الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خلخلة المشهد الإقليمي

خلخلة المشهد الإقليمي

17.10.2015
د. رحيل محمد غرايبة



الدستور
الخميس 15/10/2015
دخول روسيا على المشهد السوري بهذا الشكل الصارخ من التدخل المباشر، وإنزال قوات الجيش الروسي بشكل ميداني وبناء قواعد وإدخال الأسلحة الروسية الحديثة، يجعل المشهد مفتوحاً على مزيد من الاحتمالات العديدة، وغير المحسوبة، ويقلب الموازين بطريقة غير عادية.
روسيا كانت تتبنى منهج عدم استخدام القوة الدولية في حل المشكلة السورية، وعندما استخدم النظام السلاح الكيماوي، أعلنت أمريكا أنها ستتدخل بشكل مباشر، ولكن روسيا أعلنت تمسكها بالحل السياسي، وأن استخدام القوة المباشرة سوف يعقد المشهد السوري، وسوف يؤدي إلى تطورات غير محسوبة، مما جعل روسيا تتدخل من أجل إتمام صفقة تسليم سوريا لأسلحتها الكيماوية تحت إشراف خبراء دوليين، وتم تعطيل التدخل الأمريكي وقت ذاك.
الآن روسيا تناقض منهجها وتعمد إلى اتخاذ قرار التدخل المباشر، مما يفتح المجال أمام طرح مجموعة تساؤلات مهمة، والإجابة عليها يزيل اللبس عن هذا التحول المثير على صعيد الأزمة السورية، فهل كان التدخل الروسي خارج سياق التنسيق الدولي؟ وهل كان بإرادة روسية منفردة؟
من خلال قراءة ردة الفعل الأميركية والغربية إزاء التدخل الروسي، تظهر ملامح لهجة باردة، لا تحمل مؤشرات القلق، كما أن التدخل جاء بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني الذي جعل إدارة المشهد الإقليمي خاضعاً لتوافق دولي، مما يؤدي إلى  نتيجة شبه مؤكدة تشير باتجاه التوافق الدولي على التدخل الروسي، في ظل عدة معطيات أخرى تؤكد هذا الرأي، منها ضعف المعارضة السورية المعتدلة وعدم قدرتها على تشكيل بديل مقنع، وظهور المنظمات المتطرفة والموغلة في التطرف زاد الطين بلة، وهذا مما نجح فيه النظام بالتعاون مع إيران وبقية القوى الإقليمية في إفساح المجال أمام ظهور هذه القوى التي شكلت إحراجاً لكل الأطراف التي تسعى إلى تغيير النظام، مما أدى إلى توافق روسي أمريكي عالمي على أن النظام السوري وجوده أفضل من احتمال مجيء المتطرفين إلى سوريا، مما ينقلنا حتماً إلى احتمال إعطاء الدور لروسيا في دعواها للقضاء على المعارضة المتطرفة في سوريا، وأنها سوف تقضي على جميع أنواع المعارضة تحت هذا الغطاء، مما سيؤدي حتماً إلى تقوية النظام في معركة المفاوضات القائمة، حيث أن روسيا تتبنى منهج أن يكون الحل عن طريق النظام السوري القوي والجيش السوري القوي والمنتصر، ومن ثم فرض الحل من وجهة نظر الفريق المنتصر.
إذا صح هذا الاحتمال فهو يمثل بعثرة لكل أوراق المشهد، وسوف يؤدي إلى إثارة المشاكل والقلاقل لدى الدول المجاورة بكل تأكيد، وسوف يؤدي إلى هجرة قهرية للعصابات المتطرفة باتجاه الشمال والجنوب.
إشعال المنطقة يبدو احتمالاً قادماً، وإثارة مشكلة الأكراد في تركيا سوف تشكل محوراً من محاور المرحلة القادمة، خاصة في ظل الاتفاق الروسي – الاسرائيلي على ضمان أمن اسرائيل، وعدم تأثرها بالتطورات القادمة.
نحن بحاجة إلى قراءة المشهد بمزيد من الحذر من أجل صياغة موقف أردني موّحد إزاء الأزمة السورية وتطوراتها من أجل حفظ المصالح الوطنية الأردنية العليا، وهذا يدفع الشروع بصياغة موقف رسمي شعبي موّحد، يجعلنا جميعاً على أهبة الاستعداد إزاء أي تحول خطر، ينقل شرر الأزمة باتجاه الحدود الأردنية، خاصة إذا تم قراءة تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (كلينتون) التي تحدثت عن غموض يلف مستقبل المنطقة كلها