الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خطاب نصر الله .. فضائح ومطبّات وفظاعات!

خطاب نصر الله .. فضائح ومطبّات وفظاعات!

29.05.2013
علي الرشيد


الشرق القطرية
الاربعاء 29/5/2013
رغم نبرة خطابه الانفعالية ومحاولة الظهور بمظهر القوي الواثق بنفسه والحائط الصلب الذي يستند إليه، وخصوصا عندما وعد أتباعه بالنصر في معركته الجديدة ضد الثورة السورية، فإن كلام حسن نصر الله من الضاحية الجنوبية لبيروت قبل أيام قليلة، كان ضمناً دفاعيا وتبريريا بامتياز، يحاول من خلاله رفع معنويات أتباعه وحشد التأييد لموقفه الداعم لنظام الأسد  حتى النخاع، وفي نفس الوقت يسعى لسوق الحجج ـ رغم تفاهة منطقها ـ لتدارك الهبوط الحاد الذي لحق بشعبيته، على مستوى الشعوب العربية والإسلامية بصورة لم يسبق لها مثيل من قبل، بعد انكشاف حقيقة المقاومة التي يدعيها، وافتضاح مواقفه الطائفية، واصطفافاته وأجنداته الموالية لولي الفقيه في إيران.
نصر الله وأتباع حزبه اليوم يحشرون أنفسهم منذ بداية الثورة السورية، في زاوية ضيقة حرجة، بوقوفهم ضد طاغية مستبد، وتبرير جرائمه ومجازره، وقيامهم بقتل الشعب السوري من المدنيين والثوار، سواء بدافع ذاتي منهم ، أو استجابة لتوجيهات النظام الإيراني، لذا لا غرابة أن يتواصل تخبطهم في أحاديثهم، ومحاولة ستر عورات مواقفهم، ودفع المنطقة لمزيد من التأزم والاقتتال.. ونشير فيما يلي إلى بعض هذه التناقضات التي دفعتهم للتبرير، والانتقال إلى خانة الدفاع، وإلى المطبّات التي سقطوا فيها قبل هذا الخطاب أو بسبب ما تضمنه:
ـ كان نصر الله وأتباعه يقولون بداية إن قتالهم وقتال مليشيات شيعية عراقية إنما هو بدافع حماية المقامات والمزارات الشيعية "مقام الست زينب وغيره"، مع افتراض استهدافها بالفعل، ورغم سخافة هذا المبرر، فإنه كشف تعصبهم المذهبي، فكيف سكت هؤلاء عن قصف وتدمير النظام السوري المفضوح لبيوت الله، ولم يعترضوا عليه من قبل، فضلا عن أن يهبّوا للدفاع عن حرمتها المنتهكة، بينما تبح حناجرهم لتبرير الدفاع عن مرقد أو مزار، ولمَ لم نسمع صوتا لهم عن مزاراتهم في العراق إبان الاحتلال الأمريكي، ولم لم يحرِّكوا ميلشياتهم لمقاومة المحتل وتخليص العتبات والمزارات من ربقة تدنيسه لها، أو تدنيس مساجد أهل السنة، ولكن نظرا لشدة الانتقادات بسبب هذا التعصب المذهبي اضطر في خطابه الأخير، لتجاهل ذلك، واعتبار أن قتال ميلشيات حزبه مع النظام إنما هو دفاع عن سند المقاومة: في المنطقة (النظام السوري) والإقليم "النظام الإيراني".
