الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خطأ التقديرات والحسابات: حتى لا تقع الفأس في الرأس !

خطأ التقديرات والحسابات: حتى لا تقع الفأس في الرأس !

21.10.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الثلاثاء 20/10/2015
على كل دول المنطقة, التي لا تزال متماسكة واستطاعت أن تبقى على شاطئ الأمان.. حتى الآن, أن تتحاشى "سطحية" الحسابات والتقديرات الخاطئة التي هي في حقيقة الأمر "أمانٍ" وليس استنتاجات مبنية على حقائق الأمور ومستندة إلى الموضوعية المتناهية وليس على الإنحيازات السياسية التي ليس في أكثر الأحيان وإنما في كل الأحيان تكون نتائجها كارثية لأنها تخضع للرغبات التي لا علاقة لها بالواقع ولا بما سيتجسد مستجدات على المدى القريب والعاجل وليس على المدى البعيد .
 فالتدخل العسكري الروسي "المُقاتل" منذ اللحظة الأولى في سوريا لم يكن "فزعة" من قبل فلاديمير بوتين لبشار الأسد ونظامه بل أنه, لمن يريد أن يعرف وبعيداً عن الجهل السياسي وعن ليِّ أعناق الحقائق, قد جاء كضرورة ملحة وتحت ضغط مخاوف حقيقية وفعلية وعبارة عن هروب إلى الأمام وهذا يعني أنَّ العودة عن تحرك بكل هذا الحجم وبكل هذه الخطورة لن تكون هينة وأن روسيا إن هي لن تبادر وبسرعة إلى الخروج من هذه "الورطة" فإن تورط الاتحاد السوفياتي في أفغانستان سيصبح "مزْحة" صغيرة أمام هذا التورط .
 لم يذهب الرئيس بوتين بجيشه وبسلاحه الجوي إلى سوريا لا لمواجهة الإرهاب ولا للدفاع عن نظام بشار الأسد الذي من الناحية الموضوعية قد سقط و"شبع" سقوطاً وإنما لإغلاق ولو مؤقتاً الأبواب التي غدت تهب منها الرياح الداخلية العاتية المحملة بعدوى ما جرى في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط والمتأثرة بما كان جرى في الشيشان وداغستان فهناك في دولة الاتحاد السوفياتي السابق, بالإضافة إلى العشرين مليون مسلم في روسيا نفسها, الجمهوريات الإسلامية التي غير ممكن أن تبقى هادئة وصامته وهناك استهداف شاركت فيه موسكو منذ اللحظة للأغلبية المسلمة وهي الأغلبية السنية .
 لو أن روسيا أبقت على نفسها على مسافة واحدة من أطراف الصراع في الشرق الأوسط والمنطقة فالمؤكد أنها لن تكون بحاجة إلى هذا التدخل العسكري في سوريا والمؤكد أنها ستكون وسيطاً مرحباً به من قبل كل الأطراف لكن وأنها قد انحازت منذ البدايات التي هذا التحالف الذي أصبح يضمها ويضم إيران ونظام بشار الأسد والطرف المهيمن في النظام العراقي فإنه أمرٌ طبيعي أن تكون هناك: خطوة الهروب إلى الأمام و خطوة التدخل العسكري في سوريا الذي وصفه رئيس الوزراء الروسي بأنه دفاع عن المصالح القومية الروسية ليس في الشرق الأوسط الملتهب وإنما في المناطق التي ورثها الروس عن الاتحاد السوفياتي السابق وفي العشرين مليون مسلم الذين ينتشرون في المدن الروسية .
  ربما أن هناك من ينظرون إلى كل هذه التطورات المستجدة في الشرق الأوسط ومن بينها التدخل العسكري الروسي في سوريا على أساس أمانيهم ورغباتهم الشخصية وأيضاً انحيازاتهم السياسية السابقة القديمة عندما كان هناك الاتحاد السوفياتي "العظيم"!! لكن غشاوة العيون هذه يجب ألَّا يقع فيها بعض الذين يعتبرون أنفسهم مشاركين في صنع القرارات الصعبة الحاسمة فالحقائق يجب أن تقال بكل وضوح وصراحة وعلى أساس الواقع وليس أساس الأماني والواقع أن مغامرة فلاديمير بوتين ستكون مكلفة جداً.. والواقع هو ما أصبح يجري على الأرض وحيث بدأت عملية إغراق روسيا وجيوشها في الأوحال السورية .
 كيف بإمكان روسيا مواصلة هذا التدخل العسكري الذي تحت وطأة الاستدراج والمزيد من الاستدراج سيصبح أكبر كثيراً من حجم تدخل الاتحاد السوفياتي في أفغانستان وكل هذا والمعروف أن سعر الدولار قد تجاوز في الأسابيع الأخيرة التسعين "روبلاً" وقد دخلت المنافسة النفطية الخليجية قبل أيام قليلة فقط كل أوروبا الشرقية.. وكل هذا وهناك كل هذه العقوبات المفروضة على روسيا الاتحادية... إن هذا التواجد العسكري الروسي (المقاتل) والمتعاظم في سوريا بحاجة إلى مئات مليارات الدولار.. فكيف بالإمكان توفير هذا والخزينة الروسية مفلسة وإيران مفلسة والعراق مفلس وسوريا مفلسة؟!.. إن هذه المناورات الأطلسية في (المتوسط) لها معنى وإن ضمَّ العديد من دول أوروبا الشرقية إلى حلف الأطلسي له معنى وإن ظهور صواريخ: "لاوْ" في ساحات القتال في إدلب وحمص وحماه وحلب لها ألف معنى.. ثم وإن استمرار استدراج موسكو إلى هذا المستنقع له ألف معنى !!