتابع للحركة الاسلامية في لبنان (الشيعية تحديداً) التي أسّس لها بل أطلقها المرجع الصديق الراحل السيد محمد حسين فضل الله، والتي كانت الرحم الذي ولد منه "حزب الله". وقال أيضا إنه متابع لتطوّر الأوضاع في ايران الجديدة، أي الاسلامية، والعلاقة بينها وبين "الرحم" و"الحزب". أوحت لي لهجته أنه لبناني الجنسية. واكتشف مع الوقت أنه ايراني، علماً أنني لم أعرف حتى الآن إذا كان حصل على جنسيتنا أو لا، ولم أسأله عن ذلك رغم ان احتمال أن يكون حاملاً لها ورد الى ذهني مرات عدة بسبب "أوضاع" بلادنا ومؤسساتها التي نعرفها جيداً. كانت الاتصالات الهاتفية منتظمة وان بتقطُّع تبعاً لـ"انشغالاته" التي كانت تفرض عليه السفر شرقاً وغرباً، والتي لم أبادر يوماً الى السؤال عنها. وعندما سمحت الظروف المتنوِّعة، حصلت لقاءات مباشرة ولكن ايضاً متقطِّعة. وأحياناً كانت تمرّ سنوات كثيرة من دون أن نلتقي أو نتحادث هاتفياً. استنتجت في حينه من أحاديثه، عدم تحبيذه ما اعتبره "انتقالاً" في وقت ما من الاسلامية المتشددة الى الاسلامية التي سمّاها اللبنانيون منفتحة، بعد تخلي "الحزب" عن هدف الدولة الاسلامية ثم بعد اشتراكه في الانتخابات النيابية. وكان يمرِّر من خلالها تحليلات ومعطيات ومعلومات عن كل القضايا المشار اليها أعلاه. وكنت أوردها في "الموقف" أحياناً بعد البحث فيها مع السيد فضل الله أو معاونيه، وأحياناً قبل ذلك. وكانوا يبادرون فور الاطلاع عليها الى الاتصال لدعوتي الى عدم ايلاء ما يقول الكثير من الاهتمام. كما كانوا يوضحون أموراً أثارها أكثر من مرة، وكنت أنقل توضيحاتهم ولكن بموضوعية وبحرص على عدم اظهار "الموقف" ساحة سجال وخصوصاً مع مرجع اعتبرته منذ لقائي به للمرة الأولى مرة مهمّاً جداً وصديقاً جيداً وذا عقل أكثر انفتاحاً من كثيرين من المعمَّمين وغير المعمّمين المدججين بالشهادات العالية والدراسات العميقة. أما ما جعلني أُقبِل على علاقة مع "المعمّم الإيراني" الذي أتحدث عنه، اضافة الى حِرَفيتي وحشريتي المهنيتين، فكان التقائي به مرتين في طهران في أثناء تلبيتي لدعوتين رسميتين لزيارتها مع "اعداد غفيرة" من الصحافيين والمريدين. الأولى، كانت في مأدبة عشاء كبيرة كان فيها كبار القوم الحاكمون، وكنا على طاولة واحدة مع آخرين منهم زميل – صديق لبناني قديم أحترمه جداً. والثانية، كانت في قاعة محاضرات ألقى خلالها، ولمناسبة أعتذر عن نسياني اسمها، مسؤولون كبار خطباً عنها. وأعتقد اذا لم تخنّي الذاكرة، أن الرئيس الاصلاحي والمعتدل الدكتور المعمم محمد خاتمي الذي انتخبته غالبية الشعب، وبديموقراطية نادرة وان محصورة بأهل النظام، رئيساً لولايتين رغم تحفّظ "النظام" وأركانه، لم ينجح في تحقيق اهدافه الاصلاحية لأسباب عدة منها التحفّظ المذكور.
ما هي مناسبة هذا الحديث المفصَّل اليوم؟
المناسبة الأولى هي اتصاله بي هاتفياً ودعوتي الى الالتقاء به في منزله بعد سنوات من انقطاع أخباره عني، كان فيها مشغولاً بحسب قوله في انجاز ديني، أو شرعي – أدبي – تاريخي. والمناسبة الثانية هي ظهور بوادر حوار جدي على الأرجح بين أميركا أوباما وايران الجمهورية الاسلامية في اليومين الماضيين في نيويورك على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة التي بدأت الاسبوع الماضي. ذلك أن الحديث بيننا، على مدى نيف وثلاث ساعات تناول هذا الموضوع، وأوضاع أميركا وايران وامكانات اسهامها في انجاح الحوار وتطويره وايصاله الى نهايات ايجابية أو في اجهاضه وانهائه.
وهذا ما سيبدأ به "الموقف" يوم غد.