الرئيسة \  مشاركات  \  خامنئي يؤنب نصرالله

خامنئي يؤنب نصرالله

23.01.2016
حسان القطب





ما تم ترويجه والتنظير له على مدى عقود من الزمن، هو أن الولي الفقيه لا يخطيء، كما لا يحق لأحد ان يتجاوزه باتخاذ قرار، او بالاعلان عن موقف استراتيجي، يتعلق بأمن ايران ومشروعها وحلفائها..؟؟ ولكن ما جرى من استهداف للسفارة السعودية في طهران والمواقف اللاحقة التي اعقبت واعلنت بعد حادثة الاعتداء منددةً او مستنكرة، وما تلاها من اعتقالات وعزل مسؤولين.. جاءت مناقضة للمشهد السياسي الإيراني الذي عشناه وسبق الاشارة له... وجعلتنا نتساءل عما يجري في قم قبل طهران...؟؟
بالأمس جاء موقف الخامنئي مرشد الثورة والولي الفقيه مفاجئاً.. (حيث وصف مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، الهجوم على السفارة السعودية في طهران بأنه «عمل سيء جداً ومشين». وانتقد «سلوكيات غير منضبطة تتهم المؤمنين وأنصار حزب الله بأنهم متطرفون»، داعياً الى تجنُّب «اتهام هؤلاء الشباب الذين يدافعون عن الحدود والهوية الوطنية، بأنهم متطرفون». لكنه ندّد بالهجوم على السفارة السعودية وقبله استهداف السفارة البريطانية، وزاد: «كنت مستاءً من هذين العملين وهما ضد مصالح البلد والإسلام». وكان خامنئي يعلّق على اتهامات وُجِّهت الى أعضاء في ميليشيا «الباسيج» (متطوعي الحرس الثوري)، بقيادة الهجوم على السفارة السعودية. وأعلن المدّعي العام الإيراني أول من أمس، اعتقال ثلاثة أفراد أدّوا دوراً أساسياً في الهجوم، متجنباً ذكر أسمائهم...؟؟)
هذا التصريح معناه ان هناك من يتخذ قرارات بالغة الخطورة والاهمية وتترك اثراً بالغاً على علاقات ايران مع دول عربية واسلامية وحتى دولية دون العودة للولي الفقيه...؟؟ وإذا كان الخامنئي يعتبر ان الاعتداء على السفارة السعودية عملاً مشيناً، فهذا معناه ان التهجم على العائلة الحاكمة في المملكة اكثر خطورة من إحراق السفارة، والذي قاد هذه الحملة هو نصرالله من لبنان علناً وعلى شاشات التلفزيون، وتزامن مع تحريض جمهوره على الهتاف على شاشات فضائية...( الموت لآل سعود)...
إذاً من الذي اتخذ القرار وامر بإحراق السفارة ومن الذي نسق مع نصرالله ووسائل إعلامه لإطلاق حملة إعلامية واسعة ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج..؟؟ هل اصبح هناك تعدد في مراكز السلطة والقوى ومواقع القرار في ايران...؟؟ وهل اصبحت يد المرشد ضعيفة وغير قابضة على السلطة كما يجب وكما سبق ان كانت...؟؟
القراءة الاولية التي نستطيع استنتاجها من كلام الخامنئي هو انه في معرض كلامه واستنكاره وإدانته لما جرى في طهران، إنما:
-          يؤنب نصرالله، على مواقفه المتطرفة والتي تتطابق مع نهج إحراق السفارة...؟؟ إذاً من المسؤول عن اعطاء الاشارة لنصرالله لإطلاق العنان لهذه المواقف التي ليس من السهل اعادة إخماد نارها او إطفاء لهيبها.. الذي اصاب لبنانيين شيعة قبل ان يصيب ايرانيين...وكيف يمكن ترميم العلاقة مع دول الخليج والمملكة..!!  فهل يعتذر نصرالله كما اعتذر الخامنئي...؟؟؟ التزاماً منه بنهج الولي الفقيه وسلوكياته..؟؟؟
-          كما ان محاولة الخامنئي بالدفاع عن عناصر الباسيج والحرس الثوري التي كانت تصرفاته متطرفة، تؤكد ان هناك خروج على سياسة السلطة الإيرانية... وان حالة التململ من الانفصام في المواقف السياسية الايرانية باتت علنية.. والتي يتجاذبها منطق التشدد نحو الثورة وتعميم فكرها وتعميق صراعها مع دول الجوار والعالم مهما كانت الكلفة باهظة. التزاماً بالفكر الديني الذي يحرض على تصعيد المواجهة والذي اعتمده النظام الإيراني منذ ان استلم السلطة.... وبين الواقعية السياسة التي ينتهجها روحاني والقائمة على اعادة انتاج سياسة ايرانية خارجية هادئة وبناء علاقات ودية مع دول الغرب والعالم العربي بعيداً عن منطق الثورة والانتقام الذي تم تجييش جمهور المؤيدين عليه..لاعادة بناء الاقتصاد المنهار وترميم الوضع الاجتماعي المتردي.
إن من الواضح ان ايران تسعى لتهدئة الخواطر وتخفيف حدة التوتر، وهذه سياسة سبق ان اتبعتها عند الوصول الى حافة الهاوية ليس في داخل ايران مع خصومها فقط، بل حتى مع سائر الدول، وعلى مستوى حلفائها في لبنان كما في الدول التي تملك فيها ايران ادوات وتابعين.. وبات جلياً ايضاً ان ايران مستعدة للتضحية بقوى ورموز وحتى جمهور مؤيد لها في مختلف دول العالم ومنها لبنان...للحفاظ على النظام في طهران واستمراره.. سواء بالاعتذار او ببناء تحالفات مناقضة لثوابتها العقائدية كما لنهجها الفكري...
ــــــــــ
مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات