الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حين يستميت السوريون للاقتراع

حين يستميت السوريون للاقتراع

01.06.2014
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 31/5/2014
بدا المشهد مطابقاً تماماً لما كان قد كشف عنه حسن نصرالله قبل ذلك بأيام، حين قال في خطابه الأخير، يوم الأحد الماضي، إن "الشعب السوري يتقدم إلى صناديق الاقتراع وسنرى هذه المشاهد". إذ فعلاً تدافع السوريون في لبنان تحديداً، بالآلاف، وحد الاستماتة، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة (أو لبشار الأسد وحده في الواقع) يوم الأربعاء الماضي، المخصص لاقتراع السوريين المقيمين في الخارج!
لكن، ألا يكفي ذلك مبرراً للقول بإقرار نصرالله وليس سواه، أن كل شيء كان مرتباً ومعداً سلفاً لفبركة مشاهد "الديمقراطية" السورية، إنما في لبنان وليس في سورية نفسها؟! كما يكون مبرراً طرح السؤال، باعتبار أن الإجابة غير معروفة، عما إذا كان جميع المشاركين في "عرس الديمقراطية المغتصبة" هم سوريون فقط، لاسيما أن هناك من تباهى من القوميين غير السوريين، في لبنان وغيره، بالإدلاء بصوتهم للأسد في انتخابات رئاسية "سورية"!
ربما يرد عشاق نظرية المؤامرة على ما سبق بأنه محض نظرية مؤامرة "مرفوضة" هنا! لكن الحقيقة أن بديل ذلك سيغدو أسوأ بالنسبة للأسد وحلفائه دون سواهم.
فلو افترضنا التزام النظام بقراره حرمان اللاجئين من التصويت، وبالتالي عدم صحة التقارير التي تحدثت عن إرهابهم من قبل أنصار الأسد اللبنانيين (حزب الله وغيره) لإجبارهم على التصويت للأسد، بدون أوراق أو تسجيل طبعاً، فإن السؤال الأبسط الذي لا يعود ثمة مفر من مواجهته هنا: ماذا يفعل كل هؤلاء السوريين الموالين في لبنان؛ فيما الأسد يحقق الانتصارات، وأهم من ذلك السلم الأهلي عبر المصالحات الشعبية، بقول نصرالله أيضاً، بما يسمح بإجراء انتخابات "طبيعية"؟!
ربما يكون كل ذلك ليس مهماً أمام غاية إظهار أن الشعب السوري يريد الأسد للتصدي للجماعات الإرهابية التكفيرية التي استباحت سورية شعباً وأرضاً. لكن إذا صحت هذه النتيجة؛ أي أن الفظائع التي ترتكب في سورية اليوم هي فقط مسؤولية "الغرباء" أتباع "المؤامرة الكونية" الخارجية، وبما يعني براءة الشعب السوري قبل النظام، فإن ذلك لا يؤدي إلا إلى العودة إلى الأسئلة البدهية الأولى: لماذا يصر نظام الأسد على مواصلة القتل الجماعي العشوائي للشعب البريء، بل والعاشق له المتمسك به؟! فإذا كان البعض ما يزال يكابر بشأن المسؤولية عن استخدام السلاح الكيماوي ضد السوريين العزل، فإنه لا جدال في المقابل بشأن عدم امتلاك "داعش" أو "جبهة النصرة" أو أي فصيل آخر للطائرات التي تلقي البراميل المتفجرة، أو المملوءة بالكلور، على الأحياء السكنية في كل المدن السورية تقريباً، إضافة إلى صواريخ سكود والقنابل العنقودية! تماماً كما لا يستطيع أي كان إنكار مئات آلاف المعتقلين في سجون النظام، والذين تتضاعف أعدادهم فقط منذ بدء الثورة السورية سلمياً، فلم يطلق سراح إلا أعضاء التنظيمات التي يقر الأسد وحسن نصرالله أنها إرهابية.
ليس سراً أن المستهدف فعلا بمسرحيات الاقتراع تلك هو الخارج (الغرب) وحده، الأمر الذي يفضي إلى ذروة التناقض والاستغراب. ذلك أن إيران، وضمنها حزب الله، تعرف تماماً بحكم خبرتها الذاتية أن شرعية الخارج لا يمكن أن تدوم، وإلا لبقي الشاه وما حكم رجال الدين الإيرانيون أبداً.