الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حيرة نصر الله

حيرة نصر الله

04.03.2014
إيال زيسر


اسرائيل اليوم 2/3/2014
الحياة
الاثنين 3/3/2014
اصبح حزب الله يجد نفسه بعد مرور ثلاث سنوات على نشوب الثورة في سوريا في واحدة من أدنى نقاط الحضيض التي عرفها في تاريخه. وقد احسن رئيس هيئة الاركان بني غانتس وصف المأزق الذي دفعت اليه المنظمة حينما قال قبل بضعة اشهر إن نار الثورة السورية اشتعلت في اطراف عباءة حسن نصر الله.
لا يمر يوم دون ان تدفن المنظمة احد محاربيها ممن يقتلون في المعارك في سوريا. وتعلن عائلات الضحايا الذين اصبح عددهم يقدر بمئات، تعلن تمسكها بجهاد حزب الله للمتمردين على بشار الاسد، لكن لا يوجد أي شك في ان هذا العدد الكبير جدا من القتلى سيثير عاجلا أو آجلا تساؤلات وانتقادا حتى بين موالي المنظمة، تتعلق بمنطق سياسة قادتهم وتسويغها.
اصبح حي الضاحية وهو حصن المنظمة في بيروت هدفا حصينا منذ بدأت منظمات ارهاب سنية تضرب مواطنين شيعة انتقاما عن تدخل حزب الله في سوريا. واصبحت حوانيت ومشاغل تحيط نفسها باكياس رمل وبحواجز، وتصعب نقاط تفتيش انشئت في كل شارع تقريبا حياة السكان اليومية. واصبح العالم العربي والاسلامي الذي هش وبش في الماضي للمنظمة ورأى حسن نصر الله بطلا، يتخلى الآن عن ‘حزب الشيطان’ الشيعي، كما يسمي حزب الله اليوم أعداؤه وفقهاء سنيون. وفوق كل ذلك تتكتك في لاهاي ساعة المحكمة الدولية لقتل رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، وهي التي قد تُدين في القريب عددا من كبار قادة المنظمة بالمسؤولية عن قتل الزعيم اللبناني.
اجل انها عدة مشكلات كسبتها المنظمة باستحقاق حينما استقر رأيها على ارسال مقاتليها للقتال الى جانب بشار الاسد في مواجهة معارضيه. وبعد كل شيء لن يستفيد الخير أبدا أحد استقر رأيه على التدخل في حرب دامية في دولة جارة.
لكن نصر الله ليس بشار الاسد لا لأنه ذو خبرة وحساب للامور وأكثر حنكة من زميله السوري، فقط بل لأن صعاب حزب الله هي في الاكثر سبب لصداعه في حين يواجه بشار خطرا وجوديا على نظام حكمه. والحقيقة ان حزب الله اخذ يغرق في المستنقع السوري لكنه امتنع من البداية من ان يلقي معظم قوته في المعركة في سوريا؛ فقد بقيت في لبنان موجهة الى اسرائيل والى اعدائه في الداخل. ومن هنا فان قوته العسكرية ولا سيما منظومته الصاروخية لم تتضرر ألبتة وتستغل المنظمة في واقع الامر الفوضى في سوريا لزيادة قوتها وتحسينها.
إن المس بصورة نصر الله في انحاء العالمين العربي والاسلامي مس شديد في الحقيقة. ومع كل ذلك لم يكن نصر الله قط يعتمد على هذا التاييد لانه يتلقى التاييد المهم حقا من ابناء الطائفة الشيعية في لبنان وايران وهم ما زالوا الى جانبه بصورة مطلقة قاطعة.
تجري في السنوات الاخيرة حرب سرية بين اسرائيل والمنظمة. فقد اتهمت اسرائيل بتصفية عدد من قادة حزب الله ونسبت اليها ايضا هجمات في الارض السورية على شحنات سلاح مرسلة الى المنظمة. ونفذ حزب الله من جهته عملية ارهابية على سياح اسرائيليين في بورغاس في بلغاريا برغم انه امتنع عن تحمل المسؤولية عن الحادثة.
هاجمت اسرائيل في الاسبوع الماضي لاول مرة منذ كانت حرب لبنان الثانية هدفا للمنظمة في داخل الارض اللبنانية. فاذا ضبط نصر الله نفسه فلم يرد على الهجوم فمعنى ذلك اعطاء اسرائيل ضوءا اخضر للاستمرار على ضرب اهداف للمنظمة داخل لبنان، ويعلم نصر الله في نفس الوقت ان اسرائيل سيصعب عليها التغاضي عن رد شديد منه على الهجوم الاسرائيلي لان معنى ذلك اضعاف انجازها الكبير في حرب لبنان الثانية وهو الهدوء المطلق الذي يسود الحدود كلها في الشمال.
هذه اذا لحظة حقيقة بالنسبة للطرفين. ليس لاسرائيل وحزب الله مصلحة في المواجهة العسكرية لكن اجراءات محسوبة وحذرة ايضا كما حدث في الماضي يمكن ان تخرج عن السيطرة وان تفضي الى التدهور والتصعيد. فمن المهم في هذه الحال ان نعود ونذكر بان نصر الله في حضيض سياسي في الداخل حقا لكن منظومة صواريخه الموجهة على اسرائيل ما كانت قط في وضع افضل مما هي عليه اليوم.