الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حين تحذّر روسيا وايران العالم من غضبهما

حين تحذّر روسيا وايران العالم من غضبهما

16.01.2014
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاربعاء 15/1/2014
في يوم واحد قامت روسيا وايران بتقديم تحذيراتهما للعالم، كلّ على طريقته.
التحذير الأول جاء من سفير روسيا في الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيغوف خلال حفل قبل أيام في بروكسل قال فيه: ‘فيما يتعلّق بصبر بوتين، لا أدعو أحداً لاختباره’. والصبر الذي يتحدّث عنه تشيغوف، حسب الخبر الوارد في وكالات الأنباء، يتعلق بالنزاع بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حول قضايا النزاع في سوريا واوكرانيا وقضايا أخرى تتعّلق بشؤون المال والاقتصاد والتجارة.
أما تحذير إيران فجاء على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الذي قال في مؤتمر صحافي هذا الأسبوع في لبنان ‘اذا حالت بعض الضغوط السياسية التي مورست من هذا الطرف او ذاك دون مشاركة ايران في أعمال هذا المؤتمر، فان هذه الاطراف ستندم على المساعي التي بذلتها للحيلولة دون مشاركة ايران في ايجاد حل ومخرج للازمة السورية’، وحديث ظريف يدور بالطبع عن مؤتمر جنيف 2.
بعد مؤتمره مع وزير الخارجية اللبناني، عدنان منصور (أحد ممثّلي فريق 8 آذار وحزب الله في الحكومة اللبنانية) وبعد جولته على العراق والأردن، سيتوجّه ظريف، مع أو بدون شريكه في ‘الاعتدال’ الكاذب والمهنة الدبلوماسية، (وأحد رعايا الامبراطورية الايرانية بالاستتباع) وليد المعلّم، وزير الخارجية السورية، إلى موسكو، ويتلاقى بذلك قطبا التحذير والتهديد الروسي والإيراني للعالم، وتابعهما السوري.
تحذير ظريف، يكشف هشاشة تسويق المؤسسة الإيرانية العميقة (حلف العمامة وأجهزة الأمن) لاعتدالها المفترض عبر انتخاب الرئيس محمد روحاني واختيار طاقمه الدبلوماسي المحنّك، ويبيّن ضرورة التنبيه دائما على ضرورة الاعتماد على أفعال ذلك الحلف التي يعبّر عنها أمثال قاسم سليماني (رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري، القائد العسكري وظل المرشد الفقيه في امبراطورية ضغط تتصادى أفعالها من افغانستان حتى… الأرجنتين) لا على أقوال تجلّياته المموّهة بالاعتدال والحراك الدبلوماسي المتزن.
اذا وضعنا زيارة ظريف للبنان في تواز مع التحذيرين الإيراني والروسي وأيضا في سياق ما ذكرته ‘وكالة أنباء فارس قبل أسبوع حول أن لبنان مقدم على أسبوعين خطيرين قبل جنيف 2، فإننا عملياً أمام إحتمالين:
الأول، أن يكون التهديد جزءاً من العنف الدبلوماسي اللفظي الجاري لفرض دعوة إيران إلى مؤتمر ‘جنيف 2 بشروطها (أو ‘بدون شروط مسبقة’، كما قال ظريف)، والثاني هو أن إيران (بتغطية روسيّة؟) ستقوم بهزّة كبيرة للوضع السياسي في لبنان.
قرار إدخال حزب الله في الحرب السوريّة كان الردّ الإيراني على استبعاد ‘الجمهورية الإسلامية’ من معادلة جنيف 2، ولم يكن بدواع خاصة بحزب الله او حتى دفاعاً عن النظام السوري، وفكرة إيران كانت أنها ما دامت موجودة على الأرض السورية من خلال حرسها الثوري وحزب الله فإن شطبها من التفاوض سيكون أمراً مستحيلاً، لكنّ الاتفاق النووي الإيرانيّ غيّر الأولويات وما عاد قلب الطاولة على الجميع أمراً ممكناً.
تجد التصريحات المهددة والمحذّرة والمتنبئة بتدهور الوضع اللبناني صداها في الاغتيالات والتفجيرات الحاصلة في لبنان، لكنها تبدو على نقيض من الحراك السياسي الحالي الذي اقترحته مبادرة حزب الله الى التفاوض على تشكيل حكومة لبنانية جديدة بعد أن منع الحزب ذلك قرابة 9 أشهر.
تستعرض روسيا وايران عضلاتهما التي تشبه الأكورديون الذي ينتفخ فيصبح صواريخ نووية وسلاحاً كيميائياً وفرقاً عسكريّة جرّارة وقرارات ‘فيتو’ في مجلس الأمن واغتيالات وتدخّلات إقليمية وتهديدات خطيرة بإلهاب مياه الخليج العربي، أو يتقلّص إلى تصريحات تهدّد بغضبة بوتين المخيفة او بزلزلة الأرض في لبنان.
… لكن الأقرب للعقل والمنطق أن الإمبراطوريتين، الروسيّة والفارسية، أدركتا أن استثمارهما في الحلول العسكرية والأمنية أدّى إلى ما نشهده من أيام القيامة العبثية والهمجيّة القصوى في سوريا ولبنان والعراق، والتي امتدّ لهيبها إلى روسيا مفخخات وتفجيرات، ولا يستبعد أن تصل إلى داخل إيران أيضا. ‘الأكورديون’ الروسي والايراني، منتفخاً كان أو متقلصاً، لا يغني عن اللعب ضمن ‘الأوركسترا’ العالميّة، ولا يمكنه بالتأكيد، مجابهتها إلى الأبد.