الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خريطة طريق مسدود في تركيا

خريطة طريق مسدود في تركيا

13.11.2014
قدري غورسال



الحياة
الاربعاء 12-11-2014
تمر مسيرة الحل السلمي للملف الكردي بأزمة قوية مردها ليس فحسب الى حوادث كوباني بل كذلك الى ما تسميه الحكومة التركية خريطة طريق القضية الكردية وموقف "حزب العمال الكردستاني" والاحزاب الكردية منها. وتشير التسريبات الى ان رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، تقدم بمسودة هذه الخريطة الى عبدالله أوجلان في سجنه في 3 أيلول (سبتمبر) الماضي. وكان من المفترض أن يدرسها أوجلان وأن يعرضها على نواب حزب الشعوب الديموقراطية وأن ينقلوها الى الجناح العسكري ل "الكردستاني" في جبال قنديل. لكن أوجلان تجاهل هذه الوثيقة ولم يعرضها على زواره من النواب الأكراد. ولم تبلغ الجناح العسكري. وفي الامكان تلخيص هذه الخريطة الحكومية في جملتين: "أن يعلن أوجلان وقفاً تاماً للقتال وترك العمل المسلح وأن يصدق الجناح العسكري على ذلك، ثم يُنقل أوجلان من سجنه إلى إقامة جبرية (سجن منزلي) ويُعين له مساعد من أجل متابعة الملف. وبعدها يقدم قانونا "العودة الآمنة" وقانون مكافحة الإرهاب الجديد إلى البرلمان من أجل إقرار عودة عناصر الجناح العسكري للحزب الى تركيا من دون محاكمة في ما يشبه قانون عفو عام، ثم يعلن أوجلان وقيادات الجناح العسكري ترك السلاح فتشرع الابواب أمام حل سياسي للقضية الكردية في البرلمان ويُعدَّل الدستور. هل هذه خريطة طريق لحل قضية بحجم الملف الكردي أم انها خريطة تبديد الوقت في حكومة أضاعت فرصة الحل ودخلت في متاهات؟ وهذه الخريطة المزعومة لا تظهر إلى أين تقود تركيا، فلا أحد يعرف ماذا سيمنح الأكراد في التعديلات الدستورية الموعودة. لذا، لم يُقِم أوجلان لها وزناً ولم يجد أي داع لطرحها على النواب الاكراد. فعمت الخيبة والإحباط في أوساط من كان يعقد الآمال على أوجلان في حكومة "العدالة والتنمية".
وآذن سير الامور على المنوال هذا بأفول مؤيدي أوجلان في الحكومة. وأدركت تركيا أن قضيتها الكردية الداخلية بدأت تأخذ بعداً إقليمياً مع إنشاء كانتونات كردية في شمال سورية في 2012، وحاولت أن تسلك طريق سلام لم تسلكه في السابق يقضي بإشراك أوجلان في حل القضية. وأعلنت خريطة طريق لطريق غير موجود. فهذه الخريطة لم ترمِ الى توسيع الديموقراطية والتزام مبادئها كاستراتيجية لحل الملف الكردي، بل استندت الى سياسة "خذ وهات" التي تراعي مصالحها الحزبية الضيقة في الانتخابات. واقتصر دور أوجلان في هذه الخريطة على دور الممثل الثانوي الذي أريد له البروز من أجل انقاذ الوضع وضمان وقف نار، ولو موقتاً، ومنح الحكومة المزيد من الاصوات في الانتخابات. بالتالي، سعت مفاوضات الحل الى الفوز بالانتخابات وتصويت الشارع الكردي لأردوغان وليس الى حل الملف الكردي.
في الوقت ذاته، سعت الحكومة الى إلحاق الضرر بأوجلان، فسرّبت معلومات مفادها أن شاغله الأوحد هو خروجه من السجن. والحكومة لم تربط بين ترك السلاح وتعزيز الديموقراطية والحريات بل على رمي السلاح في مقابل تحسين شروط حبس أوجلان. وفي نهاية المطاف، اتهمت أنقرة أوجلان بعرقلة مسيرة الحل، لكنه يُفكِّر في أمور أخرى لا تقتصر على تحسين شروط سجنه. وإذا أرادت الحكومة استمرار وقف النار، حريٌّ بها منح أوجلان دوراً أكبر والسعي الى حل القضية الكردية حلاً جذرياً.
 
* كاتب، عن "مللييت" التركية، 10/11/2014، إعداد يوسف الشريف