الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خلافات المعارضة السورية.. رفاهيات بلاغية

خلافات المعارضة السورية.. رفاهيات بلاغية

28.05.2013
اليوم السعودية

اليوم السعودية
الثلاثاء 28/5/2013
تظهر في الأزمة السورية حكايات غريبة وتصرفات خرقاء، أحياناً يمكن تفهمها نظراً لحالة الفوضى. ولكن غير المفهوم ولا المبرر أن تعلو الأصوات وتحتدم الخلافات في اجتماعات المعارضة السورية، فيما قوات الأسد وداعميه ورعاته تطوق مدناً سورية وتستبيح أخرى. فالخلافات في أوساط المعارضة والحالة هذه، تبدو رفاهية، وأحياناً تعبر عن اللامسئولية واللامبالاة. خاصة أن مصير سوريا والسوريين وقرارات الدول بمساعدة الثورة السورية تتوقف على أحوال الائتلاف، واستقراره ووحدة أعضائه وفصائله.
وبدا واضحاً أن خلافات المعارضة قد أعطت لنظام الأسد وداعميه ظروفاً ملائمة للعمل والانهماك بقتل السوريين وتنفيذ خططهم بهدوء لمحو الهوية العربية أو تقسيم سوريا. بل ان خلافات المعارضة السورية قللت من هيبة الثورة لدى أعداء سوريا، حتى أن حزب الله اللبناني أعلن صراحة عن وجود ميلشياته تقاتل على الأرض السورية، وجمع حشوده في مدينة القصير. وما كان حزب الله ولا أمينه ولا ممولوه يجرؤون على الإشارة إلى وجودهم في سوريا قبل هذه الأيام. ولكن الخلافات في صفوف المعارضة لم تشجع حزب الله وحده على إعلان حربه على سوريا، وإنما شجعت إيران على تشكيل فيالق إرهابية أخرى تعلن وجودها وتصور بنادقها في شوارع المدن السورية وتهدد السوريين علناً. وشجعت العراق على مساندته الطائفية لنظام الأسد، وشجعت موسكو على الممانعة والتنمر في مجلس الأمن. وشجعت الكثير من البلدان الأوروبية على الامتناع عن الموافقة على تسليح السوريين للدفاع عن أنفسهم.
وكل خلافات سياسية لها مبرراتها، لكن خلافات المعارضة السورية تبدو ملهاة، لأن الاختلافات تثور على طاولات مؤتمرات خارج سوريا، بينما فصائل الميادين التي تتلقى حمم نظام الأسد ورعاته وتبذل أرواحها في سبيل تحرير سوريا وانتصار الثورة تنتظر أن يتفق سياسيو المعارضة ليجلبوا لها المساعدات.
ولا يوجد أي مبرر للخلافات مادام أن المعارضين يقولون إنهم اختاروا النهج الديمقراطي. والتصويت في هذه الحالة هو الذي يحل كل مشاكل التمثيل في ساعات، ولا يحتاج الأمر إلى أيام من الاختلافات المحتدمة والمفاوضات الشاقة الطويلة.
وإذا كان الآخرون يقتصدون في الوقت الذي يهدرونه في مفاوضات ومناقشات وخلافات فإن المعارضة السورية لا تملك أي وقت لتهدره في مناقشات فندقية ورفاهيات بلاغية وتناطح ايديولوجيات. لأن النظام ورعاته يستثمرون كل ساعة تهدرها المعارضة ويترجمونها إلى حمم ونيران ومحارق وخطط للقتل الممنهج والتطهير الطائفي والعرقي.