الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حول جولة تفاوض "جنيف 3"

حول جولة تفاوض "جنيف 3"

17.01.2016
سمير العيطة



السفير
السبت 16/1/2016
بعث قرار مجلس الأمن الرقم 2254 الأمل بين السوريين في خلق آليّةٍ لوقف القتال ولحلٍّ سياسيّ مستدام، ينبنيان على توافقات واسعة إقليميّة - دوليّة انطلقت في اجتماعات فيينّا "للمجموعة الدوليّة لدعم سوريا"، تؤطّر إنهاء الصراع في البلاد. لذا، فالواجب الوطني يحتّم دعم هذه الآليّة بشتّى السبل وعدم إضاعة الفرصة المتاحة لإنقاذ سوريا، خاصّة أنّه تمّ وضع جدولٍ زمنيٍّ محدّدٍ يُلزم جميع الأطراف السوريّة كما الإقليميّة والدوليّة، بدايته جولة مفاوضات مزمع عقدها في 25 كانون الثاني.
لقد ربط قرار مجلس الأمن انطلاق الجهود لوقف إطلاق النار بانطلاق العمليّة التفاوضيّة. ولذا يجب أن تنطلق هذه العمليّة بأقرب فرصة، برغم كلّ التحفظّات، بالضبط لأنّ وقف النار هو الذي سيسمح بإعلاء صوت المجتمع السوري فوق صوت السلاح. يفترض إيجاد حلول إيجابيّة وميسّرة كي يتمّ الأخذ بالاعتبار أنّ أيّ وفدٍ للحكومة السوريّة الحاليّة وأيّ وفدٍ "للمعارضة" لا يمكنهما أن يمثلا في الظروف الحالية إرادة الشعب السوريّ وأن يكونا نتاج الخيار الحرّ للسوريين، كما نصّ عليه القرار الدولي.
يفرض واقع التشرذم السوري على الأرض كما تشابك الملفّات السياسيّة والأمنيّة والإنسانيّة والاقتصادية أن تكون المفاوضات متعدّدة الأطراف، يتمثّل فيها الطيف الأوسع، كلٌّ بخصوصيّاته. بالتالي، يجب التعامل بإيجابيّة وجديّة مع مخرجات مؤتمر الرياض للمعارضة. لكنّ على الأطراف الدوليّة والأمم المتحدة أن تجد صيغةً كي يتمّ تمثيل القوى السياسيّة والعسكريّة السوريّة التي استُبعِدَت عن جهود تشكيل وفد "المعارضة" والتي تكافح باستمرار الإرهاب، لأنّ تواجدها ضرورة لشموليّة العمليّة السياسيّة وللحفاظ على وحدة البلاد.
كذلك ينبغي إبراز تمثيل قويّ ومستقلّ للمجتمع المدنيّ وللأطراف التي لا تتبنّى السلاح؛ إذ من الضروريّ أن يكون المجتمع المدني رقيباً فعليّاً على جولات التفاوض، وأن يتمّ اعتماد وفدٍ رسميّ من قبل الأمم المتحدة للقيام بهذا الدور الرقابيّ الفعّال. فالمجتمع السوري الذي يعاني الأمرّين هو صاحب المصلحة الأساسيّة في وقف الحرب.
ومن الأمثل أن يضمّ وفد المجتمع المدنيّ ممثّلين عن جمعيّات المجتمع المدني الأهليّة والنسائيّة والإغاثيّة والطبيّة والحقوقيّة، التي تجمّعت في شبكات مشتركة. وكذلك المجالس المحليّة، التي جرت انتخاباتها مؤخّراً على أسس القوانين النافذة، حتّى في المناطق غير الخاضعة للسلطة المركزيّة، على المستوى المحلّي وعلى مستوى المحافظات، بما فيها مناطق الحكم الذاتي في الشمال، بالإضافة إلى فعاليّات وشخصيّات يُمكن أن تؤسّس لمناخ الثقة والحياد في المرحلة الانتقاليّة.
فهذه الأطراف المدنيّة تقوم حاليّاً بدور رئيس في تأمين حياة المواطنين وغذائهم وصحّتهم، في المناطق السوريّة كافة، في ظروفٍ شديدة الصعوبة وبرغم التجاذبات السياسيّة والفوضى. وبات أغلبها يعمل ويتفاعل مع المواطنين بشكلٍ مستمرّ منذ 3 سنوات. بالتالي، فإن هذه الأطراف المدنيّة هي الأكثر قدرةً على القيام بالوساطات الضروريّة بين أطراف المجتمع لرأب صدعه، ومع مؤسسات الدولة والمجتمع الدوليّ لتأمين مستلزمات المواطنين وخدمتهم، وكذلك مع القوى المتصارعة بالسلاح للتوصّل وضمانة وقف القتال. وهنا يكمُن الهدف الأساسيّ لقرار مجلس الأمن.