الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حيوان "الكوالا" بين طفلين سوري وفلسطيني

حيوان "الكوالا" بين طفلين سوري وفلسطيني

19.11.2014
شريف قنديل



المدينة
الثلاثاء 18-11-2014
حيوان "الكوالا" بين طفلين سوري وفلسطيني كل التقدير والتضامن مع حيوان الكوالا النبيل، وكل الاحترام لفرائه الجميل! ها نحن نقف جميعًا تحية لسلالته الكريمة التي تنتمي لجنس الدب الجرابي، وللفصيلة الجرابية كلها! ومن الواضح أن قلوب قادة العالم الكبار انخلعت وهي تتابع ما يُقال عن تعمّد البعض لصيد هذا الحيوان المسكين!.
في المقابل أو على الجهة الأخرى يتعرض الطفل السوري الآن لبرد يشبه القنص دون أن يهتز قلب واحد من هؤلاء القادة الكبار!.
كنت أطالع في صورة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو يحتضن بحميمية واضحة لواحد من حيوانات الكوالا، فيما يمازح بود وحب رئيس الوزراء الأسترالي حيوان آخر حمله كطفل على ذراعيه، ربما جعل الأم أنجيلا ميركل تتحرك نحو الكوالا، طالبة حمله على طريقة الأمهات المجاملات لأم تظهر بابنها أو بابنتها للمرة الأولى.
إننا إذ ندين بشدة هذه الحملة الظالمة التي يتعرض لها حيوان الكوالا ذو الجراب المفتوح من الخلف، والذي يتواجد على أغصان الأشجار، نتمنى أن تتحرك قلوب هؤلاء القادة فيصدروا قرارات حقيقية لإنقاذ الطفل السوري المشرّد، ذي الصدر المفتوح للبرد على الحدود فيقتله، أو للقنص فيهلكه!.
وإذا كان لأنثى الكوالا مهد واحد في السنة تضع فيه بذرة المولود لفترة تدوم 35 يومًا ينتقل بعدها الصغير في جراب الأم لمدة ثمانية أشهر قبل أن تحمله على ظهرها لمدة عام تمهيدًا لفطامه، فإن الأم السورية تضع الآن مولودها في الخيام التي سيكسوها الجليد بعد أيام دون أن تجد "مهدًا" لائقًا لرعايته!.
وإذا كانت أصوات أطفال سوريا المشرّدين شأنها في ذلك شأن أصوات أطفال فلسطين اللاجئين لم تجد صدى لدى قادة العالم لبُعد المسافة، فإن صوت المدير التنفيذي لليونسيف كان يتردد بقوة في جنيف مؤكدًا وصول عدد الأطفال السوريين المشرّدين بسبب الحرب الدائرة هناك لأكثر من مليون طفل!.
وفي ذلك يقول المفوّض "السامي" للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس إنه ليس هناك أقصى وأبشع وليس هناك ماهو أكثر أهمية من نجاة جيل من الأطفال السوريين ينزعون من ديارهم وربما من أسرهم، ويواجهون أهوالًا لابد من إدراكها!.
من يدركها يا انطونيو؟ من يدركهم أيها المفوض السامي؟ من يدرك أطفال يتم اصطيادهم ليس من فوق أغصان الأشجار وإنما من فوق صدور أمهاتهم؟.
من يدرك أطفال يتم قنصهم وهم يحاولون الإمساك بفراشات الأمل كل صباح؟! من يسدل عليهم سترًا يقيهم من الرصاص؟.
ما الذي يقولونه إذا جاءوا إليهم وشاهدوا الحليب على أفواههم فوق صدور مغطاة بالدم؟!
تقول المنظمتان "اليونيسيف والمفوضية" أن أكثر من 740 ألف طفل من اللاجئين السوريين هم دون سن الحادية عشرة وأن أكثر من 7 آلاف قتلوا، وأن مئات يقتلون كل يوم، فهل تحن قلوب الكوالا نفسها على الأطفال المشردين؟!.
أعود فأقول إن فراء الكوالا الجميل لن يكون أجمل أبدًا من وجه طفلة سورية مشرّدة أو وجه طفلة فلسطينية لاجئة!.
أي حرارة قلب هذه تجاه الكوالا، وأي برودة تلك تجاه الطفل السوري المشرّد والفلسطيني اللاجئ؟! ألم تحن لحظة دفء واحدة لهؤلاء؟! أم أن المسألة مازالت خاضعة لحسابات سياسية أخرى، وحسابات اقتصادية أخرى، وحسابات إنسانية أخرى؟!.
يدخل الشتاء، وتعصف الرياح بالجبال، وتجفل الرمال ويموت الأطفال المشرّدون، ويمرض الأطفال اللاجئون، وتنخرط قلوب قادة العالم على حيوان الكوالا الذي نحبه ونحترمه ونقدره، حتى لا نتهم بمعاداة الحيوانية، مثلما يصر البعض على اتهام كل منصف في الصراع العربي الإسرائيلي بمعاداة السامية!.
الطفل السوري المشرَّد والفلسطيني اللاجئ يتحوّلان كل يوم إلى إشلاء ينبت منها الورد دون أن يهتز قلب!
أطفال سوريا المشردون وفلسطين اللاجئون تغني لهم فيروز "رجعت الشتوية" فتصطك أسنانهم في اغتراب الوطن، وتصطك في قلوبهم الأماني الفتية!.
يبتعدون وننساهم رويدا رويدا، ويتركوننا نتحدث من بعيد عن عدالة القضية! إنهم يقفون كل ليلة عند انحدار الظلام انتظارًا لمطلع الضوء.. عند انحدار الخصام انتظارًا لسهل الوفاق.. تطول القضية فينتحبون من جديد، والدمع ملء المآق.. يفقدون الأمل في طرق الشوق.. إلى الانعتاق