ـ وحتى في توسلهم بالمقاومة زورا وكذبا، ثمة ما يفضحهم ويفضح النظام الذي ينعتونه بالمقاوم. أما هم فإن طريق المقاومة واضح وبين، فحمص ليست القدس، وحيفا وما بعدها ليست القصير بكل تأكيد، فلماذا لم يقوموا مثلا بمساعدة النظام في تحرير الجولان المحتل منذ أكثر من 45 عاما، ولم لم يفعلوا شيئا إزاء انتهاكات إسرائيل ضد حليفهم قبل الثورة، ثم إذا كانت الثورة السورية تستهدف المقاومة والأنظمة المقاومة بدفع من إسرائيل وأمريكا، كما يدعي سيدهم، فلم لا يستهدفون أصل البلاء مباشرة، وهو متاح، ويوجهوا قوتهم ضده، ويحرروا لنا الجولان والأقصى، خصوصا أن لديهم من الصواريخ والطائرات بدون طيار ما يصل بهم إلى حيث يشاءون، فلم لا يحركونها بذلك الاتجاه، ويصبون حمم نيرانها باتجاه صدور الصهاينة بدلا من توجيهها إلى صدور إخوانهم وجيرانهم العرب المسلمين من أبناء الشعب السوري؟! ونفس الشيء يقال عن نظام الأسد أبا وابنا، الذي لو حرك نصف أو ربع أسلحته وعتاده التي حركها ضد شعبه لتأتّى له تحرير أرضه السليبة منذ زمن بعيد.
ـ الخطاب أكد على ما هو معروف، وهو أن ولاء هذا  حزب الله إقليمي ومقدم على انتمائه الوطني للبنان، وأنه يقدِّم مصلحة وأجندة المحور الذي ينتمي إليه والممتد من إيران إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان على مصلحة بلاده، قولا وفعلا، يتم ذلك بتحركه بصورة منفردة مخترقا سيادة حدود بلاده وبلاد دولة مجاورة، دون تشاور أو إذن من حكومة بلاده التي يعتبر جزءا منها وشريكا فيها، أو من الجيش الوطني لدولته، وقبل ذلك تحديده منفردا مصلحة طائفته والمقاومة ولبنان والجميع نيابة عنهم، ولعل هذا هو ما دفع الرئيس اللبناني ضمنا لانتقاده، نظرا لتورطه في القتال الدائر في سوريا، مؤكدا تداعيات ذلك على الوضع الداخلي في بلاده وخاصة مدينة طرابلس شمال البلاد.
ـ لإظهار رغبته في تحييد لبنان وربما حرصه عليها دعا السيد نصر الله بصفاقة الأطراف الموالية للنظام وللمعارضة للتقاتل على الأرض السورية، مع كل ما في ذلك من استخفاف بسيادة وحرمة دولة جارة ذات سيادة، واستحقار لأرواح ودماء أهلها، وكأنهم نعاج في حظيرة السيد، ومع ما في ذلك من إسقاط ضمني للنظام والدولة في سوريا ولهيبتهما بعلم أو بغير علم. وعدم ضمان بألا يصل لهيب هذه النيران للعمق اللبناني، بل ولدول أخرى في المنطقة.
ومثل هذا الكلام المراهق الذي تفوح منه رائحة النتن المذهبي والطائفي يزيد من تأجج نار العداوة والبغضاء بين الفرقاء اللبنانيين، وبين الشعبين اللبناني والسوري، وبين طوائف البلدين، ويفتح بابا واسعا لحرب مماثلة لما عانت منه لبنان، سيتضرر منها اللبنانيون والسوريون معا هذه المرة، بغضّ النظر عما إذا بقيت محصورة في الأرض السورية أو تطاير شررها للبنان ودول المنطقة. 
ـ رفع لمعنويات أتباعه بعد تزايد عدد النعوش التي تحمل جثامين مقاتلي حزبه العائدة من القصير، بعد أن كان يؤمل منهم تحقيق نصر عاجل ليحتفل به في ذكرى انتصاره على إسرائيل.
مازال في جعبتنا الكثير عن تناقضات ومغالطات نصر الله، خصوصا إذا ربطت بخطاباته السابقة الكثير. سنكتفي بهذا القدر، آملين ألا تجرّ حماقاته وإملاءات سادته في طهران على سوريا ولبنان والمنطقة مزيدا من الويلات والعذابات.