الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خطاب متهالك لعقول تشبهه

خطاب متهالك لعقول تشبهه

17.11.2013
صالح إبراهيم الطريقي



عكاظ
السبت 16/11/2013
لا يحتاج خطاب الأمين العام «لحزب الله السيد حسن نصر الله» إلا لقراءة واحدة وسريعة، ليكتشف قارئه ــ إن كان عقلانيا ــ أن خطابه متهالك ومتناقض، فهو يقدم نفسه مناضلا ضد الظلم، ويدعو للثورة على الاستبداد، في الوقت نفسه يرى الشعب السوري الذي لم يعد يحتمل طغيان واستبداد النظام عدوا يقف بصف واحد مع أسرائيل .
هو كذلك يقول للأحزاب الأخرى بلبنان: «هناك فريقان في لبنان ولا خيار أمامهما في لبنان سوى التعاون، لرسم معالم مستقبل لبنان، معادلة لبنان الواقعية تقتضي أن نعترف بالشراكة والتعاون والتواصل».
ويضيف: «إن حليفينا الأساسيين هما إيران وسوريا، وهل في يوم من الأيام باعنا حليفانا أو تآمرا علينا أو طعنانا في الظهر؟»، ثم يخطاب الفريق الثاني الذي يدعوه للشراكة «كم مرة خانكم حليفكم كي لا أقول أسيادكم وباعكم في سوق النخاسة؟».
كيف يمكن تقبل فكرة أو تهمة أن الطرف الآخر خائن للبنان، في نفس الوقت «نصر الله» يؤكد أنه خائن آخر، ولكن لإيران والنظام السوري؟
قلت: لا يحتاج هذا الخطاب لقراءة عميقة لكشف تناقضاته الواضحة، كذلك لا يحتاج الكاتب تحذير العقول من مثل هكذا خطاب، فالعقول التي تؤيد الخطاب، هي لا تختلف كثيرا عن الخطاب، ومتهالكة مثله، ولا أمل في إيقاظها، لأن العقول التي لا تكتشف تهافت الخطاب ليست نائمة، بل ميتة لم يصل عليه بعد.
ورغم تهالك الخطاب والعقول التي تشببه، إلا أن المشهد العام للبنان يستحق أن تتوقف أمامه دول الربيع العربي وبقية الدول العربية، وخصوصا العراقيين الماضين في «لبننة» العراق، عليهم أن يتأملوا هذا المشهد أو الدرس المجاني طويلا، إن أرادوا خلاصهم.
فالدولة القائمة على الطائفية العرقية والدينية والمذاهبية «الرئيس من طائفة - ورئيس الوزراء من طائفة - ورئيس مجلس النواب من طائفة»، دولة تعلن فناءها وهي تبدأ بهكذا محاصصة، فالمناصب لن تجلب الكفاءات القادرة على النهوض بالأوطان وتطويرها، بل ستحضر أصحاب الولاءات العرقية والدينية.
ومن المنطقي ومع الوقت، أن تهرب الكفاءات خارج وطن لا يحترمها ولا يقدرها، فتتركه عاجزا وجاهزا لأن يخونه زعماء الطوائف، وإن ظن أحدهم أن خياناته ولاء لوطنه وليس لإيران.
وبالتأكيد لن يبقى بهذه الأوطان إلا غالبية عقولها متهالكة تقبل خطابات تشبهها.